بأقلامنا

لماذا ضرب المفتي دريان يده على الطاولة؟ بقلم فضيلة الشيخ بلال الملا

ضرب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان يده بقوة على طاولة الثقة المطلقة التي أعطاها لجميع العاملين والمنسوبين إلى دار الفتوى والمديرية العامة للأوقاف الإسلامية والمؤسسات التابعة لها، بعدما تعامل معهم كأصدقاء وكإخوة يعرفون الاعتبارات والمعايير والخطوط الحمراء الدينية والوطنية والأمنية التي ينبغي التوقف عندها، لكن بدا أن البعض تمادى في استعمال هذه الثقة، إلى أن بلغ السيل الزبى، ووصلت الأمور إلى حد التفلت والخطر الذي يتهدد السلم الأهلي والعيش المشترك ويضرب عمق الوحدة الوطنية والاعتدال الذي تميز به عهد المفتي دريان في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها لبنان والمنطقة.
فجأة، شهر المفتي دريان البطاقة الحمراء في الدقائق الأخيرة قبيل انفجار الوضع، وسحب صاعق التفجير، بعدما تراكمت الأخطاء.. وباتت تنذر باختلاط الأمور على أعلى المستويات، وأكد للجميع أن السلم الأهلي خط أحمر، وأن العلاقة الإسلامية السنية المسيحية في لبنان بنيوية وجوهرية، ومتجذرة وراسخة وثابتة وعصية على الفتنة أو الاختراق من أي شخص أو جهة، فكان بيان المكتب الإعلامي في دار الفتوى بناء على توجيهات مفتي الجمهورية بمنع الإدلاء بتصريحات أو مواقف وآراء سياسية منعاً باتاً لجميع العاملين في الجهاز الديني والمؤسسات التابعة لدار الفتوى، دون أخذ الإذن الخطي المسبق”، مؤكدا أن “المفتي دريان لا يتبنى أي رأي سياسي لا يصدر عنه مباشرة”، ووضع النقاط على الحروف بتلميح أبلغ من التصريح “برفض أي موقف يؤدي الى الفتنة أو الخلاف بين اللبنانيين، لأن المصلحة الإسلامية العليا والوحدة الوطنية والعيش المشترك هما الأساس في التوجه العام لدار الفتوى ومؤسساتها والعاملين فيها، ودورها الأساسي هو الحفاظ على رسالة الإسلام السمحة والمصلحة الوطنية العامة”.
لقد لقي هذا الموقف التاريخي للمفتي، الارتياح الكبير لدى البطريركية المارونية وقيادات الأحزاب المسيحية السيادية، كونه صوب البوصلة ونجح رهان العقلاء منهم على صوابية عدم الانجرار إلى ردود انفعالية تطال شخص المفتي أو مقام دار الفتوى، حيث كان المصطادون في الماء العكر ينتظرونها بفارغ الصبر ويمنون النفس بها، كما أنه رفع الحرج عن القيادات الإسلامية السنية التي كانت تشعر بالحرج من طول صبر المفتي وحكمته، وبالتالي كان كافياً لمن يعنيهم الأمر، أن يفهموا خطورة المستوى الذي بلغوه، ويعودوا إلى رشدهم وصوابهم، والتركيز على الكلمة الطيبة التي تجمع ولا تفرق وتقارب ولا تباعد، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة لتجاوز المخاطر المحدقة بلبنان من كل صوب وحدب، وتحصين البيت الإسلامي والوطني، وملء الشواغر الدستورية الكبرى، لمواجهة تداعيات العدوان الصهيوني المجرم على أهلنا في فلسطين بأكبر قدر من التماسك والتعاون وتصفير الخلافات. والله من وراء القصد

زر الذهاب إلى الأعلى