بأقلامنا

البابا في لبنان حبذا لو فوق صور وصيدا وقانا وحرمون بقلم الشاعر هنري زغيب

البابا في لبنان
حبذا لو فوق صور
وصيدا وقانا وحرمون
“نقطة على الحرف”
الحلقة 1747
“صوت كلّ لبنان”
الأَحد 26 تشرين الأَول 2025

إِذا استثنينا محطةَ البابا بولس السادس الوجيزةَ على أَرض مطار بيروت (55 دقيقةً صباحَ الأَربعاء 2 كانون الأَول 1964- وكان أَولَ حَبرٍ أَعظمَ يطأُ أَرض لبنان)، يكون البابا لاوون الرابع عشر ثالثَ حَبرٍ أَعظمَ يَزور لبنان.
الأَوَّل كان القديس يوحنا بولس الثاني يومَي السبت والأَحد 10 و11 أَيار 1997، وأَطلَق يومئذٍ مقولته المكرَّسة: “لبنان أَكثرُ من بلد. إِنه رسالةُ حرّيةٍ وتعدُّديةٍ للشرق والغرب”، وسلَّمَ يومها “الإِرشاد الرسولي”: “رجاءٌ جديدٌ من أَجل لبنان”.
الحَبْرُ الثاني كان بِنِدِكْتُوس السادس عشر أَيامَ الجمعة والسبت والأَحد 14 و15 و16 أَيلول 2012.
وها بعد شهرٍ يزورُنا الحَبرُ الأَعظمُ الثالث لاوون الرابع عشر أَيام الأَحد 30 تشرين الثاني، والإِثنين والثلثاء 1 و2 كانون الأَول.
وكما في كل مرَّة من الثلاث، نَتَحسَّر أَلَّا تكونَ في برنامج الزيارة القصيرة رحلةٌ قصيرة في مروحية بصيرة، فوق أَرض صور وصيدا وقانا وحرمون، كي يَشعر أُسقف روما ومليار ونصف مليار كاثوليكي في العالم (نحو 18% من سكان الكرة الأَرضية) أَنه يمرُّ، ولو جَوًّا، فوق الأَرض التي مشى فعلًا عليها يسوع قبل 2025 سنة.
أَفهم أَنَّ الوضع العسكري والأَمني قد لا يتيح ذلك (مع أَنَّ وزير الخارجية يوسف رجّي انتقل قبل يومين بالمروحية إِلى أَقصى الناقورة). وإِنها غُصَّة في قلوب اللبنانيين أَن يزورَ البابا بيروت وحريصا وعنَّايا فقط، وأَلَّا يعاينَ بالعين المجرَّدة الأَماكنَ اللبنانية الفعلية التي تحدَّث عنها الإِنجيل. فهو يعرف ما رواه متى في إِنجيله (الفصل 15، الآيات 21 إلى 28) كيف جاءَ يسوع إِلى نواحي صور وصيداء، وهناك جثَت أَمامه المرأَةُ الكنعانيةُ الفينيقيةُ متضرِّعةً إِليه أَن يَشْفي ابنتها فشفاها. وهو يعرف ما رواه مرقس في إِنجيله (الفصل6، الآية 45) عن صَرفَةِ صيداء – وهي اليوم الصرفند – وما ذكره مرقس كذلك (الفصل8، الآية 27) عن انتقال يسوع إِلى بانياس (أَو قيصرية فيلبس)، عند سفح جبل الشيخ، يفصلها عن جبل حرمون وادي خشَبة. ومن هناك اصطحب بطرس يعقوب ويوحنا “إِلى جبل عالٍ” كما يقول متى (17 – 1). وليس فوق قيصرية فيلبس سوى جبل واحد عالٍ: جبل الشيخ (حرمون) وهو جبل التجلِّي.
ولو كان يتاح للبابا أَن يمرَّ فوق قانا، لَرَسَمَ على وجهه إِشارة الصليب لِمَا ذكَرَه يوحنا في إِنجيله (الفصل 2 الآية 1): “… وفي اليوم الثالث كان عرسٌ في قانا الجليل، وكانت أُمُّ يسوع هناك”، وما جاء في الفصل 2- 11: “تلك بدايةُ الآيات، أَتاها يسوع في قانا الجليل، وأَظهر مجدَه، فآمن به تلاميذه”. ويورد المطران جوزف نفاع ذلك (من محاضرة له في 6 تشرين الثاني 2020 لدى “مركز الدراسات الكتابية للشرق الأَوسط وشمال أَفريقيا” التابع لجمعيَّة الكتاب المقدس في لبنان)، مستندًا إِلى ما ذكَرَهُ مؤَرِّخُ الكنيسةِ الأَولُ أُوسابيُوس القيصريّ في كتابه “التاريخ الكنسيّ” (سنة 325)، وما عاد كرَّره القديس جيروم (في القرن الخامس) لإِثبات أَنَّ قانا الإنجيل هي في لبنان، لأَنَّ المسافةَ الفاصلةَ بين موقع قانا والناصرة، تتناسب مع تفاصيل اليوم الثالث كما رواها يوحنَّا في إِنجيله.
هذه هي الغُصَّةُ التي سيشعُر بها اللبنانيون ثلاثةَ أَيامِ زيارةِ البابا لبنان، ممزوجةً بالفرح لاستقباله على أَرضنا، إِنما دون استطاعته، ولو من عَلٍ، أَن يُعاينَ الأَماكنَ التي قصدَها يَسُوع في لبنان، ولأَجلها يَعتبِر المؤْمنونَ أَنَّ لبنانَ أَرضٌ مباركةٌ، ومقدَّسةٌ بِوَطْءِ قَدَمَي يَسوع.
هـنـري زغـيـب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى