مخاطر تهدئة المبادرة الأمريكية وسراب السلام في لبنان والمنطقة بقلم د. شريف نورالدين

بتاريخ: ٢٦ / ٩ / ٢٠٢٤
تستمر منطقة الشرق الأوسط في مواجهة أزمات متلاحقة، تتداخل فيها المصالح السياسية والاستراتيجيات العسكرية، مما يجعل أي مبادرة تُطرح تحت اسم السلام أو التهدئة محاطة بالشبهات. في هذا السياق، تتجلى المبادرة الأمريكية بشأن لبنان، التي لا تُعتبر مجرد خطة لإنهاء التوتر، بل تأتي في إطار لعبة سياسية معقدة تهدف إلى إعادة ترتيب الأوضاع الإقليمية وفق مصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي.
يبدو أن هذه المبادرة ليست أكثر من فخ يهدف إلى عزل جبهة لبنان عن غزة، مما يمنح نتنياهو فرصة جديدة لتجنب الضغوط الدولية وتوسيع نطاق عملياته العسكرية.
وتستند المبادرة الأمريكية “للهدنة الملغومة” إلى استراتيجية خبيثة، حيث تحاول تقديمها كخطوة تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في لبنان، بينما تُخفي في طياتها نوايا عدوانية. تتمثل جوهر هذه المبادرة في فصل جبهة لبنان عن غزة، مما يسمح لنتنياهو بالتلاعب بالرأي العام العالمي وتوجيه الاتهامات إلى إيران وحزب الله. من خلال هذه الخطوة، يأمل نتنياهو في تحييد الضغوط الدولية الموجهة ضده، وإلقاء الكرة في ملعب طهران وحلفائها، متجاهلًا في الوقت نفسه الأضرار التي تسببها سياساته العدوانية.
وتسعى هذه المبادرة إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية:
– توفير غطاء دولي لنتنياهو: من خلال تقديم هذه المبادرة كخطوة نحو السلام، تسعى الولايات المتحدة إلى منح نتنياهو شرعية دولية لأعماله الحربية ضد لبنان، مما يخفف من الضغوط التي يتعرض لها.
– إضعاف محور المقاومة: من خلال التركيز على التوترات في لبنان، تسعى هذه المبادرة إلى تصوير إيران وحزب الله كسبب رئيسي لزعزعة الاستقرار في المنطقة، وهو ما يعكس محاولات الغرب لوضعهم في دائرة الاتهام العالمية.
– تحقيق أهداف الاحتلال: تُستخدم هذه المبادرة كأداة لتمرير الأهداف السياسية والعسكرية الإسرائيلية في لبنان، مع محاولة تقديمها كنصر دبلوماسي أمام المجتمع الدولي، وبالأخص أمام الرأي العام الداخلي في إسرائيل.
– التداعيات على لبنان: يُدرك لبنان تمامًا أن الشروط التي تُفرض عليه ليست سوى تلاعب يهدف إلى تحقيق مكاسب لصالح الاحتلال. لذا، فإن الاستجابة لهذه المبادرة بشروطها الحالية تعتبر غير مقبولة.
كما يُظهر التاريخ أن لبنان، كجزء من محور المقاومة، لن يرضخ للضغوط الخارجية، بل سيواصل مواجهة أي محاولات تستهدف استقراره وسيادته.
إن المبادرة الأمريكية تجاه لبنان هي بمثابة ورقة جديدة في لعبة معقدة من القوى الإقليمية والدولية. بينما يحاول نتنياهو استغلال هذه الفرصة لصالحه، يتعين على محور المقاومة أن يبقى حذرًا وأن يدرك أن أي تسوية بشروط الاحتلال لن تُقبل.
في نهاية المطاف، تبقى خيارات المقاومة قائمة، حيث أن الحرب على لبنان ليست حربًا على الأرض فحسب، بل هي أيضًا حرب على الحق والعدالة.
مع تصاعد التوترات، يبدو أن الخيار الأمثل يكمن في الاستمرار في التصدي لمخططات الهيمنة، مع الالتزام بجبهة الاسناد لغزة.
إن الصمود والمقاومة هما السبيل نحو تحقيق الاستقرار والسلام الحقيقي في المنطقة.
فإن “مبادرة هدنة لبنان” الأمريكية ليست سوى واحدة من ألاعيبها ونفاقها على العالم، وهي في الواقع بمثابة فيزا عبور لنتنياهو إلى منصة الأمم المتحدة حاملاً في يده ورقة قبوله المسبق بالتفاوض ووقف الحرب. وجوهر هذه المبادرة هو فصل جبهة لبنان عن غزة، وهي الورقة التي سيستخدمها نتنياهو لمخاطبة المجتمع الدولي، محاولًا إلقاء الكرة في ملعب إيران وحزب الله وحلفائهما.






