بأقلامنا

المال السياسي يحكم اميركا والعالم ومصير البشر بقلم د. شريف نورالدين

بتاريخ: ١٥ / ٩ / ٢٠٢٤

 

العالم تتشابك فيه خيوط المال والسياسة، لتتشكل قصة من نوع خاص؛ قصة تُظهر كيف يمكن للأموال أن ترفع أو تُسقط، أن تُصعد أو تُقيل في كل حملة انتخابية وكل قرار سياسي، يمكن للمال أن يكون لاعبًا رئيسيًا في ساحة المعركة التي يتقاطع فيها الطموح بالمصلحة العامة، هنا يصبح المال ليس مجرد أداة، بل قوة قادرة على توجيه الأقدار وتغيير مسارات التاريخ، ففي وقت تَصطف فيه الأحزاب والمرشحون على أبواب صناديق الاقتراع، نرى كيف تُكتب القوانين وتُتخذ القرارات تحت ضوء ساطع من الأموال التي تضيء طريق الأمل أو تُظلم طريق الحقيقة، إن المال السياسي ليس مجرد رقم يُضاف إلى الميزانيات؛ بل هو عنصر حاسم يُعيد تشكيل قواعد اللعبة السياسية، مما يدفعنا للتساؤل: هل نحن نعيش في عالم تسوده القوانين والعدالة، أم في ساحة يتلاعب فيها المال بمصائر الشعوب كنموذج شيلدون ومريم أديلسون في دعمهم المالي لحملات ترامب وأثره السياسي على أميركا وقراراتها حول العالم؟

* ماهية المال السياسي: يشير الى استخدامه في الأنشطة السياسية بهدف التأثير على العملية السياسية أو القرارات الحكومية، ويشمل ذلك تمويل الحملات الانتخابية، ودعم الأحزاب السياسية، وشراء الولاءات، ودفع الرشاوى لتحقيق مصالح شخصية أو حزبية أو اهداف كبرى تحدد مصير دول وشعوب على غرار ما حصل ويحصل في فلسطين…

– المال الانتخابي: هو فرع من المال السياسي، ويختص بالأموال التي تُستخدم تحديدًا في الحملات الانتخابية، ويتم توجيه هذه الأموال لدعم المرشحين في الانتخابات، من خلال تمويل الإعلانات، الدعاية، وتنظيم الفعاليات، كما يُستخدم أحيانًا بشكل غير قانوني لشراء الأصوات أو التأثير على الناخبين.

– سلطة ونفوذ المال السياسي والانتخابي:
١- التأثير على القرارات السياسية: عندما يتمكن أصحاب المال من تمويل الحملات السياسية، فإنهم في كثير من الأحيان يكونون قادرين على التأثير على القرارات السياسية والقوانين بما يخدم مصالحهم.

٢- التلاعب بالعملية الانتخابية: المال الانتخابي يمكن أن يؤدي إلى شراء الأصوات، مما يضر بنزاهة العملية الانتخابية ويُضعف الديمقراطية.

٣- إقصاء المرشحين الفقراء: المال السياسي قد يحد من قدرة المرشحين غير القادرين ماليًا على التنافس، مما يتيح الفرصة للأثرياء أو الممولين من النخب للتحكم في العملية السياسية.

٤- إفساد العملية الديمقراطية: عندما يلعب المال دورًا كبيرًا في الانتخابات والسياسة، يمكن أن يؤدي إلى الفساد وإضعاف المؤسسات الديمقراطية، حيث يتم تفضيل المصالح الخاصة على المصلحة العامة.

٥- التأثير على الرأي العام: من خلال تمويل الإعلام والدعاية، يمكن لأصحاب المال توجيه الرأي العام والتأثير على نتائج الانتخابات والسياسات المتبعة.

– المخاطر والتحديات:
١- الفساد السياسي: المال السياسي قد يقود إلى ممارسات فساد، حيث يصبح التأثير المالي هو العامل الرئيسي في اتخاذ القرارات السياسية.

٢- تأثير النفوذ الخارجي: قد يؤدي تدفق المال الانتخابي من مصادر خارجية إلى تهديد سيادة الدولة.

