بأقلامنا

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي، بأن نهتدي بهدي رسول الله(ص) بعدما فتح الله مكة على يديه وتحقق له فيها الانتصار الكاسح على قريش الذي نستعيده في هذه الأيام، فهو رغم القوة التي كان يمتلكها والأذى الذي ناله هو وأصحابه منها، لم يدخلها دخول الفاتحين المنتشين بالنصر، ولم يتعامل معهم برد فعل على إساءاتهم، بل تذكر السيرة أنه دخلها وذقنه على راحلته، ساجداً لله، يردّد عبارات الشكر والثناء له سبحانه..
وعندما اجتمعت إليه قريش برجالها ونسائها، ليسألوه عما هو فاعل بهم، عفا عنهم وقال لهم: “اذهبوا أنتم الطلقاء”.. ولم يفرض رسول الله(ص) عليهم أن يدخلوا في الإسلام، ولم يشترط ذلك للعفو عنهم، بل ترك لهم الحريَّة في الالتزام بهذا الدين رغم أنه كان قادراً على ذلك…
بهذه الرحمة وبهذا التواضع استطاع رسول الله(ص) أن يبلغ قلوب أعدائه وتصل رسالته العقول ويتسع مداها حتى بلغت الآفاق، وراح الناس يدخلون في دين الله أفواجاً كما أشار الله سبحانه إلى ذلك..
بهذه الروح وحدها، نبلغ قلوب الناس ونملك عقولهم، وبها نواجه التحدّيات..
والبداية من الوضع المعيشي المتردي الذي يعيشه اللبنانيون على كل الصعد، من دون أن يبدو في الأفق أي بصيص أمل لخروجهم من هذا الواقع المأساوي الذي دخلوا فيه بعد أن أصبح واضحاً الدرك الذي وصلت إليه الخزينة العامة بفعل الفساد والهدر وسوء الإدارة، وأن المساعدات التي وعد بها اللبنانيون لن تأتي وإن أتت فبشروط الخارج وإملاءاته، وبالطبع هو يريدها لصالحه ولحسابه، ليبقى اللبنانيون يعيشون على مساعدات تأتي إليهم من أفراد ومن جهات تؤمن لهم القدرة على الاستمرار لكنها مهما عظمت لن تكون حلاً لمعاناتهم، بل تخفيفاً لها…
ونحن في هذه المناسبة نقدر كل المبادرات التي تعطي بدون حساب حباً بالعطاء وشعوراً بالمسؤولية اتجاه أبناء مجتمعهم ووطنهم، ولعل الصورة الأكثر تعبيراً عما آل إليه واقع اللبنانيين هو غرق المركب الذي كان يحمل على متنه العشرات من الشباب والرجال والنساء والأطفال الهاربين من الجحيم الذي يعيشونه والواقع المأساوي الذي يعانون منه، بعدما لم يعودوا قادرين على تأمين أبسط مقومات حياتهم..
رغم أنهم كانوا على علم بمخاطر هذا السفر وما قد يؤدي إليه، ولكنهم فضلوا تحمل المخاطر علهم ينجون من أنياب العوز والفقر والحاجة.
ونحن على هذا الصعيد، فإننا نشارك أهلنا في طرابلس وأهالي الضحايا الحزن على هذه الفاجعة التي أودت بحياة العديد منهم ونهنئ الناجين منهم، وندعو الله بالإسراع في الكشف عن حال المفقودين..
وكما دعونا سابقاً، فإننا نجدد دعوتنا لكل من هم في مواقع المسؤولية إلى يقظة ضمير والتبصر جيداً بالأسباب التي دفعت هؤلاء إلى أن يركبوا الزورق المكتظ وغير المجهز بسبل النجاة والإنقاذ والحماية والإسراع بالعمل لمعالجة هذه الأسباب أو على الأقل بالبدء بالمعالجة، وعدم الاكتفاء بإصدار بيانات التعزية أو تحميل المسؤوليات لعصابات التهريب أو بتقديم مساعدات اجتماعية للناجين أو لأهالي الضحايا أو بالتشدد بالإجراءات على صعيد النقل البحري.. فكل هذه الإجراءات رغم أهميتها ليست حلاً ولن تكون، سيبقى الحل هو بالإنماء العاجل لطرابلس وعكار وكل المناطق الفقيرة والمهملة في هذا الوطن والتي تتسع دائرتها يوماً بعد يوم…
إننا أمام هذا الواقع، ندعو إلى إجراء تحقيق شفاف وسريع لمعرفة الأسباب التي أدت إلى وقوع هذه الكارثة وعدم إبقائها في دائرة التكهنات لمنع تداعياتها والشرخ الذي يراد له أن يحصل بين أبناء المدينة وبين الجيش اللبناني…
ونبقى على صعيد الانتخابات التي أصبحت على الأبواب رغم كل أجواء التشكيك التي لا تزال تحيط بإجرائها لندعو مجدداً إلى أن تكون بعيدة كل البعد عن أجواء التشنج والتوتر وإثارة العصبيات والأحقاد وما يتهدد الاستقرار الداخلي وبعيداً من أساليب الترغيب والترهيب بأن تكون مناسبة للتنافس لتقديم البرنامج الأفضل والأكثر واقعية والقادر على إخراج البلد من حال الانهيار التي وصل إليها ومواجهة التحديات التي تنتظره..
وهنا ننبه إلى خطورة أن يتمحور السجال الانتخابي حول من يقف مع سلاح المقاومة أو من يعارضه.. إننا نريد أن يبقى هذا السلاح بعيداً من الصراعات والتجاذبات الداخلية نظراً إلى استمرر حاجة لبنان إليه لحماية البلد من العدو الصهيوني الذي لا يزال يتهدده في البر والبحر والجو ويتهدد ثروته الوطنية ومن أية تهديدات ثانية من ا…

زر الذهاب إلى الأعلى