أخبار لبنان

تأسيس تجمع معتقلي أنصار رحلة الألف ميل حافظت على استقلالية التجمع من التجاذبات الحزبية والسياسية.

 

لم ينشأ تجمع معتقلي أنصار من فراغ، فقد سبق عملية التأسيس في 4 آذار 1984 خطوات إعلامية ونضالية تمهيدية كانت أساس انطلاقته وهي:

1- تشكيل أول لجنة تضامنية مع معتقلي أنصار في أواسط تشرين الاول 1983

تألفت اللجنة من محمد صفا والنائب السابق الراحل جعفر شرف الدين والفنان الاسير المحرر حسين قصير والمناضل علي بحسون.

عقدت اللجنة عدة اجتماعات في بيروت وأصدرت عدة بيانات إدانة لعمليات التعذيب في معتقل أنصار، وساهمت في عملية التحضير لأول ندوة في لبنان في مقر المجلس الثقافي للبنان الجنوبي بتاريخ 13/1/1983 حيث ادليت بشهادتي وعرضت بشكل مسهب أوضاع ومعاناة المعتقلين ووجهت نداء لتشكيل لجنة وطنية للدفاع عن المعتقلين.

2- نشر جريدة السفير التقرير الذي كتبته عن معتقل أنصار بدون توقيع إسمي تاريخ 1/11/1982 وكان الصرخة الاولى من داخل المعتقل والمناطق المحتلة الى العالم.

3- صدور كتابي الأول 100 يوم في معتقل أنصار في منتصف شباط 1983 بإسم “سعدون حسين” والذي أحدث ضجة اعلامية وسياسية كبيرة حول معتقل أنصار.

انها البدايات الأولى للتحرك الوطني والشعبي التضامني مع المعتقلين.

ومع اتساع عمليات الافراج الفردي والجماعي من معتقل أنصار عقدنا اجتماعات تحضيرية احتضنها  المجلس الثقافي للبنان الجنوبي أواخر العام 1983 وفي منازل بعض الاسرى المحررين للمساهمة في حملة الدفاع عن الاسرى استجابة للنداء الذي اطلقته في ندوة المجلس الثقافي 13/1/1983.

هذه الخطوات أدت الى اعلان ” تجمع معتقلي أنصار” في جمعية عمومية للمعتقلين المحررين في كلية الحقوق بتاريخ 4 آذار عام 1984، فانتخبت هيئة تأسيسية وأقر برنامج أولي للتجمع تحت العناوين التالية:

1- اعطاء صورة متكاملة عن معتقل أنصار محلياً وعربياً وعالمياً.

2- ملاحقة قضايا المعتقلين صحياً واجتماعياً

3- كشف ممارسات الاحتلال والانتهاكات اللاانسانية

4- دعم المقاومة الوطنية للاحتلال.

5- إقفال معتقل أنصار

نظم التجمع العديد من الندوات والمهرجانات والاعتصامات كان ذروتها معرض المنتوجات اليدوية في القاعة الزجاجية لوزارة السياحة برعاية الرئيس نبيه بري.

المعرض تحول الى تظاهرة شعبية لعدة أسابيع دعماً لقضية المعتقلين ولنضال المقاومة الوطنية والشعبية ضد الاحتلال ورفع التجمع عدة مذكرات الى الامين العام للامم المتحدة والمنظمات الدولية والانسانية من اجل اطلاق سراح المعتقلين وأضحى الرابع عشر من تموز ذكرى افتتاح معتقل أنصار يوماً تضامنياً عالمياً مع الاسير اللبناني في سجون الاحتلال الاسرائيلي وقد صمم الفنان عضو التجمع حسين قصير الملصق الاول ليوم الأسير. وشمل نشاط التجمع الانتهاكات الاسرائيلية في الجنوب وفلسطين المحتلة.

ومع تطور وتصاعد نضال المقاومة ضد الاحتلال واضطرار العدو الاسرائيلي الى الانسحاب من أجزاء من ارضنا كانت قضية المعتقلين تدخل مرحلة جديدة وخاصة بعد ان أقفلت مقاومة شعبنا معتقل أنصار في الرابع من نيسان 1985 ونقل أعداد من المعتقلين الى سجن ” عتليت” واستحداث معتقل ” الخيام” بديلا لسجن ” أنصار”.