٣- عدم المساواة في التنافس: يزيد المال السياسي من تفاوت الفرص بين المرشحين في المنافسة الانتخابية.

باختصار، المال السياسي والانتخابي يمكن أن يكون له تأثير كبير على العملية السياسية، ولكنه يحمل أيضًا مخاطر كبيرة على الديمقراطية والنزاهة في ظل قوانين تسمح باستخدام المال من تبرعات ودعم في الحملات التنخابية كما يحصل في اميركا.

في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يُنظم التبرع بالمال للمرشحين من خلال مجموعة من القوانين واللوائح التي تهدف إلى ضمان نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها. إليك نظرة عامة حول كيفية تنظيم التبرعات للمرشحين الرئاسيين:

* قوانين اميركا في تبرع ودعم المرشح الرئاسيي:

– الحدود القصوى للتبرعات الفردية: يمكن للفرد التبرع بما يصل إلى 3,300 دولار للمرشح الواحد لكل انتخابات (الانتخابات التمهيدية والعامة). هذا يعني أنه يمكن للفرد التبرع بمبلغ إجمالي قدره 6,600 دولار إذا شارك في كل من الانتخابات التمهيدية والعامة للمرشح.

– اللجان السياسية: يمكن للمرشحين استخدام تبرعاتهم من خلال لجان الحملات الانتخابية، المعروفة بـ “لجان الحملات الرئاسية”، وهذه اللجان تقوم بجمع وتوزيع الأموال لدعم الحملة الانتخابية للمرشح.

– التمويل العام: في الانتخابات الرئاسية، يمكن للمرشحين قبول التمويل العام إذا كانوا يلتزمون بالحدود المقررة للإنفاق على حملاتهم. التمويل العام هو أموال تُخصص من الحكومة الفيدرالية لدعم الحملات الانتخابية للمرشحين، للمرشحين الرئاسيين الذين يقبلون التمويل العام، يجب عليهم الالتزام بحدود الإنفاق المحددة.

– اللجان المستقلة: بعد قرار المحكمة العليا في قضية Citizens United v. FEC في عام 2010، يمكن للأفراد والشركات تأسيس “اللجان المستقلة” (Super PACs) لدعم أو معارضة المرشحين، دون حدود على مبلغ التبرعات، وهذه اللجان يمكنها أن تنفق مبالغ كبيرة بشكل مستقل لدعم المرشحين، بشرط ألا يكون هناك تواصل مباشر مع الحملات.

– الشفافية والإفصاح: يُطلب من المرشحين وكافة اللجان السياسية الكشف عن جميع التبرعات التي تتجاوز مبلغًا معينًا، وهو عادة 200 دولار، كما يتعين على الحملات والإدارات تقديم تقارير دورية تفصيلية عن مصادر التبرعات واستخدامها.

– التحديات والانتقادات:
١- التأثير الكبير للأثرياء والشركات: يمكن للأموال الكبيرة التي تُنفق من خلال اللجان المستقلة أن تعزز تأثير الأثرياء والشركات في الانتخابات، مما يثير القلق بشأن المساواة والنزاهة في العملية الانتخابية.

٢- الإفصاح غير الكافي: رغم وجود قوانين الإفصاح، لا يزال هناك قلق بشأن كيفية تتبع الأموال ومصادرها بدقة، وخاصة في ظل التبرعات عبر اللجان المستقلة.

بوجه عام، رغم أن النظام القانوني في الولايات المتحدة يهدف إلى تنظيم التبرعات وضمان الشفافية، فإن تأثير المال في الحملات الرئاسية لا يزال موضوعًا مثيرًا للجدل ويشكل تحديًا مستمرًا لنزاهة العملية الديمقراطية.

