.فضل الله في إفطار التآخي في صور: لا يمكن مواجهة العدو بأرض رخوة لا وحدة فيها

رعى العلامة السيد علي فضل الله الإفطار الرمضاني الذي أقامه مركز التآخي الطبي في بلدة عين بعال الجنوبية في مطعم الجواد في مدينة صور في حضور رئيس بلدية عين بعال السيد حاتم بسما ومدير عام المراكز الحاج حسين حسون وعدد من الفاعليات البلدية والثقافية والاجتماعية وإعلامية ومدراء مستشفيات والكادر الطبي والإداري والعاملين في المركز.
استهل الحفل بآيات من القرآن الكريم فالنشيد الوطني، ثم القى مدير مركز التآخي الطبي في بلدة عين بعال وسام بنجك كلمة شكر فيها الحضور مشيرا إلى أهمية هذه المراكز والخدمات التي تقدمها للتخفيف من معاناة الناس والوقوف إلى جانبهم في هذه الظروف الصعبة متحدثا عن المبادرات الاجتماعية التي أطلقتها المراكز والتي سوف تطلقها قريبا.
ثم القى العلامة فضل الله كلمة قال فيها: نلتقي مجددا في هذه الأرض الطاهرة، مدينة صور التي تفوح بعبق دماء الشهداء، وأريج مداد العلماء مدينة السيد عبد الحسين شرف الدين والإمام السيد موسى الصدر المدينة التي تحطمت على شواطئها اساطيل الغزاة التي جاءت لحصارها ولم تستطع النيل منها وشكلت في كل مراحل تاريخها وحاضرها نموذجا في التلاقي والتواصل والتعايش.
وأضاف: نلتقي في رحاب شهر تتجلى فيه الرحمة الإلهية بأبهى معانيها وصورها حين تتحول الأنفاس إلى تسابيح، ويغدو النوم عبادة، ويصير الدعاء الذي تفتح فيه خزائن الله الواسعة مستجاباً… والعمل الذي يخشى من عدم قبوله يقبل وبدون أية عقبات، أما الأجر، فهو يضاعف أضعافا كثيرة.
وتابع: هنا تبرز أهمية هذا اللقاء الذي نجتمع فيه في لقاء الخير لنعبر من خلاله عن إنسانيتنا والتزامنا بالوقوف في هذا الشهر المبارك إلى جانب كل أولئك الذين عصفت بهم الظروف ممن يحتاجون إلى يد حنونة تمتد إليهم وتزيل عنهم الهم..
ونحن هنا لا بد من أن نقدر كل أيادي الخير التي لم تبخل بعطاءاتها، فمركز التآخي في في عين بعال شاهد على هذه العطاءات وما كان ليؤدي دوره وتميزه ويسد حاجة هذه المنطقة لولا أولئك الذين بذلوا واعطوا من قلبهم وهم عندما اعطوا لم يعطوا منة بل لوجه الله لا يريدون جزاء ولا شكورا…
وأردف: إننا في مرحلة احوج ما نكون فيها إلى التكاتف والتلاقي والتعاون على مختلف المستويات، حتى نكون قادرين على مواجهة تحديات هذه المرحلة حيث نواجه فيها تحديات خطيرة ماثلة أمامنا على مستوى لبنان والمنطقة ؛ التحدي الأول هو العدو الصهيوني المستمر بعدوانه على البلد من دون أي رادع من ضامني وقف اطلاق النار والدول الراعية له وبعد ان اعطي الضوء الأخضر ليفعل ما يريد ما يجعله يملك حرية الحركة فيه للحصول على مكاسب أمنية وسياسية تمس أمن هذا الوطن وسيادته والتحدي الثاني هو الواقع المعيشي الصعب والذي جاء العدوان الصهيوني ليزيد من آثاره وتداعياته والتحدي الثالث هو تحدي بناء دولة قوية عادلة قادرة على استعادة سيادة الوطن وإخراج إنسانه من أزماته وإعمار ما تهدم نتيجة العدوان الصهيوني.
ورأى أن مواجهة هذه التحديات، لا يمكن أن تنجح بالاستناد إلى أرض رخوة، بل إلى أرض صلبة وإلى إرادة لا تلين والمدخل إلى ذلك هو العمل على تعزيز وحدتنا الداخلية ان على الصعيد الرسمي أو الشعبي والخروج من حال الانقسام التي سمحت وتسمح للذين يريدون العبث بأمن هذا البلد أن يجدوا لهم مجالا رحبا لهم:
ودعا إلى الخروج من لغة التخوين والتخوين المضاد، والاتهام والاتهام المضاد.. ومن الكلام الموتر والمستفز الذي أرهق واقعنا وشتت شملنا وان يعي الجميع أننا في مركب واحد، إذا غرق، فإننا نغرق جميعا، ولن تسلم طائفة أو مذهب أو موقع سياسي وان لا خيار لنا إلا أن نعيش معاً
وقال: إننا لا ننكر حجم الضغوط الهائلة التي قد نتعرض لها ولكننا لسنا ضعفاء عندما تتوحد جهودنا ونقف معا في مواجهتها ويشهد على ذلك تاريخنا القريب عندما طردنا العدو الصهيوني من هذه الأرض المباركة.