وشُكلت العديد من لجان التضامن مع المعتقلين في الجنوب والاقليم وإحياء اسابيع تضامنية في أكثر من بلد عربي.

وشارك التجمع في مؤتمرات عالمية في المانيا وفرنسا وكوريا الشمالية ونسج علاقات مع منظمة العفو الدولية والعديد من المنظمات الحقوقية العالمية.

وطالب التجمع الدولة بمساعدة عوائل الأسرى ودعمهم مادياً وصحياً ورفع قيمة المساعدة المادية من وزارة “الجنوب” سابقاً الى مجلس الجنوب تبعاً لارتفاع الحد الأدنى للاجور في القطاع العام.

وأثار التجمع مع وزارة التربية قضية قطع رواتب المدرسين المعتقلين فسويت قضيتهم.

لقد استطعنا عبر احياء المناسبات” الانصارية” و “الخيامية” ولقاءات التضامن، واحتفالات يوم الأسير ان نجعل من قضية المعتقلين رغم انعدام الامكانيات المادية والتقصير الرسمي والوطني قضية حية مطروحة على كافة المستويات ولم يتأثر نشاطنا بالحديث عن اقتراب عملية ” التبادل” ولا بالممارسات الخاطئة التي هدفت الى تمزيق التجمع وعرقلة نشاطه.

لم يكن التجمع لحزب معين أو فئة سياسية وانطلاقته كانت مستقلة عن جميع القوى وحاولنا ان يبقى اطاراً موحداً لقضية المعتقلين في سجون الاحتلال بكافة فئاتهم بغض النظر عن تركيبه التنظيمي وتعرضنا لضغوطات سياسية وحزبية فئوية ساهمت في تمزيق وحدة التجمع، إلا اننا حافظنا على استقلاليته رغم كل الصعوبات السياسية والمادية وسيادة النهج الفئوي في العلاقات الوطنية. واستمر التجمع في حركته النضالية دفاعاً عن معتقلي أنصار والخيام محققا ما يلي:

1- ان يكون الاطار التنظيمي والسياسي لكافة المعتقلين.

2- شكل التجمع منبراً اعلامياً للمقاومة ولنضال شعبنا في المناطق المحتلة.

3- بناء علاقات ذات طابع ديمقراطي مع المؤسسات الرسمسة والاعلامية والشبابية والاجتماعية.

4- بناء علاقات متينة مع أهالي المعتقلين وإشراكهم في التحركات والاعتصامات، حيث باتوا جزءاً من التجمع وحركته اليومية.

5- جمع النتاج اليدوي للأسرى من منحوتات خشبية وحجرية كتراث نضالي لشعبنا وتنظيم معارض في كافة المناطق اللبنانية..

6- اصدار المذكرات والكتب الوثائقية والأدبية عن معتقلي انصار والخيام وعقد ندوات وبرامج تلفزيونية وإذاعية.

7- شكلت حملات التضامن عاملا مساعداً للجنة الدولية للصليب ولغيرها من المؤسسات الدولية.

8- وشملت تحركانتا قضية الاسيرالفلسطيني الاسير التوأم للاسير اللبناني وصار السابع عشر من نيسان يوم الاسير الفلسطيني يوماً وطنياً لبنانياً فلسطينياً.

9- الضغط لتحسين مستوى التقديمات الاجتماعية لعوائل الأسرى والاسرى المحررين

اذا كنا في ” التجمع” قد اطلقنا حملة وطنية عارمة تضامناً مع المعتقلين وأقمنا نشاطات واسعة ومكثفة،إلا ان مسيرة التجمع لم تتسم بالثبات وباتت بنية التجمع التنظيمية والخطط المطروحة عاجزة عن مواكبة التطور النوعي لقضية المعتقلين.

