بأقلامنا

أحمد الأيوبي : الجيش يُعزّز الشراكة التنموية مع طرابلس

يعزِّز الجيش اللبناني شراكته مع المجتمع الأهلي ويرسّخ منهج التعاون والتكامل مع مؤسّساته الحيوية التي تشاركه الصمود في مواجهة الأزمة والانهيار، مقدِّماً الصورة الأكثر إشراقاً في الدولة لخدمة الإنسان ومثالاً يُحتذى على المستويين العربي والدولي في تقديم النموذج الناجح لهذا التعاون، وآخر إنجازات هذا التعاون رعاية قائد الجيش العماد جوزاف عون افتتاح مركز إعادة التأهيل الداخلي لمدمني المخدِّرات (مركز «فرصة») في خطوة متقدِّمة تحتاجها طرابلس والشمال لمواجهة تفاقم هذه الآفة، في رسالة تحمل الجدّية والإصرار على كسر شوكة عصابات المخدِّرات بالمزيد من الجهد الأمني والتكامل الاجتماعي.

كان العماد جوزاف عون قد أسّس لخطاب وخطواتِ الشراكة مع طرابلس خلال زيارته لها في شباط 2022 عندما جال على المرجعيات الدينية وتوجّه إلى مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام بالقول: إنّ «شبابنا هم أبناؤنا وهم ليسوا مسؤولين عن الظروف التي يمرّون فيها، كما أنّهم ليسوا مسؤولين أيضاً عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب، لكن مسؤوليتنا جميعاً أن نحتضن هؤلاء الشبان ونساعدهم على إيجاد الحلول حسب قدراتنا وإمكاناتنا، لأنهم أبناؤنا».

حسم العماد عون الموقف: «طرابلس ليست عاصمة للإرهاب، وأنا لا أسمح لأحد بمثل هذا القول. وإذا كان بعض الشبان قد تعرّضوا للتغرير بهم فهذا لا يعني أنّ المدينة أصبحت إرهابية، لدينا عسكر من طرابلس وشهداء وجرحى من هذه المدينة العزيزة».

شدّد قائد الجيش على أنّ «الآفة الأخرى، وهي أخطر من الإرهاب، والتي تؤدّي إلى الإرهاب، هي تعاطي المخدِّرات، وهي آفة لا تعاني منها طرابلس وحدها، بل كل لبنان يعاني منها»، «ونحن في أيدينا كمؤسسة عسكرية، وأنتم كمؤسسة دينية سنعمل كل جهدنا ولن نقصِّر في القيام بواجباتنا، لكنّ الوضع الاقتصادي ليس بأيدينا. نحن مسؤولون في الجانب الأمني، وأنتم بأيديكم الوضع الديني والاجتماعي، ونحن الاثنين نكمّل بعضنا البعض».

للتذكير فإنّ مركز «فرصة» هو نتاج التعاون بين جمعية «المنهج» الخيرية في طرابلس والعاملة في المناطق الشعبية صحياً وتربوياً، وبين تجمع «أم النور» الرائد في مجال التوعية وإعادة التأهيل للمدمنين وسط التفاف من المرجعيات الدينية ونواب الشمال، سبق أن افتتح مركزاً للاستقبال في مركز طرابلس الصحي الاجتماعي (التبانة) وبدأت مسيرة المواجهة مع المخدِّرات تتبلور بشكل أوضح، خاصة أنّ برامج عمل مركز «فرصة» تشمل بالإضافة إلى إعادة التأهيل برامج واسعة للتوعية في الجامعات والمدارس والمؤسسات المختلفة، مع شراكة مع المؤسسات الدينية للإفادة من المنابر الإسلامية والمسيحية في بثّ التوعية والإرشاد.

وفي خطوة استكمالية لهذا المسار شهدت طرابلس أمس احتفال جمعيتي «المنهج» و»أم النور» بافتتاح مركز إعادة التأهيل الداخلي للمدمنين في مجمع الفيحاء في أبي سمراء، برعاية قائد الجيش العماد جوزاف عون ممثلاً بالعميد الركن فادي أبو حيدر الذي أكّد مواصلة الجيش مسار التعاون العسكري المدني وقال إنّه «رغم التحديات الكثيرة التي تواجهه فإن الجانب الاجتماعي الإنمائي لا يغيب عنه أبداً ويبقى في سلّم أولوياته، وانطلاقاً من ذلك نسعى الى القيام ببعض المشاريع الإنمائية… و»أردنا أن نكون شركاء في هذا المشروع إلى جانب تجمّع «أم النور» وجمعية «المنهج الخيرية» في سبيل إنقاذ شبابنا من آفة المخدّرات ومعالجتهم ومنحهم فرصة حياة جديدة».

كانت الرسالة الأقوى للعميد أبو حيدر موجّهة إلى القضاء الذي دعاه إلى التشدّد في محاكمة المجرمين تجار المخدّرات ومروّجيها، لأنّ جزءاً مهماً من الجهود الأمنية يذهب هباءً بسبب تراخي بعض القضاء عند التعامل مع هؤلاء المجرمين.

تحدّث في الاحتفال أيضاً كلٌ من: رئيس جمعية المنهج الخيرية محمود الأحمد والمطرانان يوسف سويف وغي بولس نجيم ومفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام فأجمعت كلماتهم على التعاون والتكامل مع الجيش وسائر القوى الأمنية وعلى أهمية إنشاء تحالف اجتماعي واسع وشامل يتولى التصدّي لآفة المخدِّرات ويسهم في الأمن الاجتماعي.

تشكّل قرية الفيحاء مجمعاً نموذجياً في قلب زيتون أبي سمراء، وتتميّز ببناء ومساحاتٍ تتلاءم مع طبيعة المشروع، وهذا ما لمسه المشاركون في الاحتفال من مرجعيات دينية ونواب وفاعليات عاينوا جهوزية الموقع وأهمية الاستمرار في مراحل المشروع حتى اكتمالها، بينما تتّجه الأنظار الآن إلى الاغتراب الشمالي واللبناني لرفد هذا المشروع بمقوّمات الاستمرار.

 

زر الذهاب إلى الأعلى