وأكد على الاستمرار في الدور الذي بدأناه في خدمة الإنسان ورفع المعاناة عنه لنجدد عهدنا بمتابعة هذه المسيرة رغم كل الظروف الصعبة التي تواجه مثل هذه المؤسسات والاعباء التي تتحملها في سبيل ذلك سنتابعها معا وسنكثف جهودنا في هذا الطريق تعبيرا عن وفائنا لشعبنا المضحي والذي قدم اغلى ضور الثبات والصمود رغم حجم الالام والجراح واعداد الشهداء والتهديم للبيوت والبنى التحتية ولنكون أوفياء للذين ساهموا في إنشاء هذا المركز وفي استمراره من خلال الحفاظ على جودة العمل وان يكون الاحسن في الميدان الطبي الذي يعمل فيه وان يكون لكل الناس وفي خدمتهم وللفقير كما الغني.
وختم كلامه بالشكر للأطباء والموظفين والعاملين في هذا المركز.. مقدراً جهودهم وتفانيهم ليكونوا في خدمة من يحتاجون إليكم رغم كل الظروف الصعبة التي تواجهونها.
كما الشكر المجلس التنفيذي للمراكز وللأخ الحاج حسين حسون وللفريق العامل معه وشكرا أيها الأحبة لحضوركم رغم كل الظروف سائلين المولى لكم دوام التوفيق وإلى لقاءات جديدة…
[12:48 م، 2025/3/17] عمرو: ليلة القدر.. ليلة البركات والعطاءات
العلامة السيد علي فضل الله
قال الله في كتابه العزيز: {حم* وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}. صدق الله العظيم.
ساعات تفصلنا عن ليلة ميَّزها الله عن بقيَّة ليالي شهر رمضان، بل عن بقيّة ليالي السّنة، بما أودع فيها من الفضل والبركة والثّواب الكبير.
مكانة ليلة القدر
وقد أشار الله سبحانه إلى عظيم موقعها عنده، عندما قال: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.
فهذه اللّيلة هي في حسابات الله خيرٌ من ألف شهر، أي أنّ إحياء هذه اللّيلة بكلّ شروط الإحياء، يوازي عبادة ثلاثة وثمانين عاماً، وهذا ثواب أيّما ثواب.
وقد أشار الله سبحانه إلى التّكريم الذي أحاط به عباده في هذه اللّيلة، حين كشف عن تنزّل الملائكة والرّوح فيها ـ ويقصد بالرّوح كما أشارت الأحاديث، جبريل الذي كان يتنزّل على الأنبياء والرّسل، والذي يسمّى الرّوح الأمين. وقيل إنّ الروح مخلوق عظيم يفوق الملائكة ـ إلى السَّماء الدنيا، ليفيضوا على ما فيها أمناً وسلاماً وطمأنينة، وليحملوا دعاء الداعين وابتهالاتهم إلى خالقهم.
وفي آية أخرى، أشار الله إلى أمرٍ آخر يحصل في هذه اللّيلة، عندما قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}.
فهذه اللّيلة هي التي تعيّن فيها مقدّرات العباد لسنة كاملة؛ من حياة وموت، وخير وشرّ، وسعادة وشقاء، وصحة ومرض، وعزّ وذلّ، وعطاء وحرمان…
ومن هنا، تبرز أهميّة أن يكون الإنسان حاضراً في هذه اللّيلة التي تستجاب فيها الدعوات، وتقبل فيها الطلبات. فبالدعاء والابتهال إلى الله سبحانه، يستطيع الإنسان تغيير ما كان سيُقضى له، لأنّه بالدّعاء يدفع البلاء، ويردّ القضاء وقد أبرم إبراماً.
وما يزيد من شرف هذه اللّيلة، هو نزول القرآن فيها، وهو ما أشار إليه الله عندما قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}.
{حم* وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ}، ليكون القرآن الكريم هدى للنّاس وشفاء لما في صدورهم، وليخرجهم من ظلمات الجهل والتخلّف والعصبيّات إلى نور الإيمان.
القرآن وليلة القدر!
وهنا قد يطرح التّساؤل: كيف تتحدّث الآية عن نزول القرآن الكريم في ليلة القدر، فيما نحن نعلم أنّ القرآن الكريم لم ينزل دفعة واحدة، بل على مراحل؟ فقد استمرّ نزوله منذ بعث النبيّ (ص) إلى حين مغادرته الحياة، وكثيراً ما كان رسول الله (ص) يقول عندما تثار عليه التّساؤلات، إني أنتظر أمر ربي، فكان جبريل ينزل بالقرآن ليبيّن لرسول الله (ص) الموقف.
