أخبار العالم العربي

ندوة لمنظمة العمل عن الحرب الاسرائيلية على فلسطين ولبنان: عرض لمخاطر الهجمة الراهنة وأسئلة حول التحديات

وطنية – أقامت منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني ندوة في مركزها بوطى المصيطبة، بعنوان: “الحرب الإسرائيلية على فلسطين ومضاعفاتها على لبنان”، تحدث خلالها كل من الباحث الفلسطيني الاستاذ صقر ابو فخر والصحافي الدكتور ابراهيم حيدر، وأدارها وقدم لها الصحافي الدكتور زهير هواري، وحضرها حشد من الفاعليات الديمقراطية السياسية والحزبية والاجتماعية والاعلامية اللبنانية والفلسطينية ومن المواطنين والاصدقاء.

أمل هواري في تقديمه أن تنجح الندوة “في وضع الإصبع على جرحنا الفلسطيني واللبناني النازف منذ أكثر من 75 يوماً، بل منذ 75 عاماً،  والمرشح للمزيد من الاتساع في الايام والاسابيع المقبلة. رغم أنه حتى اللحظة لا شيء يدل على أن وقفاً فعلياً لإطلاق النار يمكن أن يحدث، على جبهات قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان”.

وعرض للمواقف الاميركية التي تدير المعركة وتحدد نهايتها مع تحقيق أهدافها، والاسرائيلية التي ترى فيها “مناسبة للقضاء على الشعب الفلسطيني وصهينة ما تبقى من فلسطين، عبر  حسم المواجهة التي تدور رحاها كمجازر وحملات إبادة موصوفة وتجويع واعتقالات وتدمير كل معالم الحياة في كل من قطاع غزة والضفة الغربية”.

وتطرق إلى “معركة المساندة التي قررها حزب الله في الجنوب”، وربطها بما سبق وأعلنه” قادة العدو الاسرائيلي من عزم على إعادة لبنان إلى العصر الحجري، وتهديدهم الآن  الجنوب وبيروت وسائر المدن اللبنانية بمصير مماثل لمصير غزة وخان يونس”. وطرح هواري العديد من الأسئلة “التي تطرح نفسها بإلحاح وتتعلق بمصير الشعب الفلسطيني وحقوقه وقضيته الوطنية وتعذر واستحالة حل الدولتين كما هو واضح مما يعلنه قادة العدو واميركا معاً”. كما أن الأسئلة تشمل لبنان “الذي يتعرض للتهديد بينما هو يعاني من عجز عن تجديد شرعية بنيته السياسية وتشغيل مؤسساته ويندفع نحو المزيد من الانهيار الاقتصادي”. ورأى أن “الاسئلة تطال الدول والمجتمعات العربية التي تتفكك وتعجز عن مواجهة هذا السيل من التحديات، وينطبق الامر على ما تبقى من القوى السياسية  قومية ووطنية ويسارية واسلامية”. وتساءل: “هل هذه في وارد تقييم تجاربها والاقرار بأخطائها وتجديد البحث في طروحاتها وجدوى وجودها، وأدوارها وقدرتها على التشارك مع سائر القوى لخوض معركة صمود في وجه المخطط الاقتلاعي المنفلت من عقاله”.

ثم تحدث الباحث أبو فخر متوقفا عند احتمالات وقف الحرب، فرأى أن “هذه المعارك يمكن أن تتوقف اذا حققت اسرائيل أهدافها المعلنة، وهذا احتمال مستبعد، أو اذا تكبدت خسائر بشرية غير محتملة، وهذا احتمال ممكن، أو اذا غيّرت الولايات المتحدة الاميركية موقفها المعروف وطلبت من اسرائيل إنهاء الحرب، وهذا احتمال ممكن أيضاً”.

ورأى أن “من الصعب تقويم نتائج الحرب الآن، على الرغم من مضي 75 يوماً على اندلاعها، وتصبح إمكانية تقويم النتائج متاحة حين تتوقف المدافع نهائياً”. وتوقع المحاضر “العودة إلى هدنة قصيرة خلافاً لما أعلنته حركة حماس عن أنها لن توافق على أي هدنة الا اذا جرى الاتفاق على وقف نهائي للحرب”. واعتبر أن “هذه الحرب لن تتوقف نهائياً، بل إنها ستطول لأشهر مقبلة مع انخفاض وتيرة القصف الجوي، وربما تتضمن المرحلة القتالية الجديدة الانتقال من الهجمات الواسعة إلى عمليات مركزة على أهداف محددة مثل قتل قادة حماس والجهاد وتدمير الانفاق”.