* عالم المال في السياسة الأمريكية: يتجلى النفوذ السياسي ليس فقط في صناديق الاقتراع، بل أيضًا في ثروات الأفراد الذين يقفون خلف الحملات الانتخابية الكبرى، ومن بين أبرز الشخصيات التي أثرت بعمق على المشهد السياسي في العقد الأخير كان شيلدون أديلسون وزوجته مريم، اللذان لعبا دورًا حاسمًا في دعم الرئيس السابق دونالد ترامب، لم يكن دعمهما مجرد تبرعات مالية ضخمة، بل انعكس في توجهات سياسية واستراتيجية عززت أجندات محددة، أبرزها تعزيز العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية ودعم السياسات المحافظة التي تتماشى مع تحقيق ألهدف، ومن أكبر داعمي حملات دونالد ترامب الانتخابية ماليًا تشمل عددًا من الشخصيات والشركات الكبيرة.

– روبرت ميرسر وعائلته: الملياردير الأمريكي ومدير صندوق التحوط، يُعتبر واحدًا من أهم داعمي ترامب في انتخابات 2016، حيث ساهم بملايين الدولارات في دعم حملته، كما دعم منصات إعلامية مثل “بريتبارت” التي كانت مؤيدة بشدة لترامب.

– برنارد ماركوس: المؤسس المشارك لمتجر “هوم ديبوت”، كان داعمًا كبيرًا لترامب في حملاته الانتخابية من خلال التبرعات المباشرة لحملته واللجان السياسية المتحالفة معه.

– مجموعة صناعات كوخ (Koch Industries): رغم أنهم لم يكونوا داعمين مباشرين بقوة في انتخابات 2016، إلا أنهم يُعتبرون من أبرز المانحين في السياسة الأمريكية، ويُعتقد أن لهم تأثيرًا غير مباشر على بعض جوانب حملة ترامب.

– بيتر ثيل: المؤسس المشارك لشركة “باي بال” والمستثمر الشهير، قدم دعمًا ماليًا لترامب في انتخابات 2016 وكان أحد القلة من وادي السيليكون الذين أعلنوا دعمه بشكل صريح.

بالإضافة إلى هؤلاء الأفراد، لعبت لجان العمل السياسي (Super PACs) دورًا كبيرًا في تمويل الحملات الانتخابية لترامب.

– شيلدون أديلسون (Sheldon Adelson) وزوجته مريم (Miriam Adelson) كانا من أبرز داعمي الحملات الانتخابية لدونالد ترامب ماليًا، وهما من بين أكبر المانحين للجمهوريين بشكل عام، لذا تبرعاتهم السخية أثرت بشكل كبير على المشهد السياسي الأمريكي.

*الهوية والسيرة الذاتية: شيلدون غاري أديلسون (Sheldon Gary Adelson) هو رجل أعمال أمريكي وملياردير، ولد في 6 أغسطس 1933 في بوسطن، ماساتشوستس من والدان يهوديان، وتوفي في 11 يناير 2021 عن عمر يناهز 87 عامًا، وكان يمتلك ويدير مجموعة “Las Vegas Sands” التي تشمل كازينوهات وفنادق في لاس فيغاس، ماكاو، وسنغافورة.

– السيرة المهنية: نشأ أديلسون في أسرة فقيرة، وكان والده سائق سيارة أجرة بينما كانت والدته تدير متجراً صغيراً للحياكة. بدأ رحلته التجارية في سن مبكرة عندما عمل بائعًا للصحف وهو في الثانية عشرة من عمره، مع مرور الوقت، حقق أديلسون نجاحات كبيرة في عدة مجالات، بدأ استثماره في صناعة الكازينوهات والفنادق عندما اشترى فندق “Sands” في لاس فيغاس في عام 1989، لاحقًا، قام بتطوير “The Venetian” في لاس فيغاس، وهو فندق وكازينو فخم يُعتبر من بين الأفضل في العالم.

توسع أديلسون خارج الولايات المتحدة ليشمل مشاريعه منطقة ماكاو في الصين، حيث أصبحت شركته واحدة من أبرز اللاعبين في صناعة الكازينوهات الآسيوية. كما توسع في سنغافورة مع مشروع “Marina Bay Sands”، الذي يُعتبر أحد أكبر المشاريع السياحية في آسيا.