وقد ورد في تفسير ذلك عدّة آراء؛ فهناك من المفسّرين من قال إنّه في هذه اللّيلة نزل القرآن الكريم من اللّوح المحفوظ إلى السّماء الدنيا، وبعد ذلك بدأ نزوله بالتّدريج، وعلى مراحل، وهناك من قال إنّ القرآن الكريم بدأ نزوله في هذه اللّيلة على رسول الله (ص)، أي أنَّ جبرائيل نزل على رسول الله (ص) في غار حراء بآية “اِقرأ” في هذه اللّيلة. ويعزّز هؤلاء رأيهم بأنَّ النبيّ (ص) كان يتعبّد في غار حراء خلال شهر رمضان، وكلمة القرآن تطلق على آيات من القرآن، كما تطلق على القرآن كلّه.
فيما قال بعض آخر، أنَّ القرآن نزل في هذه اللّيلة على قلب رسول الله (ص) ليعي القرآن بتمامه، وبعد ذلك، بدأ النّزول التدريجيّ، وحسبما تقتضيه الظروف، والذي استمرّ لثلاث وعشرين سنة.
وقد أشارت الأحاديث إلى ما أودع الله في هذه اللّيلة من فضل، فعن رسول الله (ص): “من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدّم من ذنبه”.
وقال (ص)، عندما كان يُعِدُّ النّاس لقدوم شهر رمضان: “إنَّ هذا الشَّهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخيرَ كلَّه، ولا يُحرَم خيرُها إلا محروم”.
متى ليلة القدر؟
لكنّ السّؤال الذّي يُطرَح دائماً عند الحديث عن ليلة القدر: متى ليلة القدر؟ ولماذا هذا الاختلاف الوارد حولها؟ فهي مع كونها ليلة واحدة، فإنّنا نحييها ثلاث ليال، وهناك من يحييها عشر ليال، وهناك من ذكر أنّها ليلة التّاسع عشر، وهناك روايات أخر أنها ليلة الواحد والعشرين، وهناك من ذكر أنها في الثّالث والعشرين، وهناك روايات أنّها في السّابع والعشرين.. وهناك روايات تدعو إلى التماسها في العشر الأواخر من شهر رمضان، أي لم يحدَّد لها يوم واحد.
ولعلّ في هذا الاختلاف في تعدّد الروايات حكمة وغاية، وهي دفع المؤمنين إلى إحياء هذه اللّيالي، حتى لا يفوتهم خيرها وبركاتها.
فكما أخفى الله رضاه بين أنواع الطّاعات كي يتّجه الناس إلى أداء جميع الطاعات، وأخفى غضبه بين المعاصي كي يتجنَّب العباد جميعها، وأخفى أحبّاءه بين النّاس كي يحترم كلّ الناس، وأخفى الإجابة بين الأدعية لتقرأ كلّ الأدعية، وأخفى الاسم الأعظم بين أسمائه كي تعظم كلّ أسمائه، وأخفى وقت الموت كي يكون الناس دائماً على استعداد له، أخفى الله هذه اللّيلة بين كلّ هذه اللّيالي حتى نحييها جميعها.
ولكنّ هذا لا يعني أن ليس من ترجيح، فقد ورد عن أحد أصحاب رسول الله (ص)، عندما جاء إليه من أقاصي المدينة، أنّه سأله: يا رسول الله، أريد أن أحيي معك ليلة القدر، وأنا لا أقدر أن أحيي كلّ ليلة.. لكون رسول الله (ص) وأصحابه كانوا يحيونها طوال العشر الأواخر من شهر رمضان، فمرني بليلة واحدة كي أحظى ببركاتها معك، فهمس رسول الله (ص) في أذنه بكلمات. ويذكر أنّ هذا الصحابي جاء في ليلة الثالث والعشرين، فعرف المسلمون أنها ليلة الثّالث والعشرين.
ليلة البركات
لكن أيّها الأحبة؛ هذه اللّيلة التي أودعت فيها كلّ هذه البركات والعطاءات، لن تأتي بالمجان، فالله عوّد عباده أن يعطيهم بعد أن يقوموا بمسؤوليّاتهم، فهو دعاهم حتى ينالوا البركات والخيرات والثّواب الجزيل، إلى إحياء هذه اللّيلة، بما ورد فيها من الدّعاء والذّكر والصّلوات المستحبّة، ولن يحظى البطّالون والنائمون والسّاهون ببركاتها.
