بأقلامنا

البطريرك الراعي: صور فيحاء المسيح ومساحة حب بقلم الكاتب الدكتور عماد سعيد

قلة من عموم البشر على امتدادهم يعرفون ان أول كنيسة شيّدت في العالم كانت في صور عندما زارها السيد المسيح “عليه السلام” في طريقه إلى قبرص. والأغلبية الساحقة لا علم لها بهذه المعلومة الهامة.
مذاك، ووشاح فرح زاهي الألوان يلفها. مذاك ايضاً صارت مصونة في احضان الرب.
وصور على خريطة لبنان الوحيدة التي بقيت خارج جراح “الحرب الأهلية” التي عصفت بالوطن وذهبت إلى غير رجعة، لم يشرد منها احد على قاعدة لغة الطوائف التي سادت، وذهبت بالوطن الصغير إلى غيبوبة طالت، لكن مدينة الفينيق لم تنجرف إلى “حروب الآخرين على ارضها”.
سيدي البطريرك:
لا شك في انك تعرف صور بالتواتر، وتعرف ايضاً ان الشيخ عباس النصار عندما أراد تأهيلها من جديد بعد زلزال قضى عليها نهائياً وحولها إلى خربة على وصف الرحالة، ابن بطوطة، الذي دون التالي: (لم أجد فيها سوى عشرة بحاره يرمون شباكهم في البحر). الشيخ النصار عمد إلى بناء لبنان مصغر، فجاء بالشيعة من اليمن والعراق، ومن مصر السنة، ومن كسروان المسيحيين على اختلاف اطيافهم وعمّدهم جميعاً بالأخوة والمحبة.
سيدي:
وأنتم تزورون اليوم مدينة تماهت مع البحر منذ الأزل، هذا البحر الذي الهمها الآفاق البعيدة، شأنها عندما كانت فينيقية تهوى السفر إلى مجاهل الأرض.
لا بد وأن حضوركم إلى هذا الصرح الجغرافي … إلى صخرة جبل عامل، لا تريد أن تؤكد ما هو مؤكد، وطائقة هذا او ذاك، تغفو على احترام ضمني متبادل، وإضبارات مأمورية النفوس لا تعني شيئاً لسكانها، ولا تعني شيئاً لجورج او علي، وإن عنت شيئاً فإنما تعني التواصل الإنساني والاعتراف بالآخر وبصوت عالِ جداً.
ولكن حضوركم اليوم إلى حاضنتنا نعكسها ومردودة أصلاً، فنحن دونما استثناء في حرجك المزروع شوقاً.
إن زياراتكم المطولة لمختلف المناطق، لم تكن لوجاهة إطلالات معروف مبتغاها وأهدافها سلفاً.
حضوركم “غير شكل” ذلك أنك تشعر ان الرعية اللبنانية بكل منعطفاتها الروحية تبحث عن صفاء كلمة حق تضيء درباً، عرفناه سابقاً مع سماحة الإمام المغيب السيد موسى الصدر.
لكننا في هذه المدينة العملاقة على ضآلة جسدها ما زالت تتقن فن العيش المشترك فالإيمان هو حب الآخر.
مَن يقرأ سورة “آل عمران” لا بد من أن يستنتج اننا جميعاً من شجرة واحدة، فروعها في السماء.
سيدي:
اهلاً بسيادتكم على رحابة .
وصور التي اختزنت التسامح كلغة وحيدة في مسارها التاريخي، لن تضن لو سكنتها على مداد العمر… وإن غبت عنها، فستبقى – رمزاً – لغابات الشوح والتين والزيتون وأنتم من حواضر ذاكرة لن تخوننا ابداً.
سيدي :
وانتم أمام مشروع انتخابات جديد، أليس الأجدى ان نذكر الجميع على حد سواء وعلى اختلاف انتماءاتهم، لإعادة قراءة المفكر اللبناني ميشال شيحا الأب الشرعي للقومية العربية .
ومن مناخاته أسأل ومن منطق جنوبي بحت:
أين المسيحيون والسنة في مدار صور “تمثيلاً ” في الندوة البرلمانية، إذا كانوا يساوون صفراً، فالصفر هو بداية العدد ودونه لا أرقام؟
زر الذهاب إلى الأعلى