– الثروة والنفوذ: وصلت ثروة شيلدون أديلسون إلى أكثر من 35 مليار دولار قبل وفاته، مما جعله واحدًا من أغنى الأشخاص في العالم.
كان أديلسون معروفًا بنشاطه السياسي والدعم المالي الذي قدمه للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة. إلى جانب دعمه لدونالد ترامب، قدم أديلسون دعمًا ماليًا كبيرًا لعدة مرشحين جمهوريين، بالإضافة إلى قضايا متعلقة بإسرائيل.

– الارتباط بإسرائيل: شيلدون أديلسون كان داعمًا قويًا لإسرائيل وللسياسات المؤيدة لها، قدم تبرعات ضخمة لمؤسسات وجمعيات إسرائيلية، مثل Birthright Israel، التي تموّل زيارات الشباب اليهودي إلى إسرائيل لتعزيز الهوية اليهودية، وكان أيضًا يملك صحيفة “إسرائيل اليوم” (Israel Hayom)، وهي صحيفة إسرائيلية يومية واسعة الانتشار تدعم سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

* الهوية والسيرة الذاتيةمريم أديلسون (Miriam Adelson): المولودة باسم مريم فارشتاين، ولدت في 10 أكتوبر 1945 في تل أبيب من والدان يهوديان الاصل هاجر من من بولندا الى الكيان منذ تأسيسه، وهي طبيبة متخصصة في علاج الإدمان وناشطة اجتماعية، وحاصلة على الجنسية الأمريكية بعد زواجها من شيلدون أديلسون.

– السيرة المهنية: حصلت مريم على شهادة في الطب من الجامعة العبرية في القدس، وتخصصت في مجال طب الإدمان. أسست مع زوجها شيلدون مراكز علاجية في الولايات المتحدة وإسرائيل لعلاج مدمني المخدرات، تُعتبر واحدة من أبرز الشخصيات المؤثرة في الأوساط الطبية الأمريكية والإسرائيلية. لها إسهامات كبيرة في مجال الأبحاث الطبية المتعلقة بعلاج الإدمان.

– النشاط السياسي والاجتماعي: بعد زواجها من شيلدون أديلسون في عام 1991، أصبحت مريم شريكة في جميع جوانب حياته، بما في ذلك العمل والدعم السياسي، كانت داعمة قوية للسياسات المؤيدة لإسرائيل الاكثر تطرفا في الولايات المتحدة، وقدمت تبرعات كبيرة للحزب الجمهوري والجمعيات الخيرية اليهودية.

حصلت مريم على وسام الحرية الرئاسي من الرئيس دونالد ترامب في عام 2018، وذلك تكريمًا لإسهاماتها.

– التأثير والوراثة: بعد وفاة شيلدون أديلسون، ورثت مريم حصة كبيرة من ثروته وأصبحت واحدة من أغنى النساء في العالم، على الرغم من وفاة زوجها استمرت مريم في لعب دور مؤثر في السياسة الأمريكية والإسرائيلية، واستمرت في تقديم دعم مالي كبير للجمهوريين وللقضايا اليهودية.

– العلاقة بينهما: التقى شيلدون ومريم في أواخر الثمانينات وتزوجا في عام 1991، كانا شركاء في الأعمال والأنشطة السياسية. سوياً، قدما تبرعات ضخمة لدعم المرشحين الجمهوريين والسياسات المؤيدة لإسرائيل، ويُعتبر زواجهما شراكة قوية ليس فقط على الصعيد الشخصي، بل أيضًا في الأعمال والسياسة، حيث لعب كلاهما أدوارًا مكملة لبعضهما البعض في التأثير على السياسات الأمريكية والإسرائيلية.

– الإرث والتأثير: ترك شيلدون أديلسون إرثًا ماليًا وسياسيًا كبيرًا، حيث كان له تأثير عميق على السياسة الأمريكية من خلال دعمه المالي. بعد وفاته، استمرت مريم في الحفاظ على تأثير العائلة، وتعتبر واحدة من أكبر داعمي القضايا الجمهورية والمشاريع المؤيدة لإسرائيل.

