بأقلامنا

جولة “ثأر الأحرار” في فلسطين تربح وإعلامها يخسر! بقلم //جهاد أيوب

حال ما وصل إليه إعلام المقاومة أو المحور خلال الحرب أو الجولة الأخيرة في فلسطين المحتلة مع العصابة الصهيونية شكل أزمة، وأزمة خطيرة إن لم يعترف بها، وإن لم يتنبه أحد إليها بحجة فزنا بالجولة العسكرية!
غرفة العمليات المشتركة للفصائل الفلسطينية في الداخل تحديداً ومع الخارج تكتيكاً حققت انجازاً كبيراً على كثير من الأصعدة، وسوقت لبعض الوجوه الإعلامية عبر الفضاء من داخل الغرفة، وزودتهم بالمعلومات الميدانية المهمة، ولكن إعلامنا بمجمله انشغل بتسويق ما جاء من بيانات من إعلام العدو للأسف، وتغافل من غير قصد عن ما ترغبه الغرفة المشتركة وما تسوقه!
لا شك الصمود جاء نوعياً، وهو الذي كان شريكاً فعالاً مع المعركة وفيها، وقيمة
“ثأر الاحرار” بالصبر والتبصر وعدم الثرثرات الفارغة، بل البوح بما هو مفيد، وفضائياتنا لا ترغب بالبوح المفيد، بقدر عشقها للثرثرات التي تملي البث المقصود!
توصل صبر “ثأر الأحرار” وتماسكه إلى مرحلة مهمة ميدانياً استغلت في إعلامنا عاطفياً، وستشكل تداعيات خطيرة على كيان المحتل في المرحلة المقبلة، وما حدث اليوم يعتبر بداية فعلية لزوال إسرائيل، لم يكن سطراً، بل هو غلاف الزوال وعنون ب “ثأر الأحرار”!
تكتيكياً إعلامياً انتصرت إسرائيل من خلال ما سوقته جراء إعلام جيشها ومواقع صحفها، وجعلت إعلام المحور ينقل كل ما تصرح به من معلومات باللغة العربية، دون أن يلتمس هذا المحور سم ما نشر، ويصر أن نأخذ المعلومة كما هي من العدو!
قد يعتبر البعض أنني ابالغ، ولكن لو عدنا إلى منصاتنا عبر السوشال ميديا، والواتس أب، وشريط فضائياتنا وما شابه، نجد غالبية الأخبار أخذت من مواقع ومنصات أخبار العدو وما سوقه جيشه، لا بل نحن نشير إليها بحجة المصداقية…!
ونتجاهل أن عدونا لا يطرح إعلامه عن عباطة وعاطفة، بل عن حياكة إعلامية مقصودة، وإن جاملك بلغتك أو بمعلومات ترغب بها فتأكد ليست عفوية، والسم التضليلي هو الهدف، وبمجرد أن تتناوله يكون قد فاز عليك مهما بررت!
فقط أشير إلى هذه الحادثة:
“تخطت رشقات صواريخ المقاومة الدفاعية في اليوم الثالث ال 700 صاروخاً على لسان معنيين فلسطينيين ومن قلب الحدث، وقيلت عبر قنوات فضائية مهتمة ومع المحور، ولكن مواقعنا بكثافة وجودها، وفضائياتنا عبر شريطها اسفل الشاشه تصر، ونقلاً عن إعلام العدو على أن عدد الصواريخ التي اطلقت في اليوم الثالث وصل إلى 400 صاروخاً!”!
أهل المعركة والدم والوجع يصرحون بما يمتلكون، ونحن نسوق ما يقوله إعلام المجرم وبالعربية!
لا بل، ونعيد نشر وسرد كل ما خرج من إعلام جيش الصهاينة، وما يقوله قادة العصابة الصهيونية في رسائل يطرحها العدو بالعربية، فيتناقلها إعلام المحور كما هي دون أن يلتفت إلى الغاية منها، وإن المصدر هو العدو!
خمسة أيام اتخمت مواقعنا الإعلامية عبر الواتس أب والمواقع الإلكترونية وشريط أخبار الفضائيات وكل ما يعنى بالتواصل الإجتماعي المهتم بالأخبار، والمنتمي إلى محور المقاومة بما سوقه العدو لنا!
صحيح كان لدينا مشكلة مع ألإعلام العربي سابقاً، ولكن الإعلام الحربي في المقاومة ومن التجربة اللبنانية فرض احترامنا له بسبب مصداقيته، والتجارب كثيرة، والصهاينة يصدقون إعلامنا الحربي وسيد المقاومة أكثر من إعلامهم وقاداتهم!
