أخبار صور و الجنوب

عاشوراء مجالس تربية وثقافة ومدارس حضارية للعالم بقلم الشيخ ربيع قبيسي

عندما نادى الامام الحسين عليه السلام هل من ناصرٍ ينصرني كانت التلبية لبيك لبيك من امرأةٍ مسنة وشابٍ لم يبلغ الحُلم وعريس لم يكمل مراسم أفراحه ، وعَبَرَ الزمن من الصحراء الخالية إلى أصقاع الكون حتى يومنا هذا ، لبّى كلُّ المؤمنين والموالين والمحبين ومن يؤمن بمظلومية سيد الشهداء مهما كان انتماؤه ولونه ولغته، جميعهم يشاركون بإحياء المجالس وتلبية النداء ولم يتركوا الحسين وحيداً غريباً ، وهذا وعد رسول الله (ص) وكلام العقيلة زينب (ع) يوم العاشر .

واليوم بعد أيام من بداية عاشوراء هذا العام الذي يشهد جائحة غزت العالم وعطَّلت إجتماع الناس، نرى أنَّ المجالس التي تقام بحضور المؤمنين الملتزمين بالاجراءات المرعية والمنضبطة هي نماذج حضارية لترجمة الإنتماء إلى مدرسة سيد الشهداء، وهي خيرُ دليل بأنّنا قادرين على الإلتزام بأعلى مستويات الوعي والتباعد الإجتماعي ، وهذا يعني أن مدرسة عاشوراء أثمرت وعياً وإلتزام .

لا يُخفى على المراقبين بدقةٍ وحذر أنّ المجالس هذه الأيام من أكثر مظاهر الإلتزام بكل المعايير العلمية للتباعد الاجتماعي والاجراءات الطبية التي حثّ عليها المختصون، بينما شاهدنا الكثيرَ من المشاهد المخالفة والغير منتظمة في الأماكن العامة والتجمعات الخاصة دون الخوض بالأمثلة .

إنّ الحسينيين أثبتوا قدرتهم على تحمّل المسؤولية والوعي، هذا عين الإلتزام بفتوى المراجع العظام وبيانهم حول كيفية إحياء مجالس الإمام الحسين (ع) لمن يقدر على تحقيق ضوابط الرعاية الوقائية التامة مع عدم تعرّض أنفس المشاركين للخطر أو الأذى ، ومع عدم القدرة على ذلك يكون الإحياء بطرق أخرى وأساليب ثانية وهذا ما نشهده عند جمع من المؤمنين الحسينيين ، وهنا لا يمكن أن نقسم الناس على ما نراه نحن فلكل مُكلّف بحسب الفتاوى يشخص الموضوع وهذا عين الإلتزام بالحكم الشرعي ، وعليه لا يُقسَّم الحسينيون بل كلهم يحب ويحي عزاء الإمام الحسين (ع) بما يُبقي ذكرى سيد الشهداء في الوجدان نتوارثها من جيلٍ إلى جيل .

أيها الحسينيون سيُخلِّد التاريخُ والوجدان الإنساني أنّ أتباع مدرسة أهل البيت (ع) على مستوى العالم كانت لديهم القدرة على الإلتزام بتكاليفهم الإلهية من إحياء أمر أهل البيت (ع) وإقامة مجالس سيد الشهداء ، والإلتزام بكل الضوابط المرعية الإجراء ، ومن لم يقدر على ذلك كانت له العديد من الوسائل الحضارية لإظهار هذه الشعيرة ، وإنَّنا جميعاً كما أفتى الفقهاء والمراجع أعزّهم الله وبحسب تكليف كل مكلّف وتشخيصه للحكم الواقع عليه ، منهم من أقام المجالس الحضورية الحضارية التي لا يلزم تركها بأيّ حال مع مراعاة الأحكام والإجراءات لأن بها يرفع الله البلاء ، ومنهم ما كان له طريقته المختلفة والمفيدة ، من رفع الرايات والسواد ووسائل التواصل ومكبرات الصوت والإطعام وغيرها ، ولكن الأهم أن لا ندخل في سجالات وتشكيكات تذهب الأجر والثواب فالإمام الحسين (ع) يجمعنا ويعلمنا الحب والتسامح والغفران .

سيدي يا أبا عبد الله كنت وستبقى المدرسة الجامعة ، للعِبرة والعَبرة والدمعة والدروس المثالية التي لا تعدّ ، إنك إمامُ العطاء والبذل والتضحية ولا يوم كيومك يا أبا عبد الله ، أيها الحسينيون أحبوا الإمام الحسين عليه السلام كما تريدون وعبّروا عن حبّكم كيف تشاؤون أحبّ الله من أحبّ حسينا.

الشيخ ربيع قبيسي
مدينة صور في: 23/8/2020
الموافق الثالث من محرم الحرام 1442ه

زر الذهاب إلى الأعلى