* أهداف شيلدون وزوجته مريم: أديلسون قطب الكازينوهات والملياردير الأمريكي، لم يُخفِ اهتماماته الخاصة من خلال تمويله السخي، والذي بلغ مئات الملايين من الدولارات خلال حملتي ترامب في 2016 و2020، لقد كان هدفه واضحًا في التأثير على سياسات الشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بإسرائيل، والتأكد من أن البيت الأبيض يعمل بما يخدم تلك المصالح، ومن خلال تحالفه مع ترامب، نجح في تحقيق بعض من أكثر القرارات إثارةً للجدل، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

في هذه الشراكة السياسية، برزت مريم أديلسون الطبيبة والناشطة الاجتماعية، كشريك رئيسي في توجيه الدعم المالي والسياسي. بفضل موقعها المرموق وثروتها الهائلة بعد وفاة شيلدون، استمرت في لعب دور مؤثر في السياسة الأمريكية، مما جعلها واحدة من أقوى النساء في الدوائر السياسية الجمهورية.

– في انتخابات 2016، قدم شيلدون ومريم أديلسون دعمًا ماليًا كبيرًا لترامب واللجان الداعمة له (Super PACs). يُعتقد أنهما تبرعا بما يزيد عن 25 مليون دولار لدعم حملته في الانتخابات العامة.

– في انتخابات 2020، تضاعف حجم الدعم، حيث قدر تبرعهم بما يزيد عن 200 مليون دولار، وكان هذا الرقم من بين أكبر التبرعات الفردية التي حصلت عليها حملة ترامب، وهذه الأموال ذهبت لدعم الحملة الانتخابية مباشرة ولجان سياسية داعمة لحملته وللجمهوريين.

* المقابل والدوافع: كان لشيلدون أديلسون ومريم دوافع واضحة لدعمهما لترامب، والتي يمكن تلخيصها في الآتي:

– دعم إسرائيل: كان شيلدون أديلسون داعمًا قويًا لإسرائيل ولسياسات تعزيز العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية.
ترامب خلال رئاسته، نفذ العديد من السياسات التي اعتبرت مواتية للغاية لإسرائيل مثل:

– نقل السفارة الأمريكية إلى القدس: كان أديلسون من أشد المدافعين عن هذا القرار، واعتبر أن خطوة ترامب بنقل السفارة تمثل تحقيقًا لأحد أهم أهداف السياسة الخارجية الأمريكية فيما يتعلق بإسرائيل.

– الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان: هذه الخطوة كانت أيضًا مهمة لأديلسون وداعمي إسرائيل.

– السياسات الاقتصادية: دعم أديلسون أيضًا سياسات ترامب الاقتصادية التي كانت تستفيد منها الصناعات الكبرى ورجال الأعمال، خصوصًا في ما يتعلق بالتخفيضات الضريبية وإزالة القيود التنظيمية.

– التأثير على سياسات المقامرة: باعتباره يمتلك شركات كازينوهات، كان لأديلسون مصالح في السياسات المتعلقة بالمقامرة والكازينوهات، سواء في الولايات المتحدة أو في الخارج، خصوصًا في منطقة آسيا حيث كانت شركته تدير عمليات كبرى.

– المنح الطبية والتعليمية: مريم أديلسون، التي تحمل دكتوراه في الطب وتدير بعض المشاريع الطبية، كانت لها أيضًا اهتمامات في السياسات التي تتعلق بالرعاية الصحية والأبحاث الطبية، مما زاد من تفاعلها مع القضايا التي تدعمها إدارة ترامب

* دور مريم أديلسون: مريم أديلسون زوجة شيلدون، كانت شريكًا رئيسيًا في جميع تحركاته السياسية والمالية. بعد وفاة شيلدون في عام 2021، ورثت مريم جزءًا كبيرًا من ثروته، وأصبحت واحدة من أغنى النساء في العالم. وهي أيضًا داعمة كبيرة للقضايا المتعلقة بالصحة والتعليم، ولا تزال متورطة في تقديم الدعم للجمهوريين بعد وفاة زوجها.

مريم أديلسون المتطرفة والمتحمسة لدعم إسرائيل اللامحدود بشكل خاص. وهي ناشطة أيضًا في الأوساط الطبية والعلمية، وقد حصلت على وسام الحرية الرئاسي في عام 2018 من قبل الرئيس ترامب، وهو أعلى وسام مدني في الولايات المتحدة، مما يعكس علاقتها الوثيقة مع الإدارة.