للأسف عبر السوشال ميديا بتنويعاته، ومن خلال الفضائيات، وحتى بعض – عفواً أكثرية الضيوف المقررين في الحرب والسلم والترقب والزلازل والطوفان والأمراض والتربية والقضاء والترفيه سوقوا لهذه العباطة، والمصيبة إذا كانوا يدرون ماذا يقولون، والكارثة إذا كانوا لا يفقهون بما ينطقون!
إن مجريات الميدان جعلت قيادات العدو تفشل ومع ذلك لم نتمكن أن نظهر هذا الفشل بصورة إعلامية مباشرة أو ذكية، ولم نقم بالدراسات النفسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية وانعكاسها على تداعيات الواقع الإسرائيلي!
إن حركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس والفصائل المقاومة من خلال غرفة العمليات المشتركة نجحت، تفوقت، قدمت نموذجاً مشرقاً، واكتفينا بالتهليل، والسعادة، دون أن نأتي بأهل الاختصاص للحديث عن هذا الانجاز المشرف!
ولم نسارع بصنع وتنفيذ ربورتاجات، وشريط إعلامي إعلاني يضوي على هذه الحنكة، ويعري هزيمة العسكر وقادة العدو!
لم نتحدث، نُذكر الناس وبلغات متعددة أن خضوع العدو لشرط عدم القيام بالاغتيالات بأنه لا يلتزم بعهوده منذ التاريخ إلى اليوم، ولم نهتم لهذه القضية بكل فصولها عبر الزمن، ولم نجد وسيلة إعلامية واحدة قامت بفضح عدم التزامات العدو بعهوده طيلة صراعنا معه!
لقد تجاهلنا البعد الاجتماعي والإلم الذي تعرضت له مناطقنا وأهلنا، ولم نهتم لشل الحركة الاجتماعية والاقتصادية بغير كلام عابر من ضيوف همهم الظهور الإعلامي، وغير مخصين، وإلى اللحظة لم نسمع أحد تحدث عن أضرار الاقتصاد الصهيوني من هذه المعركة!
لا نستطيع أن نصف ما قدمه وتصرف به إعلام محور المقاومة – بغالبيته – خلال حرب الدفاع والوجود بين الفصائل الفلسطينية والعدو الصهيوني بغير السذاجة والعباطة وقلة تدبير إعلامي غير مسؤول!
علينا أن نعترف أننا فشلنا إعلامياً في هذه التجربة والجولة، وغيبنا الشباب الفلسطيني عن فضائياتنا، وابتعدنا عن تقديمه بلغة العدو والغرب، واكتفينا بثرثرات لغة الضاد من أشخاص اعتدناهم، ويا ليتنا تذكرنا ما حدث يوم حصار ” جنين”، وكيف انتصر الشباب الفلسطيني غير المحزب والمسيس بل يؤمن بسياسة فلسطين الوطن بمخاطبته للخارج وعدوه قبل الداخل…وكنا نأمل أن تلك التجربة علمتنا!
عسكر المحور انتصر في هذه الجولة الدفاعية العسكرية الخطيرة، وإعلام المحور فشل، وتصرف على أعتاب فتافيت ما ينشره العدو!
نعم، وبكل جرأة نشير أن السيد حسن نصرالله يتناول ما يكتبه يعرضه يناقشه إعلام العدو بالعبرية بذكاء الطرح في كثير من خطاباته، لا يتبناه بقدر الدلالة لواقع الحال، ولا يبني عليه استراتيجيه إعلامية وعسكرية بقدر الإهتمام بواقع حال العدو، وهذا نمط مهم في خوض الحرب النفسية عبر الإعلام، وأهمها أن نقرأ العدو جيداً، وهذا ما يقصده قائد وسيد المقاومة، وهذا ما هو مطلوب في إعلامنا!
المطلوب أن تعرف عدوك، وتتعرف على أسراره وخطورته وعالمه، وهذا لا يعني أن تصدقه، وتسوق له بما هو يرغب بتسويقه خاصة في إعلامك!
إعرف عدوك، إقرأ عدوك، عالج أمراض عدوك، شخص ضعف وقوة عدوك، لا أن تسوق ما يطرح في إعلام عدوك دون أن تلتفت إلى السم الذي يخاطبنا به ومن خلال لغتنا!

 

زر الذهاب إلى الأعلى