بأقلامنا

حزب الله والرد الحتمي والإشتباك مع أميركا إستراتيجي ! 1 من 2 بقلم // جهاد أيوب

من الغباء الاعتقاد أن الثنائي الوطني سيمرر مجزرة القوات الجعجعية في الطيونة من خلال تبويس الذقون، وهذا يعني عدم معرفة بعمق ثأر حزب الله وحركة أمل مهما طال الزمن!
ما حدث ليس خطأ عابراً من مجموعة غير منضبطة تكرر مجازرها مع الدروز والمسيحيين والسنة والآن مع الشيعة في الوطن، ولا هي مجزرة غير منظمة، بل دماء سقطت بقرار، وبمعرفة كل المؤسسات الأمنية اللبنانية والسفارة الأميركية، ومكشوفة قبل أن تحدث عبر تصريحات من افتعلها، ولحظة وقوعها، وبعدها من خلال اعترافات المجرم سمير جعجع العلنية في لقاء متلفز رغم محاولته كذباً إشراك التيار البرتقالي والكتائب بكمين الغدر، والأخطر إعطاء هذه المجزرة المتعمدة غطاء مسيحياً، كما لو كان متحكماً بالقرار المسيحي، وإصراره على أنهم قتلة، وهذا غير صحيح مهما ساندته سفارات أميركا والسعودية وإسرائيل!
وقوع المجزرة من قبل مرتزقة القوات متزامنة مع الغارة الإسرائيلية الأميركية على مطار التيفور السوري في حمص مقصودة ( طائرة أميركية وأخرى إسرائيلية قاما بالمهمة، لكون إسرائيل لم تكن ترغب بذلك لأسباب نفصلها فيما بعد)، ومع زيارة نولاند وكيلة وزيرة الخارجية الأميركية، ومن المعروف أن زيارة هذه المرأة إلى أي بلد يترافق مع مجازر، ودماء وقتل…
وقد جاءت المجزرة بعد توعد قوى المقاومة بالرد مباشرة على القصف في سورية، وهذه ليست صدفة، ولم تكن كذلك، والدماء لا تسقط بالصدفة في صراعنا مع العدو!
المرحلة مغايرة كلياً، ومن يتصور اليوم كما الأمس فهو غبي، ويعيش الحماقة، لا استراتيجياً ولا اقليمياً ولا عسكرياً تشبه الأمس، الحالة غير متشابهة أو مربكة عند المقاومة والمحور، وما حدث في “الطيونة” هو انكشاف كلي لافلاس العدو الداخلي والخارجي، وحماقة التصرف خلال زيارة نولاند لم تحقق غير القتل المتعمد، والمزيد من الحقد، واللعب في المساحة الضيقة، والورقة الأخيرة في الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، وتحديداً بعد انسحابها من أفغانستان بطريقة مخزية لها وللعملاء، ومع ذلك لم تصل المجزرة إلى غايتها في جر البلد إلى حرب أهلية سعت إليها أميركا بأموال سعودية، وبكرار زمر مسيحية متطرفة تعيش على الدماء، نعم هذه الزمر هي داعش المسيحية في لبنان!
من الواضح أن حزب الله غير إسلوب إدارة المعركة إعلامياً، وفي خطابه السياسي، وبطريقة تعامله عسكرياً، ويتجه إلى الإستثمار، فهو منذ انتصار 2000، و2006، والانتصارات في سوريا ابتعد بقرار عن عدم الاستثمار بالداخل اللبناني، ولكنه اليوم قرر الغاء هذه المنهجية والتي اعتقد البعض انها معادلة. حزب الله الآن حسم امره بالوضوح الاستثماري، والثقل الداخلي، وبعدم المسامحة، والثقل النوعي، وأميركا تدرك ذلك جلياً وكلياً، وربما تصريح السيد هاشم صفي الدين الأهم حول ” إخراج عملاء أميركا من الإدارة في لبنان” كان الصفعة الأولى المباشرة، وشرارة التغيير والأسلوب والتعامل في الداخل اللبناني!
بعد هذا التصريح حدث ارباكاً في سفارات غربية وعربية في لبنان، وقاموا باتصالات على أكثر من صعيد، ومع أكثر من شخصية لمعرفة المقصود من كلام السيد هاشم، لا بل وصلت الاتصالات والزيارات المكثفة إلى قيادة الحزب مباشرة للأستفسار، والتعبير عن القلق من تفسيرات تعنيهم!
وايضاً ما طلبته سفيرة دولة غربية فاعلة بالاستفسار إذا كان المقصود من ذلك الكلام مؤسسات الدولة جميعها وبالأخص الجيش والمؤسسات الأمنية، والمراكز الإدارية والقضاء، وهل هي معركة إخراج أميركا من لبنان سياسياً؟
لذلك كان القصف على سورية بمشاركة أميركية، ومجزرة “الطيونة” كعملية استباقية دون معرفة لطريقة الرد، وهنا الرد حتمي على إسرائيل، وحتمي بعد تمرير القطوع في الداخل اللبناني، وفي الداخل فالرد قريب جداً، وبهدوء!
لقد بدأ الاشتباك الاستراتيجي مع أميركا في لبنان، ونحن ذاهبون إلى أكثر من اشتباك، وهذا له علاقة مع أحداث وصراعات في المنطقة، ولبنان لن يكون من دون محيطه، خاصة أن حزب الله منذ 2011 إلى الآن خاض معاركه مع أميركا ومشاريعها من مسافات بعيدة، وبما أن الأميركي قرر الرد على حزب الله بعقر داره، وبأسليب واضحة، لا بد أن يكون الحزب قد عدل وغير موقفه!
ومن ناحيته على ما يبدو قرر الحزب نقل المعركة من الإقليم إلى الساحة اللبنانية والعمق الإسرائيلي ” الرجاء الوقوف هنا مطولاً، وقراءة متأنية”، ويستسقي الحزب ذلك من ضعف جماعات أميركا في الداخل وتناثرها وتخبطها، وضعف القوة العسكرية الأميركية في المنطقة لخلافات تعود إلى الداخل الأميركي والصراع المقبل مع الصين، وخروج مقاومة ضدها في كل دولة احتلتها، واعلانها قولاً وفعلاً بالخروج من المنطقة بعد فضيحة الإنسحاب من أفغانستان، وبالتأكيد خروجها أو انسحابها ليس سلمياً، بل ستزرع من خلفها الدماء والدمار في بلاد ستخرج منها، وباستحمار زمر تصر أن تكون الخدم والجرو عندها، هذه الزمر مستعدة لحرق بلادها وانفسها إكراماً للعم سام، وحقداً طائشاً بشريك الوطن، والنتائج واضحة في العرب، وعند فئات لبنانية لم تتعلم من الماضي والحاضر والتاريخ، وتعيد حماقاتها مع الدم والحروب بغباء التكرار، وهبل الوجود الذي يتقلص في مناطق الوطن إلى الهجرة!

 

زر الذهاب إلى الأعلى