شارك بمسابقة شهر رمضان المبارك للعام ــ 1445 هـ . ـــ 2024 م . وأربح جوائز مالية نقدية Info@halasour.com
بأقلامنا

‎ ‎‏‎رغمَ كلِّ ما يعصِفُ بالوطنِ من أَزَماتٍ خانقةٍ يأبى الحرفُ الحيُّ أنْ يموتَ بقلم الإعلامية وفاء بيضون

‎ ‎‏‎رغمَ كلِّ ما يعصِفُ بالوطنِ من أَزَماتٍ خانقةٍ، ورغمَ حالةِ التردِّي والفوضى العارمةِ والسائِدةِ التي أصابتْ كلَّ المرافقِ الحيويّةِ المتّصِلةِ بحياةِ المواطنِ، يأبى الحرفُ الحيُّ أنْ يموتَ، وإنْ تراكمتْ عليهِ كُتلٌ منَ الرَّمادِ الدّاكنِ الّذي لفَّ غبارُهُ ودخانُهُ الأسوَدُ الوطنَ منْ أقصاهُ إلى أقصاهُ. ‎لبنانُ اليومَ يتعرّضُ إلى هجمةٍ ممنهجةٍ وغيرِ مسبوقةٍ، محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، لتدميرِ الحياةِ الآمنةِ وتدميرِ البُنيةِ التعليميّةِ والثقافيّةِ والتي تُعتبرُ بدورِها صمامَ أمنِ الوطنِ والمواطنِ، وصيانةِ حريتهِ وكرامتهِ، وذلكَ عبرَ دسائسَ ومكائدَ متقنةٍ ومدروسةٍ، هندستْها وصاغتْها عقولٌ شيطانيةٌ لتبتلعَ ما تبقّى منَ البلدِ، وتغرقَهُ في تيهٍ لا اتجاهَ لهُ، وليسَ ثمّةَ بوصلةٌ قادرةٌ على تصويبِ خطوطِ الطولِ أو العرضِ له. ‎وفقًا لهذهِ الرؤيةِ المؤلمةِ لواقعِ بلدِنا المأساويّ، والّذي يمكنُ تشبيهُهُ بمركَبٍ صغيرٍ في وسطِ محيطٍ تتقاذفهُ أمواجٌ عاتيةٌ ورياحٌ عاصفةٌ، بحيثُ لا يمكنُ التنبُؤ معها عندَ أيِّ شاطئٍ سيرسو أو يستقرُّ

. ‎ولأنَّ معرضَ الكتابِ هو موضوعُنا اليومَ، فلا بدَّ منَ العروجِ إلى صرحِ الكتابِ وبنيانِهِ الّذي لا يُطاولُ، فبينَ دفّتيهِ أحرفٌ وكلماتٌ دوّنتْها عقولٌ جبّارةٌ ومشاعرُ خلّاقةٌ تضيءُ أَمامَنا طريقَ المعرفةِ الّتي نسعى دومًا لاكتسابِها، والتي منْ خلالِها نرسمُ هندسةَ لبنانَ المحفورِ حضورُه في ذاكرةِ التّاريخِ الحُبلى بكيفيّةِ الانتفاضِ على الرّمادِ، ومنَ الرّمادِ شيّدتْ صرحَ الوطنِ الّذي نريدُ ونطمحُ ليكون، الوطنِ الّذي تتحقّقُ بهِ أحلامُ أهلهِ دونَ حواجزَ أو عوائق. ‎ونعودُ هنا لنزيدَ من إصرارِنا على اعتبارِ المعرفةِ بشتّى ميادينِها وحقولِها الكنزَ الّذي تُبنى عليهِ الثقافةُ وسلّمُ الصعودِ إلى بناءِ الحضارات. ‎‏‎ولا ننسى أَنّنا في عاصمةِ الحرفِ الأوّلِ مدينةِ صور فينيقيا التي هي أمُّ الحرفِ ووليدةُ كلماتهِ التي حطّتْ على شطآنِ الظّلامِ لتنيرَ سماءَ عتمتِها . ‎‏‎باختصارٍ، هي صورُ التي حفرتْ مكانَها ومكانتَها في التاريخِ الّذي لا يستطيعُ تجاهلَه زمن ٌولا يقدرُ الوقتُ على العبورِ دونَ أن تكونَ صورُ محمولةً في مركَبِ ثوانيه. ‎‏‎ إنّ معرضَ الكتابِ هوَ في المدينةِ التي منها انطلقَ الحرفُ، ومنها الآنَ نعيدُ صياغتَهُ، فهو يأبى أَنْ يذكرَ إلّا في منشَئِهِ الأولِ وموطنِه الأبديِّ، حيثُ وُلِدَتْ منْ خطِّ عبورِهِ الدائمِ لمعةُ الإبداعِ والتي تجلّتْ اليومَ في نخبةٍ منَ المفكّرينَ والأئمةِ والعلماءِ والأدباءِ والشعراءِ قلَّ نظيرُها . ‎‏‎وإننا على يقينٍ أنّ المدينةَ التي أنجبتْ نخبًا منْ عائلاتٍ روحيةٍ كريمةٍ كالصّدرِ وشرفِ الدّينِ، هي مدينةٌ قادرةٌ على إنجابِ الكثيرِ منْ أمثالِهم، فقدرةُ مدينةِ صور ليستْ محصورةً فقط في قلعةٍ حصينةٍ كادتْ أنْ تطيحَ عنادَ الاسكندرِ وتفقدَهُ صوابَهُ. وها هيَ اليومَ تتحدّى كلَّ العوائقِ المحيطةِ ببلدِنا منْ أزماتٍ بيئيةٍ ومعيشيةٍ. ‎صور تقدّمُ اليومَ واحدةً من إنجازاتها المتتابعةِ بخطًى صلبةٍ ومتينةٍ عبرَ هذا المعرضِ، والّذي يأتي ضمنَ سلسلةِ المعارضِ السابقةِ وكذلكَ القادمةِ. ‎‏‎هنا لا بدَّ منَ الإشادةِ بالدورِ القيّمِ والأساسيّ الّذي قدّمَهُ الزميلُ الإعلاميُّ والأديبُ الكاتبُ المرموقُ في عالمِ الثقافةِ والاجتماعِ الدكتورُ عماد سعيد

. ‎والشكرُ الكبيرُ أَيضًا إلى الحاج علي اسماعيل راعي هذا الحفلِ المميّزِ والمعروفِ بباعِهِ الطويلِ ومشوارِهِ الأطولِ في دنيا العلمِ والفكرِ والمعرفةِ. ‎ولكلِّ من ساهمَ وشاركَ في إنجاحِ هذا المعرضِ والمميّزِ أيضًا بحضورِكم ومشاركتِكم جميعًا. ‎دمتمُ الشموعَ التي لا تنطفئُ أبدًا ولو عصفتْ بها كلُّ مكائدِ الدهر ِ، لأنّكُم النورُ الّذي يبدِّدُ العتمةَ أينما حللتُم… دمتم سالمين والسلام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة تقديم حفل إفتتاح معرض الكتاب العربي السادس 2021 في مركز باسل الاسد الثقافي في صور

 

زر الذهاب إلى الأعلى