أخبار فلسطين

عروبة فلسطين وحتمية التاريخ بقلم الدكتور رجب شعلان

منذ غام ١٩٤٧ ومعظم الانظمة العربية تتاخذ موقفا يتماهى مع مواقف الغرب الاستعماري فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وقد تجلت هذه التماهيات مع الهزيمة النكراء التي مني بها ما سمي في ذلك الحين بجيش الانقاذ امام جحافل العصابات الصهيونية المدعومة من الانتداب البريطاني . ولعل هذه الهزيمة المفتعلة كانت استكمال لانفاذ الوعود التي كانت متبادلة في مراسلات الحسين مكماهون والتي اتت استكمالا لوعد بلفور باعطاء الصهاينة فلسطين لتكون وطنا قوميا لهم ولاقامة دولتهم التي اسموها اسرائيل
ولعل التامر على القضية الفلسطينية كانت هي السمة الابرز لمعظم النظم العربية المرهونة اساسا بانتمائها الى السياسة الاستعمارية وخصوصا البريطانية منها وتاليا الارتماء الكلي في احضان السياسة الاميركية وتنفيذ ما تطلبه هذه الادارة منهم لضمان امن وسلامة واستقرار هذا الكيان الذي قام على حساب التاريخ والجغرافيا مستخدما ادوات القتل والارهاب والمجازر بحق ابناء الشعب الفلسطيني الذين لم يتلقوا من النظام الرسمي العربي الا الوعود الفارغة من اي محتوى فعلى .
ومع انطلاق الرصاصة الاولى ضد العدو الصهيوني والاعلان عن قيام منظمة التحرير الفلسطينية ازدادت عمليات التامر من قبل النظام الرسمي العربي ضد المناضلين الفلسطينين بناء على اوامر صادرة لهم من قبل الادارة الاميريكية . ومنذ قيام منظمة التحرير الفلسطينية ازدادت حدة التامر على فلسطين وفق اسلوب ممنهج ومدروس والغاية منه الاتي
اولا: العمل على اقامة صلح وتعاون مع ما يسمى دولة اسرائيل
ثانيا : اسقاط وضرب وافشال اي مخطط يقوده الشعب الفلسطيني من اجل استعادة ارضه وسيادته
ثالثا : تزوير التاريخ وتسخيره في خدمة الجغرافيا لصالح ( الكيان الاسرائيلي )
رابعا: ضرب كل القوى والنظم التي تناصر الشعب الفلسطيني وثورته
خامسا: الوصول الى اقامة حل شامل في المنطقة يقوم على ضرب قوى المقاومة المؤيدة للقضية الفلسطينية واقامة اتفاقيات سلام بين الدول العربية والكيان الصهيوني يؤدي بالنتيجة الى هيمنة اسرائيل على منطقة المشرق العربي
دعم الكيان الاسرائيلي من خلال محادثات سرية كانت تجري بين مجموعة النظم العربية والعدو الصهيوني وهذه المحادثات هي تمهيدية لتصبح مع مرور الزمن معاهدات سلام واتفاقيات صلح بين النظم العربية والعدو الاسرائيلي
ومن اجل ذلك كانت حرب عام ١٩٦٧ وهزيمة الجيوش العربية وتوسع الاحتلال ليشمل الضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء في مصر والجولان في سوريا
وكانت هزيمة ١٩٦٧ البداية الحقيقية لبدء العد العكسي لتكريس حق الكيان الاسرائيلي في الوجود وهذا ما تنبه له الرئيس العربي الراحل وعلية فرض على مؤتمر القمة العربية التي انعقدت في السودان الى الخروج بلاءات ثلاث هي لا صلح . لا تفاوض. لا اعتراف بالعدو الاسرائيلي
وان ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة
امام هذا الموقف الصامد لبعض النظم العربية المؤيدة للحق التاريخي للفلسكينيين في فلسطين وان عروبة فلسطين تؤيدها الحتمية التاريخية وان الاحتلال الصهيوني لفلسكين وطرد شعبها والتنكيل به هو النهج المعاكس للحتمية التاريخية
