بأقلامنا

يا صديقي د. عماد سعيد لست بعيدا عن هذا التماهي الفلسطيني – اللبناني. بقلم     عبد الهادي محفوظ

عندما تقرأ الصديق الدكتور عماد سعيد في كتابه ’’أوراق لها تاريخ‘‘ تكتشف أنه مسكون بصور. فهي ’’لبنان المصغَّر‘‘ الذي نحلم به خارج حسابات الطوائفية والذي نجح في تلافي حرب أهلية عاصفة. سيجعلك عماد سعيد في هذا الكتاب بـ’’لبنان‘‘ على صورة صور إذا أردت لهذا الوطن دورا ومكانة وتكريما لمواطنية حقة.

تقرأ الكتاب فتحضر في ذهنك صور لتاريخ تفخر به. صور التي قاومت الاسكندر الكبير. وصور التي زارها السيد المسيح والتي شيَّدت أولى الكنائس في العالم. وصور التي غالبية حاراتها هي من البحر. وقضاء صور الذي فجَّر الإنتفاضة المدنية في بلدة معركة التي كانت سباقة في استعمال الحجر في مواجهة البندقية إضافة إلى الزيت المغلي. وعندما وجهت صحيفة ’’الفيغارو‘‘ سؤالا إلى القيادي محمد سعد ’’أنتم تواجهون الرصاص بالحجارة فما الفائدة‘‘ كان جوابه معبرا ’’الحجر سترونه بعد فترة سلاحا في فلسطين‘‘. وصدقت نبوءته إذ كانت التسمية الأولى للإنتفاضة الفلسطينية هي انتفاضة الحجارة. وكان كلامه هذا للصحيفة الفرنسية قبل ساعات على استشهاده.

كان محمد سعد على يقين بأنه مهما بلغت قبضة الإحتلال الحديدية من قسوة وقمع فإن قبضة المقاومين ستبقى أشد شراسة وضراوة وسوف تلاحقهم في كل مكان طالما ظل جندي صهيوني يدنِّـس قرى الجنوب.

وعلى هذا الأساس امتلكت إنتفاضة ’’معركة‘‘ رؤية سياسية سندها فكر الإمام الصدر وتعميم القيادة السياسية ممثلة بقرار مركزي من دولة الرئيس نبيه بري بأن العدوان على ’’معركة‘‘ أو مدينة صور سيُحتم قصف المستوطنات الإسرائيلية وجعلها من دون مأمن من نقمة المقاومين وغضبهم وأن المخرج الوحيد المحتوم للجيش الإسرائيلي هو خروجه إلى ما بعد الحدود الدولية.

.      وصور التي احتضنت الإمام السيد موسى الصدر وصدَّرت فكرة البناء إلى كل الأطياف والأطراف.

ما أحوجنا إلى النظرية السياسية للإمام الصدر في هذه الأيام التي تقوم على فكرة الدولة – الملجأ للمواطن والتي تكرّس فكرة المواطنة وتركز على الحوار لتسوية الخلافات وتشدّد على العدالة الإجتماعية وتعتبر الطائفية السياسية علة العلل.

أسماء كثيرة وكبيرة يكتب عنها  الدكتور عماد سعيد وينصفها ويعيدها إلى الذاكرة. غالبيتها من الجنوب ومن مواقع فكرية وسياسية وعقائدية مختلفة وبعضها تركت بصماتها في مجالات الثقافة والفكر والأدب والدين والمدرسة والفن… ومن خلال حادثة الطائرة الأثيوبية ، يربط عماد سعيد بين لبنان المقيم ولبنان المغترب وبين ارتباط الجنوبي حيث كان والأرض..

أما ما استوقف انتباهي فكان هذا التماهي بين الجنوب اللبناني وفلسطين بين قانا وغزة. ولعلّ هذا التماهي هو الذي يفسِّر هذا الإرتباط بالقدس التي تملك رمزية عربية ومسيحية وإسلامية وحضارية. وهذا التماهي عمّده المقاومون اللبنانيون والفلسطينيون بالدم على أرض الجنوب… بحيث أسقط المقاومون نظرية الجيش الذي لا يُقهر وأسقطوا كل المطامع الإسرائيلية بأرض الجنوب.

بورك الجنوب والمقاومة وسيد المقاومة السيد حسن نصر الله ومعهما الإنتفاضة الحالية في القدس وعموم الأراضي الفلسطينية… وأنت  يا صديقي د. عماد سعيد لست بعيدا عن هذا التماهي الفلسطيني – اللبناني. تحمَّلت الأسر ولا زلت تنشر الفكر المقاوم كتابة وممارسة. وهو فكر يدعونا اليوم إلى أن نكون إلى جانب القدس وإلى تسوية خلافاتنا في الداخل اللبناني والعمق العربي.

تحية من هذا اللقاء لصمود أهل القدس في وجه تهويدها وللإنتفاضة والأسرى والشهداء الذين نكبر بهم وتكبر بهم فلسطين.

عبد الهادي محفوظ

                           رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع

2018-01-06

الكلية الجعفرية ــ صور ــ

حفل توقيع كتاب ( أوراق لها تاريخ ) للكاتب الدكتور عماد سعيد في صور

زر الذهاب إلى الأعلى