– أثر دعم أديلسون: كان تأثير دعم شيلدون ومريم أديلسون كبيرًا جدًا على الحملة الانتخابية لدونالد ترامب، بالإضافة إلى المبالغ المالية الهائلة، كانت هناك تقارير تفيد بأن شيلدون أديلسون كان له تأثير مباشر على بعض القرارات التي اتخذها ترامب، لا سيما في السياسة الخارجية، ومع ذلك لم يكن الدعم المالي فقط هو العامل الرئيسي، بل أيضًا العلاقة السياسية الوثيقة بين ترامب وعائلة أديلسون، والتي كانت تعززها السياسات التي تتماشى مع مصالحهم.

* خاتمة: إن قصة دعم عائلة أديلسون لترامب تبرز كيف يمكن للمال أن يتحول إلى قوة سياسية، وكيف أن التبرعات الضخمة تتجاوز حدود الانتخابات لتشكل سياسات دولية ومحلية لها تداعيات عميقة وطويلة الأمد،
وفي النهاية يُظهر المال السياسي في الولايات المتحدة وجهًا من أكثر أوجه الديمقراطية تعقيدًا وتأثيرًا، إذ تتجاوز الانتخابات كونها ساحة لصراع الأفكار والرؤى، لتصبح مسرحًا لنفوذ الأثرياء وأصحاب المصالح الذين يُسهمون في صياغة السياسات وتوجيهها بما يتماشى مع أهدافهم، وتجربة شيلدون ومريم أديلسون في دعم ترامب ليست سوى نموذج واحد على كيفية تحويل الثروات إلى قوى سياسية هائلة، تؤثر على السياسات الداخلية والخارجية على حد سواء.

وأخر فصول المال السياسي كما تقول صحيفة هآرتس إن ترامب بدأ يعطي وعودا مقابل التبرعات المالية لحملته.
وفي هذا الإطار، نقلت هآرتس عن “نيويورك ماغازين” قولها إن الدكتورة الثرية ميريام أديلسون عرضت على ترامب أن تصبح أكبر متبرع له مقابل وقوفه إلى جانب إسرائيل في ضمها للضفة إن أصبح رئيسا.

وبحسب مقال نيويورك ماغازين، فإن ترامب وبعد أن تخطى منافسيه لترشيح الحزب الجمهوري، دعا أديلسون إلى عشاء أحد أيام السبت بمحل إقامته في مارالاغو في مارس/آذار الماضي، ولم يخرج من العشاء بالشيك الذي كان يأمل الحصول عليه، لكن يبدو أنه فهم كيفية الحصول على ذلك.
وفق هآرتس؛ وبعد بضعة أيام، تقول إن ترامب أجرى مقابلة مع عمر لاشمانوفيتش وأرييل كاهانا من صحيفة “إسرائيل اليوم” اليومية التي توزع مجانا والمملوكة لأديلسون، وقال فيها بالحرف:

“أنا شخص مخلص للغاية. لقد كنت مخلصًا لإسرائيل. لقد كنت أفضل رئيس أميركي في التاريخ بالنسبة لإسرائيل..” موضحا أنه هو من نقل السفارة إلى القدس وأنه أبرم اتفاقيات أبراهام، واعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان معلقا على ما قام به بالقول “لم يكن أحد يعتقد أن ذلك سيكون ممكنا”.

ومع ذلك، تقول نيويورك ماغازين إن ترامب ارتكب خطأ تكتيكيا أبعده عن الأموال التي يريدها بشدة، حين قال في تلك المقابلة “عليكم أن تنهوا حربكم. عليكم أن تنهوا الأمر.. أنجزوا المهمة وأنا متأكد من أنكم ستفعلون ذلك. وعلينا أن نصل إلى السلام”.

لكن أديلسون -وفقا للمجلة- لم تكن ترغب في سماع ترامب وهو يتوق إلى السلام. ولم ترغب في سماع أي شيء يمكن تفسيره على أنه انتقاد لإسرائيل.