التركيب التنظيمي للتجمع صار قيداً على تطوير قضية المعتقلين فهبط نشاط التجمع وبات هيئة مثل سائر الهيئات الاخرى تكرر ذاتها عبر نشاطات تقليدية تفتقر الى الحيوية والتجديد.

فأزمة التجمع منذ اللحظة الاولى لتأسيسه بسبب إقتصاره على القوى الحزبية. فتحول الى اطار حزبي أكثر منه اطاراً وطنياً ديمقراطياً بسبب أخطائنا ومحاولة كل حزب استخدام التجمع لرؤيته السياسية والنضالية وهو ما عارضته بشدة فكان التضييق والحصار والتشويه. وللخروج من هذه الازمة بادرتُ الى تنظيم دعوة باسم تجمع معتقلي انصار الى لقاء وطني عام في دار الندوة بتاريخ 24/ 9/1992 تحت شعار” من أجل أوسع حملة تضامنية مع معتقلي الخيام والسجون الاسرائيلية”.

انبثقت عن اللقاء” لجنة المتابعة لدعم قضية المعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية”.

 

(• مقالي في جريدة السفير تموز 1991

• كتاب علي سرور: الخيام، شهادات حية عن الارهاب الصهيوني من منشورات تجمع معتقلي انصار الطبعة الاولى 1988

• الحرية للمعتقلين، عشر سنوات من أجل الجنوب والمقاومة الناشر دار الفارابي الطبعة الاولى 1/9/1993)

ولادة لجنة المتابعة من رحم تجمع معتقلي أنصار وبمشاركة حزبية واجتماعية وثقافية ونيابية إفتتح مرحلة نضالية جديدة ونوعية في اطار الحملة التضامنية المحلية والعالمية لتحرير المعتقلين.

وإنني اذ أحيي كل الاسرى المحررين الذين واكبوا عملية تأسيس التجمع وانشطته بغض النظر عن الخلافات والتباينات في اساليب العمل اذكر منهم: د.نصرالدين قصير، وليد البني، حامد ابو ظهر، علي سرور، حسين بيضون، أديب ملاعب، غازي حاطوم، بسام ضو، د.أحمد سويرة، عدنان عليق، أبو جميل غدار، د.نقولا زيدان، حسين قصير، عماد سعيد و الراحلين قاسم سليم، علي مروه، علي زراقط ومحي الدين جويدي.

واعتذر إذا خانتني الذاكرة عن نسيان العديد من الرفاق والأحبة.                     فتجمع معتقلي أنصار كان الحجر الاساس الذي بادرنا الى تأسيسه وشكل البدايات الاولى للحركة الاسيرة اللبنانية التي تعاظم دورها على كافة المستويات واستطعنا بالارادة والتفاني رغم إنعدام الامكانات المالية وعدم وجود مقر وموازنة وسكرتاريا للتجمع ان نواصل حملة التضامن مع معتقلي انصار والخيام وسجون الداخل كمتطوعين،وكنا احيانا نمشي من الكولا انا والرفيق علي سرور الى الحمرا ومقرات الصحف لتوزيع بيان مكتوب بخط اليد او دعوة لأعتصام.

وللتاريخ أقول لقد حاولت والرفيق علي سرور الذي ناضلنا سوياً كشخص واحد تطوعاً وبتفان ونكران ذات قبل وبعد انخراطي لفترة معينة في قطاع “المعتقلين”  للحزب الشيوعي اللبناني في الحفاظ على وحدة التجمع وارساء أفضل العلاقات مع مختلف القوى السياسية في السلطة وخارجها وإبعاد التجمع عن التجاذبات السياسية والحزبية، ولكن إصطدمنا من الجميع بنهج الهيمنة والفئوية والتوظيف السياسي لقضية المعتقلين وهو ما سرّع بتأسيس لجنة المتابعة لدعم قضية المعتقلين التي لاحقتها ايضاً الخلافات الحزبية والتجاذبات(من مذكرات محمد صفا)

الصور من ارشيف لجنة المتابعة اجتماع كلية الحقوق  1984 ونقابة الصحافة المبنى القديم 85 و86.

زر الذهاب إلى الأعلى