أخبار فلسطين

عائلة فلسطينية باتت محاصرة داخل مستوطنة بنيت على جزء من أراضيها

وطنية – لا يخفي سعدات غريب خوفه على أولاده من الخطف أو القتل بأيدي مستوطنين إسرائيليين لأن بيته صار مثل سجن داخل مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، لكنه لا يلبث أن يقول: “الأمل الوحيد الذي يراودني أن هذا الاحتلال سيزول يوما”، بحسب تحقيق لـ”وكالة الصحافة الفرنسية”.

كانت عائلة سعدات غريب تملك في قرية بيت إجزا الصغيرة شمال غرب القدس الشرقية، 101 دونمًا عندما جاءت أولى عائلات المستوطنين اليهود في بيوت متنقلة أقامته افي محاذاة أرضها العام 1978. اقترحت عائلات المستوطنين شراء دونم واحد، لكن عائلة غريب رفضت.

يقول سعدات: “عندها تم تهديدنا بأنه لن يبقى لنا أرض. وبين العامين 1979 و1994 صادرت إسرائيل 40 دونما من أرضنا لمصلحة مستوطنة غيفعون هحداشا بعد صراع مرير في المحاكم الإسرائيلية”.

يعيش سعدات غريب البالغ 40 عاما مع والدته وزوجته وأطفاله الأربعة في بيت أحاطه جيش
الاحتلال الإسرائيلي بسياج فولاذي بارتفاع ثمانية أمتار ومجهز بمجسات حساسة. وقد صار بيته محاصرا بمنازل المستوطنة.

عند مدخل بيته أقامت قوات الأمن الإسرائيلية عام 2008 بوابة حديد صفراء مثل بوابات المعسكرات مزودة 8 كاميرات تتحكم فيها من بعد. وتحت البوابة نفق للدوريات العسكرية، وفوقها جسر ضيق أرادت قوات الأمن الإسرائيلية التمركز عليه.

يروي سعدات غريب لـ”وكالة الصحافة الفرنسية”: “حدد لنا الجيش ساعات للدخول والخروج من البيت مع إظهار هوياتنا أمام الكاميرات. وطلب منا استخراج تصاريح زيارة للاقرباء. بقينا 3 أشهر لا نستطيع الدخول أو الخروج من البيت، إلى أن قررت المحكمة إبقاء البوابة مفتوحة طوال الوقت”.

أقيمت مستوطنة غيفعون هحداشا العام 1981 على قطعة أرض مساحتها 184 دونما من أراضي قرية بدو  وجزء من أراضي عائلة غريب.

وتضم المستوطنة فيلات جميلة ذات قرميد أحمر وشوارعها أنيقة مع حدائق خضراء وأمام بعض البيوت برك سباحة وألعاب أطفال. وهي مستوطنة غير قانونية بموجب القانون الدولي مثل كل تلك الموجودة في الضفة الغربية التي يحتلها الاسرائيليون منذ عام 1967.

“حياة مرهقة”
عن حياتهم مع المستوطنين يقول غريب: “خلال هذه السنوات عشنا حياة صعبة ومرهقة. نشبت خلافات بيننا وبين المستوطنين واعتقل الجيش والدي ووالدتي وأنا وأخوتي، ونفذ عمليات دهم عديدة وتفتيش للبيت وتكسيره باستمرار”.

ويؤكد “كلما حدث تصعيد في الضفة الغربية أو في حي الشيخ جراح (في القدس الشرقية المحتلة) يبدأ المستوطنون بالصراخ علينا أن نرحل. وإذا جرت مواجهات في القرية، يتمركز الجيش عند باب بيتي ويمنعنا من الدخول أو الخروج ويلقي قنابل الغاز (المسيل للدموع) والقنابل الصوتية أمام مدخل الدار”.

ويتابع: “طلب الجيش منا مرارا وتكرارا منع الشبان من القاء الحجارة على المستوطنين. يريدون منا أن نكون حراسا للمستوطنين وبالطبع رفضنا”.

في جولة حول بيته الذي تحيط به أرض مساحتها أقل من نصف دونم، يشير سعدات بحسرة إلى بيوت المستوطنين التي تحيط بهم من كل صوب.

ثم يشير إلى شادر أزرق اللون غطى الجزء السفلي للسياج الفولاذي ويوضح أنه وضعه “تفاديا للمشاكل، حتى يستطيع الاولاد أن يلعبوا من بدون إزعاج المستوطنين لهم وتخويفهم”.

ويتحدث عن مستوطن يسكن قرب بيته  “كان يزعجنا باستمرار ويكيل أسوأ الشتائم لنا ولنسائنا، وكلما سمع صوت الاذان يبدأ بشتم النبي محمد”.

ويضيف سعدات غريب: “قلت له مثلما قال أبي: هذه أرضنا ورثناها أبا عن جد ولن نفرط بها لأحد في مقابل مال الدنيا”.

مكب للمستوطنين
أما عن باقي أرضهم التي تبلغ مساحتها حوالى 60 دونما، فيقول: “صارت خلف الجدار الفاصل تحت المستوطنة وهي مزروعة بالزيتون. يسمح لنا مرة في السنة، بالتنسيق مع الارتباط، بالذهاب اليها في طريق طويلة ندخل إليها عبر بوابة أمنية من قرية بيت دقو المجاورة. أحيانا ننتظر ساعة وساعتين لفتحهاعلى  رغم أن الأرض تبعد أصلا  بضعة أمتار عن البيت”.

ثم يشير إلى جزء آخر من الأرض المتبقية التي صارت “مكبا لنفايات المستوطنين ومخلفات البناء وهناك قضية رفعناها أمام المحكمة في شأنها”.

استطاعت عائلة غريب عام 2012 استرجاع أرض مساحتها 3 دونمات استولى عليها المستوطنون بقرار منهم وجعلوها موقفا للسيارات ومتنزها. ويقول سعدات غريب “ما زلنا ننتظر أن ينفذ الجيش أمر إخلاء الأرض وإعادتها الينا”.

ويضيف “لو كانت الأرض تخص يهوديا لتم الاخلاء منذ اللحظة الأولى”.

يتنهد غريب ويقول “لا اعرف متى ينتهي هذا. لا أحد يعرف معنى الألم الذي يعانيه أطفالي جراء هذا الوضع. ابنتي لم تستطع النوم من خوفها من الجيش في المرة الأخيرة التي أطلقوا فيها قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع”.

ويختم: “أخاف على أولادي أن يخطفوا مثل محمد أبو خضير، أو أن يحرقهم المستوطنون مثلما حدث مع عائلة دوابشة”.

زر الذهاب إلى الأعلى