بأقلامنا

الفرصة التاريخية لخيار التحرر القومي بقلم صلاح بسيوني

12\6\2022

من يعرف الشعب الروسي والعقيدة العسكرية الروسية منذ بطرس الاكبر يفهم ان روسيا ليست بوارد وقف عمليتها العسكرية في اوكرانيا قبل أن تحقق أهدافها السياسية، ولا هى مهيأة لتقبل أية هزيمة مهما كانت الكلفة باهظة. ولا أمريكا الامبراطورية المالية والارمادا العسكرية بوارد الدخول في أي حل سياسي قبل الذهاب بعيدا فى إنهاك القيصرية الروسية الجديدة واستنزافها.
لا يستطيع الغرب تغليف الحرب في أوكرانيا ايديولوجياً. بوتين ليس شيوعياً ، يعني أنه لا يمكن إستخدام “بعبع الإلحاد” لتحريض المؤمنين عليه في العالم الكاثوليكي أو الأرثوذكسي أو الإسلامي. هو إبن المنظومة الرأسمالية.
المعنى فى ذلك كله أن الحرب سوف تتمدد وتأحذ اشكالا متعددة، النظام الدولى القديم يعاند من اجل البقاء والنظام الجديد تتعثر ولادته الى حين.
العالم يعيش الفوضى العارمة التي ستنتهي حتما الى توازنات دولية جديدة لا تشبه القديمة.
الاميركيون يدركون انه اذا خرجت روسيا منتصرة سيتعزز التحالف الروسي الصيني وياخذ شكلا متقدما سيجذب دول العالم الثالث (خاصة المقموعه امريكيا) .
الهدف الاستراتيجي الاميركي انهاك روسيا وتفكيكها والسيطرة على ثرواتها ( هدفٌ قديم يتجدد في العقل الراسمالي الغربي..) وتطويق ثم احتواء التنين الصيني.
اوروبا القارة العجوز باتت تعي انه ما ان تضع الحرب اوزارها الا وتكون بحاجة الى مشروع مارشال جديد لترميم بناها الاقتصادية ، لذلك تعيش في هذه المرحلة مخاض سياسي داخلي على المستويين الشعبي والرسمي.
أمام هذا الصراع الكبير يقف العرب بموقعهم الجيواستراتيجي في وسط العاصفة مفككين مبعثرين منهكين امام العصا الاميركية والامتداد الاخطبوطي الاسرائيلي في المنظومات العربية الحاكمة والمحكومة. العرب بأدمغة العصر الحجري يهابون ويطيعون الاميركي خوفا على الوهم الذي عاشوه والحلم الذي يعيشوه, ( الوهم الساداتي في اعتبار 99% من اوراق اللعبة بيد امريكا والحلم بالتطبيع كخشبة الخلاص من الازمات).
لقد دفعت شعوب الامة العربية الكثير من الدم والعذابات لاجتثاث المستعمر واعوانه ، وما زالت تخوض معركة التحرر القومي من الهيمنة الاستعمارية . سيناريوهات كثيرة في انتظارنا مطروحة لما بعد الحرب الروسية الاوكرانية التي ستنتهي حتما نحو عالم جديد وعلاقات دولية جديدة ، اما ندخل في الحساب او نخرج من اي حساب . انها الفرصة التاريخية لخيار التحرر القومي في انهاك المستعمر تمهيدا لطرده من بلادنا.حيث لا يمكن نجاح اي مشروع نهضوي عربي من دون تحرر قومي .

زر الذهاب إلى الأعلى