بعد هزيمة ١٩٦٧ نشطت الانظمة التي تدور في الفلك الاستعماري الاميريكي من اجل تصفية وضرب قوة المقاومة الفلسطينية وهذا ما حدث في لبنان عام ١٩٦٩ وفي الاردن عام ١٩٧٠ هذا العام الذي كان ماساويا على حساب الشعب الفلسطيني برحيل الرئيس جمال عبد الناصر
ان مرحلة ما بعظ عبد الناصر غير مرحلة وجودة ..لقد سعت الادارات الاميريكية كثيرا من اجل اقناع عبد الناصر بالصلح والتفاوض وارساء سلام مع العدو الاسرائيلي مقابل اعادة سيناء اليه وختى اعادة الضفة والجولان . غير ان عبد النصر كان له راي اخر
رحل من كان يقول لا للعدو والاستعمار وحلت انظمة كلها مرهونة للادارات الاميركية ومنذ عام ١٩٧٣ وبعد ماسمي بابانتصار المسخ فيها الا انها كانت حربا ممسرحة الغاية منها بدء التفاوض مع العدو وهذا ما حصل وتوج باتفاقية كامب دايفيد ولحقته مفاوضات وادي عربه وتاليا معاهدة السلام بين الاردن واسرائيل
واذا كانت الساحة اللبنانية هي التي تحملت العبء الاكبر فقد جاء اجتياح لبنان واحتلالوعاصمته بيروت وطرد قوات منظمة التحرير من لبنان الى مجموعو ساحات عربية لاجبار لبنان ان يكون لبنان من بين الدول التي تعقد سلاما مع العدو وهذا ما رست علية المفاوضات بين لبنان واسرائيل الى اتفاق اطلق علية اتفاق ١٧ ايار
غير ان ارادة الشعب اللبناني وارادته اسقطت هذة اباتفاقية ومنعت على الكيان الصهيوني تحقيق غايته وزاد من تفاعل اللبنانيين مع نقاومتهم التي اخذت مكان المقاومة الفلسطينية لاكمال مسيرة النضال
امام هذة العقبة كان لا بد للادارة الامريكية من التوجه نحو دول الخليج لزيادة المساحة الجغرافية والسياسية التي تعترف وتوقع معاهدات مع العدو فكان اتفاق الامارات العربية ومن ثم البحرين وبعدهما السودان بتوقيع اتفاقات سلام وصداقة وتعاون مع الكيان الصهيوني ولعلنا نقول انا الدول التي ستوقع اتفاقيات سلام مع الكيان الصهيوني هي المملكة السعودية وعمان والمغرب والصومال وجزر القمر والنظام القائم في اليمن اذا ما استطاع الانتصار والنظام الذي سينتصر في ليبيا واقليم كردستان في العراق ويبقى ان الدول التي لن توقع سلاما مع العدو هي سوريا ولبنان وتونس والجزائر وموريتانيا والعراق المتارجح
لقد حاولت النظم التي فاوضت وصالحت واستسلمت للعدو الاسرئيلي استخدمت كل وسائل الاعلام لديها وائمة المساجد للاعلان انه عبر التاريخ لا يوجد شيئ اسمه فلسطين وان هذه الارض هي تاريخيا لبني اسرائيل وراحت بعض الدول لطبع نسخ من المصحف الكريم باضافة كلمة سورة بني اسرائيل بجانب عنوان السورة الاساسي وهي سورة الاسراء والمعراج . كل هذه الاساليب والمحاولات ما هي الا لالغاء الهوية العربية والاسلامية للاراضي الفلسطينية ولمسح اسم فلسطين من خلال تكريس اسم اسرائيل كحقيقة واقعة حسب ما يدعون
ان النضال الان صار مزدوجا النضال وعلى كل المستويات ضد العدو الاسرائيلي والنضال ضد التطبيع العربي الذي تهرول ورائه الكثير من النظم العربية
فالصراع الان يدور حول الغاء الهوية العربية فيما الوجه الاخر يناضل على حتمية عروبة فلسطين وهذا ما تؤكده حقائق التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا على امتداد الزمان

زر الذهاب إلى الأعلى