ووفقا للتقرير، فإن ما تريده أديلسون حقا من ولاية ترامب الثانية هو ضم إسرائيل للضفة واعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية بجميع المناطق التي تسيطر عليها. وفي ظل هذه الظروف، لا يوجد مكان للسلطة الفلسطينية، وبالتالي لا أحد سيطالب إسرائيل التوقيع معها على اتفاق سلام، مقابل 100 مليون دولار قد قدمته لترامب دعما لحملته الانتخابية.

ولفتت هآرتس إلى أن أديلسون ليست المانح الرئيسي الوحيد لترامب، موضحة أن متبرعين آخرين قدموا لترامب قوائم مطالبهم.

ونقلت عن واشنطن بوست الإشارة مؤخرًا إلى اجتماع آخر بين ترامب وبعض المانحين، وهي المجموعة التي قال ترامب إنها تضم ​​”98% من أصدقائي اليهود”.

وخلال هذا الاجتماع الذي عقد بنيويورك في 14 مايو/أيار الماضي، سأل المانحون ترامب -وفقا للصحيفة- عن الطلاب الذين يتظاهرون ضد إسرائيل بالجامعات، فأجاب “أي طالب يحتج سأطرده خارج البلاد. كما تعلمون، هناك الكثير من الطلاب الأجانب. بمجرد أن يسمعوا ذلك فسوف يتصرفون بشكل جيد”.

وعندما اشتكى أحد المانحين (لم يذكر اسمه) من أن هؤلاء الطلاب والأساتذة قد يشغلون مناصب بالسلطة ذات يوم، وصفهم ترامب بأنهم جزء من “ثورة راديكالية” تعهد بهزيمتها وقال “إذا انتخبتموني، وينبغي لكم أن تفعلوا ذلك حقًا، فسنعيد تلك الحركة المؤيدة للفلسطينيين إلى الوراء 25 أو 30 عامًا”.

المصدر : الصحافة الأميركية + هآرتس

ومع ذلك لا اختلاف ولا خلاف بين جمهوري وديمقراطي اتجاه الكيان، حيث التخلف والتطرف والكراهية والعنصرية والتمييز والارهاب والاجرام، يدعمه المال الصهيوني التلمودي للبقاء، رأس عرش القوة والنفوذ وتاجها، في أفق ملكية مشوهة، حيث تتداخل خيوط السلطة والعرش، ينزلق الكرسي إلى قاع التآمر، مستشرياً في لحم الشعوب ودمائهم، هنا لا يسود العدل، بل يعلو صوت النفاق والمراوغة، حيث تُباع المبادئ ويُهدر الإنسان كسلعة رخيصة في سوق الأطماع، وعلى عرش من زيفٍ ومكر يجلس المتوجون بسياجٍ من الأكاذيب، يتربعون على خيوط دماء غيرهم، يُطلون عليهم بابتساماتٍ زائفة، ويغلفون طموحاتهم بعباراتٍ ملونة، بينما تتجرع الشعوب مرارة الإذلال وتهدم أحلامهم على صخور الطغيان.
في هذه الدراما السياسية، تصبح الأقدار ألعوبة في أيدي القساة، وتظل السلطة مجرد ظلالٍ للفساد تغطي المشهد الدموي لأحلام الضحايا.

في ظل هذه المعادلة، يبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى يمكن (للديمقراطية الأمريكية) أن تحافظ على (نزاهتها واستقلاليتها) إذا كانت السلطة تُدار من خلال الأموال التي تضخها النخب الاقتصادية؟

هي! سلطة المال ونفوذه في تشكيل “الديمقراطية” وصنع القرار والذي يحكم أمريكا والعالم. ومصائر البشر.

وفي قول للإمام علي بن أبي طالب(ع) حول الحق والباطل هي: “الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله، الباطل لا يعرف بالرجال، اعرف الباطل تعرف أهله.”

وأيضا؛ “إنَّ الباطلَ إذا تُرِكَ فلا يُسْتَدَرَك، وإنَّ الحقَّ إذا تُرِكَ فلا يُبَاع.”
“من ينصر الباطل، فهو من أتباعه وإن لم يكن من أهله.”

زر الذهاب إلى الأعلى