بأقلامنا

23 يوليو(تموز) شرارة المشروع القومي النهضوي الحديث بقلم صلاح بسيوني

22\7\2023

ما حصل ليلة 23 يوليو(تموز) 1952 لم يكن حدثاً عابراً بل بداية ثورة سياسية اجتماعية وثقافية. كما انها لم تكن أمراً فريداً في تاريخ العالم بل كانت جزء من مرحلة التحرر الوطني و القومي مطلع القرن العشرين، تطلع قادتها الى فك اسر السيطرة الاستعمارية الغربية على بلدانهم. الا ان حركة 23 يوليو(تموز)1952 بقيادة تنظيم الضباط الاحرار فريدة باهدافها ، فهي لم تكن تجمع دبابات امام قصر عابدين للسيطرة على الحكم بل حركة بأهداف واضحة منذ اللحظة الاولى وهي القضاء على الإقطاع، القضاء على الاستعمار واعوانه ، القضاء على سيطرة راس المال على الحكم ، بناء حياة ديمقراطية سليمة، بناء جيش وطني قوي وإقامة عدالة اجتماعية. لم تكن مقولبة بأيديولوجيا لها قواعدها وشروطها الآسرة، بل كما قال قائدها جمال عبد الناصر ” لقد كانت أعظم الملامح في تجربتنا الفكرية والروحية أننا لم ننهمك في النظريات بحثا عن حياتنا، وإنما انهمكنا في حياتنا ذاتها بحثا عن النظريات”.
لم تكن ثورة 23 يوليو مصرية وحسب بل شكلت شرارة الثورة العربية التقدمية على امتداد ساحات الوطن العربي من المحيط الى الخليج ، ووضعت اسس المشروع القومي النهضوي الحديث بايدي الاجيال العربية الشابة، فاشتد عصب حركة التحرر العربية ضد الاستعمار بكل اشكاله وضد الصهيونية، واخذ نضالها بعداً سياسياً اجتماعيا اقتصادياً تنموياً لصالح فئات الشعب بكل قواه الاجتماعية .
لذلك اعتبر الكثيرون بأن الناصرية هي الفهم الواعي لقيم كشفت صحتها الممارسة التاريخية، وساهمت بتجربتها مضامين المشروع النهضوي الحديث ، وهي رؤية مبلورة ‘للمجتمع العربي الذي يناضل الناصريون من أجل تحقيقه في المستقبل، والناصرية منظومة من الأفكار المتكاملة فيما بينها، والقابلة للنمو بدلالة الواقع الحي ومتغيراته و القادرة على خوض النضال و التحديات بكل اشكالها وانواعها … ولأنها تنطلق من وحدة الجغرافيا و التاريخ و اللغة و المصير لأمة مكتملت التكوين مزقها الاستعمار ونهش ثرواتها ، مازالت الدليل القاطع لقوى التغيير و التحديث.
في الذكرى السنوية لثورة 23 يوليو(تموز) 1952 اتوجه للحركة الناصرية بكل فصائلها و تشكيلاتها السياسية والثقافية و الاجتماعية وانديتها و منتدياتها في كل الساحات العربية و المهجر و الى الجيل الثالث من الناصريين بالقول: ان المخاطر و المصائب التي تحل على امتنا العربية جراء سياسات قوى الاستعمار و الهيمنة، تدفعنا لمواجهة التجزئة والتخلف والاستغلال الطبقي والتدمير الثقافي والتحريض الطائفي و العشائري و القبلي و القطري، بكل الطرق و الاساليب المتاحه ولتكوين وعي قومي مصلحي للمشروع النهضوي العربي .
ان من واجبات الحركة الناصرية الانخراط الفعال في المهام الكفاحية وابتداع اساليب نضالية جديدة باستخدام ادوات العصر ودعم فئات الشباب بكل الامكانات المادية و المعنوية .
ان الوفاء للمعلم جمال عبد الناصر و لثورة يوليو ولشهداء الامة، يأتي عبر التمسك بمشروع تحرير فلسطين من البحر الى النهر و فض روابط التبعية السياسية والاقتصادية والحضارية للغرب الاستعماري.

زر الذهاب إلى الأعلى