وتحدث أبو فخر عن مستقبل قطاع غزة “في خضم الكلام على إقامة نظام أمني وإداري في القطاع من دون الفصائل الفلسطينية، وترتيب ذلك مع مصر والامم المتحدة”. كما تطرق إلى “وضع السلطة الوطنية الفلسطينية وتصعيد الضغوط عليها، وإمكانية تعديل بنيتها وإعادة هيكلتها مجدداً كي تتلاءم مع الرؤى الاميركية في شأن الانتقال إلى نوع غير معروف من التسويات السياسية”. وشدد على “خطورة استمرار الانقسام الفلسطيني الذي يسهل على العدو الاسرائيلي تنفيذ أهداف حربه المعلنة”. وأشار إلى “المسؤولية المشتركة من أجل السعي إلى استعادة الوحدة والبرنامج النضالي في ضوء نتائج الحرب التي لا يمكن التقليل من انعكاساتها على القضية الفلسطينية في ظل الخلل الفادح في موازين القوى”. وتوقف امام “مخاطر الدعم الاميركي غير المحدود  لإسرائيل والدور القيادي لها في الحرب الحالية”.

وأثنى على “المواقف التي اعتمدتها قيادة السلطة الفلسطينية من خلال رفض الاملاءات الأميركية، ولا سيما بإدانة عملية حماس البطولية والاجتماع مع الرئيس الأميركي في عمان مما أفشل المحاولة وبالتالي القمة الأميركية المصرية ـ الأردنية الفلسطينية المطلوبة في حينه. كما رفضت طلبات اسرائيل وتابعت تحويل الاموال والرواتب إلى قطاع غزة بما في ذلك إلى عناصر حماس، وكذلك رواتب الشهداء والأسرى. كما نظمت السفارات والبعثات الدبلوماسية الفلسطينية حملات سياسية وإعلامية ناجحة رداً على الانحياز الاميركي والغربي لإسرائيل”. وشدد أبو فخر على أهمية “استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية” ووصف منظمة التحرير بأنها “بيت الفلسطينيين وأنهم جميعا يجب أن يعملوا من خلالها ويختلفوا داخلها وليس على وجودها”. ووصف سياسة السلطة بأنها “تعتمد تحقيق حل الدولتين كما جاء في اتفاقيات أوسلو من خلال العمل الدبلوماسي والمفاوضات التي أدت إلى مصرع إسحاق رابين قبل أن توقفها إسرائيل نهائيا بمجرد وصول نتنياهو للحكم”.

وأشاد المحاضر بحملات التضامن الاممية مع الشعب الفلسطيني، “وخصوصا تلك التي نظمتها المجموعات اليهودية الجديدة في اميركا واوروبا التي تنظر إلى قضية فلسطين نظرة اخلاقية وانسانية وحتى سياسية، لكن من دون الإنتماء إلى الصهيونية”. ولاحظ ختاما أن “قضية فلسطين غابت عن أدبيات تيارات وقوى المعارضات العربية الموروثة، خصوصاً المعارضات الاسلامية  التي اكتفت بالدعاء لشعب فلسطين”.

وفي ختام مداخلته، أثار أبو فخر الكثير من التساؤلات بشأن أهمية مستقبل القضية الفلسطينية وحول “الدور المسؤول للقيادات والنخب الفلسطينية بكل تياراتها على المستوى التاريخي كي لا تهدر تضحيات الشعب الفلسطيني”. ودعا الفصائل الفلسطينية إلى “مراجعة تجاربها وأشكال النضال المعتمدة لتحقيق قيام الدولة الفلسطينية، وتقرير متى تستعمل الصراع السلمي الديمقراطي ومتى تلجأ إلى العنف، وهو ما يستوجب مشاركة المجتمع الفلسطيني بطبقاته وشرائحه وقواه المدنية في هذا البحث، حتى لا نصل إلى نتائج معاكسة لما نبتغيه ونعمل لبلوغه من أهداف وطنية”.

حيدر

واستعرض حيدر من جهته “الظروف التي سبقت وواكبت عملية طوفان الاقصى دوليا وعربيا وفلسطينيا واسرائيليا”، ووصفها بأنها “حدثت في لحظة لم يتوقعها الجميع وأحدثت إرباكاً لدى سائر الأطراف بمن فيهم إيران وحزب الله”. وقال: “بصرف النظر عما ارادته حماس من عمليتها وهي لم تتوقع أن تكون نتائجها بهذه الحدة على إسرائيل التي اعتبرت أنها تهدد كيانها الوجودي، وضعت الجميع أمام تحدي التعامل معها ونتائجها وارتداداتها، واستدعت استنفاراً أميركياً ودولياً تحت عنوان إنقاذ إسرائيل ودعمها إلى أقصى الحدود. وقد أدار الأميركيون الحرب التدميرية ضد غزة والشعب الفلسطيني، وأقاموا جسراً جوياً وأحضروا حاملات طائراتهم إلى المتوسط، وبرأوا الإيرانيين من علاقتهم بالهجوم”.

