بأقلامنا

أهميةُ التطوُّعِ في حياة المكفوفين. بقلم: علي جعفر أبو ريا،

أهميةُ التطوُّعِ في حياة المكفوفين.

بقلم: علي جعفر أبو ريا، المدرب التقني في مؤسسة الشهيد أبو جهاد الوزير. ورئيس لجنة منطقة صور في رابطة نور الأمل للمكفوفين الفلسطينيين في لبنان.

يحتفل العالم في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) من كل عام باليوم العالمي للتطوع، وهو مناسبةٌ هامةٌ تُسَلِّطُ الضوءَ على قيمةِ التطوع وأهمّيتِهِ في تحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع، وحيث أن المجتمع يشملُ فئاتٍ عديدةً من الأشخاص قد فقدوا لسبب أو آخَر عضوًا بواسطة البتر أو حاسّةً كالبصر والسمع والنطق، فإن هذا لا يَقْدحُ في إنسانيتهم ولا يلغي شخصيتهم ويعرّضهم للتهميش والعزلة، بل يتعيّن على المجتمع التفكير في الوسائل التعويضية المناسبة عما افتقدوه كالأجهزة والأطراف الصناعية والتفكير في حلول جذرية لِتذليلِ العقبات التي تعترض مسيرة الحياة، ومن هذه الوسائل التي جعلت لها هيئة الأمم المتحدة يومًا عالميًا هي التطوع: فما هو التطوع؟
إن التطوع هو عمل تلقائي ومن دون مقابل يقوم به الأفراد الأسوياء جسديًا لخدمة المجتمع وتحسين حياة الآخرين. وفي هذا اليوم الخاص، نرغب في التركيز على أهمية تطوع المبصرين لخدمة المكفوفين ودورهم المحوري في تمكينهم وتحسين جودة حياتهم.
إن المكفوفين يواجهون تحدياتٍ كبيرةً في حياتهم اليومية بسبب فقدانهم البصر، تتراوح هذه التحديات من صعوبة التنقل والاعتماد على الآخرين في أداء المهام الحياتية الأساسية، إلى صعوبة الوصول إلى المعلومات والخدمات، وهنا يأتي دور المتطوعين المبصرين ليساعدوا في تخطي هذه التحديات وتوفير الدعم المطلوب.
يتميز المتطوعون المبصرون بِفهمِهم العميق لتجربة المكفوفين، حيث يمتلكون نظرةً فريدةً ومباشِرةً على التحديات والصعوبات التي يواجهُها هؤلاء الأشخاص، يمكنهم تقديم المساعدة المباشرة في التنقل والتوجيه، وتعزيز الاستقلالية والتمكين لدى المكفوفين، عَلاوةً على ذلك، فإن وجود المتطوعين المبصرين يعزز الوعيَ والتفاهمَ في المجتمع تجاه قضايا المكفوفين ويساعد في تحقيق المساواةِ والاندماج.
لذا، في هذا اليوم العالمي للتطوع، نَحُثُّ جميعَ المبصرين على الانضمام إلى هذه الحملة النبيلة وتقديم وقتهم ومهاراتهم لخدمة المكفوفين، يمكن للمتطوعين المبصرين المساهمةُ في مختلف المجالات مثل التوجيه والدعم الشخصي، والمساعدة في التسوق والقراءة، وتقديم الدروس والتدريبات، إن التطوعَ هو فرصةٌ للمساهمة بشكل فعالٍ في المجتمع وتحقيق فَرْقٍ إيجابيٍّ في حياة الآخرين.
ولكن يجب أن نذْكُر أن التطوع ليس مقتصرًا على هذا اليوم الخاص فحسْب، بل يجب أن يكون جزءًا من حياتنا طوال العام، يمكن للتطوع أن يكُونَ تجربةً مُستدامةً ومستمرةً، حيث يمكن للمبصرين أن يخدموا المكفوفين ويدعموهم في أي وقت وفي أي مكان، إن التطوع المستمر يعزز روح المبادرة والتعاطف في المجتمع، ويعمل على بناء جسور التواصل والتفاهم بين الأفراد.
في الختام، يجب أن ندرك أن التطوع يشكل جزءًا هامًا من تحقيق المساواة والتمكين للمكفوفين، إذ إنّ المتطوعين المبصرين يساهمون في تحسين جودة حياة المكفوفين وتوفيرِ الدعم اللازم ليعيشوا حياةً مستقلةً ومجتمعيةً متكاملةً، لذا، في هذا اليوم العالمي للتطوع، فَلْنَدْعَم وَلْنُشجعِ التطوعَ وَلْنَلْتَزِمْ بتقديم المساعدة طَوالَ العام، إن التطوع هو فعلٌ قويٌّ يمْكِننا من خلالِه تحقيقُ فَرْقٍ إيجابيٍّ في حياة الآخَرين وبناءِ مجتمعٍ أكثرَ إنسانيةٍ وتضامنًا، فَلْنتعاوَن معًا لدعم المكفوفين وتعزيز حقوقهم ومشاركتهم في المجتمع، وَلْنكُنْ أصواتًا تَعلُو وتعزف لحْنَ الأمل والتغييرِ لكل مَن يعاني مِن فُقدان البصر.

زر الذهاب إلى الأعلى