لذلك أيّها الأحبَّة، لا بدَّ أن نسجّل حضورنا الفاعل في هذه اللّيلة؛ ليلة الثالث والعشرين، لأنها على الأغلب، كما نرى، هي ليلة القدر، بأن نعتبر كلّ دقيقة منها ثمينة، ليس هناك من شيء أثمن منها، أن لا يشغلنا عنها شاغل، فنقبل عليها كما يريد الله سبحانه، بقلوب نقيّة صافية، قد تطهّرت من كلّ ما يعكّر صفو القلوب، ولنتوجَّه إليه بألسن طاهرة، وبنفوس قد تخفَّفت من أثقال الذّنوب والعيوب، وأزالت كلّ ما يحجبها عن خالقها، وكلّ ما يحبس الدّعاء والذّكر من أن يصل إليه، بأن نتوب إليه من ذنوبنا وإساءاتنا تجاه الله وتجاه الناس، وأن نجلس بين يديه جلوس العبد الذّليل الخاشع المقبل على ربٍّ بيده ملكوت الدنيا والآخرة.
فلنعمل على إحياء هذه اللّيالي في بيوتنا، بعدما كنّا حريصين على أن نتلاقى لإحيائها في المساجد، لنجلس مع عائلاتنا، ونتوجَّه إلى الله سبحانه وتعالى بدعواتنا، أن يقينا من الفيروس الذي يريد أن يعبث بصحّتنا وحياتنا، ومن الفيروسات الكثيرة التي تريد أن تخرّب عقولنا وأفكارنا وإيماننا وتهدّم علاقتنا بالله، وأن يهدينا سواء السّبيل، وأهمّ ما في ذلك، أن يعتقنا من النّار، ويجعلنا من الفائزين بالجنّة.
وليكن لنا دعاء خاصّ للمرضى الذي أصيبوا بهذا الوباء، ولكلّ الذين يعملون على وقاية المجتمع منه، والذين يعملون على العلاج، وكلّ الذين يبذلون المال من أجل التَّخفيف عن النّاس في هذه المرحلة الصّعبة، وسدّ حاجاتهم.
فرصة علينا اغتنامها
إنّ نجاحنا في استجلاب بركات ليلة القدر علينا، لن يكون بظواهر كونيّة تتراءى لنا، بل عندما يستجيب الله دعاءنا، ونصبح أكثر قرباً منه تعالى، وأكثر شعوراً بالمسؤوليّة تجاهه، وأكثر إنسانيّة وأكرم أخلاقاً وأحسن عملاً… هو أن نفي بما عاهدنا عليه الله؛ عندما ندعوه: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ فِي مَقامِي هَذَا مِنْ كَبائِرِ ذُنُوبِي وَصَغائِرِها، وَبَواطِنِ سَيِّئاتِي وَظَواهِرِها، وَسَوالِفِ زَلّاتِي وَحَوادِثِها، تَوْبَةَ مَنْ لا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِمَعْصِيَةٍ، وَلا يُضْمِرُ أَنْ يَعُودَ فِي خَطِيئَةٍ”، وعندما نتمثّل في نفوسنا هذا الدّعاء الذي نقرأه في هذه اللّيلة: “وسدِّدني لأن أُعارض من غشَّني بالنُّصح، وأُجزيَ من هجرني بالبرِّ، وأُثيبَ من حرمني بالبذل، وأُكافئَ من قطعني بالصِّلة، وأُخالف من اغتابني إلى حسنِ الذِّكر، وأن أشكر الحسنة وأُغضيَ عن السَّيِّئة”، وعندما نرى أنّنا بتنا أكثر التزاماً بالمضامين التي تضمّنتها السّور التي نقرأها في هذه اللّيلة؛ العنكبوت والرّوم والدّخان، وأكثر ارتباطاً بالقرآن وبالنبيّ (ص) وبالأئمّة (ع). وبدون ذلك، لن ننال النتائج المباركة الّتي نرجوها في هذه اللّيلة.
هي فرصة ثمينة لا يفوِّتها الواعون، فلنصبِّر أنفسنا عليها، حتّى نحظى بما قاله عليّ (ع): “صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً، أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً”.
“اللَّهمَّ ووفِّقني فيه لليلة القدر على أفضل حالٍ تحبّ أن يكون عليها أحد من أوليائك وأرضاها لك، ثمّ اجعلها لي خيراً من ألف شهر، وارزقني فيها أفضل ما رزقت أحداً ممن بلّغته إيّاها وأكرمته بها، واجعلني فيها من عتقائك من النّار وسعداء خلقك، الّذين أغنيتهم وأوسعت عليهم من الرّزق، وصنتهم من بين خلقك ولم تبتلهم، وممن مننت عليهم برحمتك ومغفرتك ورأفتك وتحنّنك وإجابتك ورضاك ومحبّتك وعفوك وطولك لا إله إلا أنت، برحمتك يا أرحم الرّاحمين”.