وأكد أن “ما يحدث هو نكبة ربما توازي نكبتي 1948 وحزيران 1967”. وقال: “كلنا نتذكر كيف أدار الفلسطينيون صراعهم مع الاحتلال في الانتفاضتين، خصوصاً الثانية عام 2000 وهي كانت بقيادة مختلفة اضطرت إلى وقف الانتفاضة بعد قياس جدوى استمرارها وحساب الخسائر والأرباح وموازين القوى.. وثمة تغطية للاحتلال لإطلاق يده بالبطش ضد الفلسطينيين لتهجيرهم وإخضاع من يبقى منهم، وتقويض أي تسوية للقضية الفلسطينية، ويساعده في ذلك موازين القوى، بصرف النظر عن شعارات المحور الممانع الذي كان يتحدث أركانه كل يوم عن إزالة إسرائيل من الوجود”.

وطرح حيدر تساؤلات حول “طريقة إدارة “حزب الله” للمعركة مع الاحتلال وما إذا كانت جبهة الجنوب تساهم فعلاً في دعم المقاومة في غزة، إضافة إلى مخاطر ربط لبنان بجبهتها”. وقال: “الواضح أن “حزب الله” يعمل بأجندة لها امتدادات إقليمية وهو يعرض قدراته في مواجهة الاحتلال للخطر ومن دون الاخذ بالاعتبار التأثيرات المحتملة على وضع لبنان”.

وتابع: “هناك دلالات كثيرة على خطورة الوضع في الجنوب، فإضافة إلى الميدان تتسارع الاتصالات الدولية محذرة من الانجرار إلى حرب كبرى مدمرة للبنان ومفتوحة امتداداً نحو المنطقة. لكن حتى لو توقفت الحرب، فإن الوضع في جبهة الجنوب لن يعود كما كان في السابق، خصوصاً وأن إسرائيل تشترط عودة المستوطنين إلى منازلهم في شمال فلسطين على الحدود اللبنانية وإنهاء ما تسميه تهديد “حزب الله”.

وحذر ابراهيم من “أن تشن إسرائيل حرباً أو أن تستدرج “حزب الله” إليها، مستغلة فرصة ما تسميه الفوضى القائمة التي تهدد مستوطناتها الشمالية، وذلك لفرض أمر واقع يكرس منطقة عازلة في الجنوب”. وقال: “هذا الأمر يطرح تساؤلات عن جدوى إبقاء جبهة الجنوب مفتوحة، طالما هي لا تغيّر من واقع غزة، ولا تخفف من إجرام العدو، ولا توفر حماية للبنان من عدوان إسرائيلي محتمل. فإذا كان “حزب الله” مدركاً لذلك، فإنه يغامر بجر لبنان إلى الحرب بحسابات ليست لبنانية. ورهانه على أن معركته يمكنها رفد حماس وعدم استفرادها، هو سلاح ذو حدين”.

وشدد على أن “التفرد بقرار فتح الجبهة لا يلغي ضرورة تجنيب لبنان الحرب، وسحب الذرائع الإسرائيلية، لأن الوضع الراهن ينذر بأخطار مصيرية على لبنان”، لافتا الى أن “قيادة المعركة ضد الاحتلال بحسابات إقليمية لا يحقق مصلحة لبنان. كما أن الانزلاق نحو الحرب أيضاً هو مغامرة لا تحمي لبنان.”

وأنهى قائلاً: “الحرب التدميرية على غزة، والحرب المحتملة على لبنان يطرحان ضرورة التفكير بخوض أشكال كفاح يتوافر لها عوامل ملائمة وظروف ومعطيات وطنية وعربية وإقليمية ودولية. وفي لبنان لا يمكن الاستمرار بجر البلد الى الحرب، دون الأخذ  بالاعتبار المصلحة الوطنية أولاً وأخيراً”.

بعد مداخلات المحاضرين ساهم عدد من الحضور في طرح أسئلة وتقديم وجهات نظرهم حول الوضعين الفلسطيني واللبناني والاحتمالات الممكنة لكل منهما.

زر الذهاب إلى الأعلى