بأقلامنا

نص كلمة ” هلا صور ” في إفتتاح معرض بلدة العباسية القاها الشاعر ابرهيم عزالدين

إِنْ لمْ تُشْعرْكَ القصيدةُ بشيءٍ ما بداخلِكَ نحوَ الصورةِ الشعريةِ، وتُحركْ مشاعرَكَ، وتجعلْكَ تتفاعلُ معها بانسجامٍ كاملٍ فهيَ مَجَرَّدُ كلامٍ؛ وكذلكَ لوحةُ الرسمِ بشتَّى أنواعِه: التشكيليِّ والتجريديِّ وغيرِه منْ أنواعِ الرسمِ وإبداعاتِه، وكذلكَ الفنُّ التصويريُّ الرائعُ، وتلك المشاهدُ الإبداعيةُ، هي تُحفةُ المصورِ كلوحةٍ رُخاميةٍ.

– إنَّ ما أراهُ في عينِ كلِّ كاتبٍ أقفُ عندَه فيراودُني ألفُ حكايةٍ وحكايةٍ؛ فجماليةُ الحروفِ في النصِّ تَزدهي كبُلبلٍ يَهفو على لينِ غصنِه الغضِّ. وما أَجملَ تلكَ السعادةَ الموفورةَ بحنانٍ جَمٍّ لا يَسَعُ الطفولةَ بقَدرِ ما تَختزنُه الأُمُّ في خَلَجاتِ قلبِها.

ــ وَكُلّما شَهَقَتْ أَنفاسُنا عَبيرَ الكَلِماتِ، يَتَلقّاها زَفيرُ الحُبّ، فَتَرسُمُ على خَدِّ القَوافي أَجْمَلَ العِباراتِ، وَأَنقى الحُروفِ، وتَنسِمُ عبرَ وَتينِ القلبِ صِدقَ مَحبّةٍ ووِدادٍ.

– بَيْدَ أنّنا نَرى الفنَّ في الرسمِ والنحتِ وكتابةِ الشعرِ والنصِّ الأدبيِّ وفنِّ الروايةِ، وجميعِ الفنونِ، تَصبُّ في خانةٍ تَحتوي على عِدةِ إشاراتٍ ورموزٍ، أهمُّها: القضيةُ، والالتزامُ، والهدفُ؛ والسرُّ في الكتابةِ يَكمُنُ في ما يَسكنُ مُخيِّلةَ الكاتبِ المُترَعِ بالأَحاسيسِ الخلَّاقةِ الجميلةِ، ومنْ مِدادِ تِبْرِ يَراعِكَ البديعِ، ومنْ حيثُ المَعنَى والمَبنى. وإنَّ لمعةَ صَولجانِ الشعرِ إنْ تُوِّجتْ بالحروفِ الرُّخاميةِ، تُصبحْ ألقًا منَ المفرداتِ السّاميةِ، تُدغدغُ صفحاتِ الغيمِ؛ وكلَّما بَزغَ علينا فجرٌ منَ الأحلامِ تفوحُ به ريشةُ الفنانِ، ويَراعةُ الكاتبِ بكَمٍّ منَ الألوانِ الساحرةِ، والكلماتِ السائحةِ نحوَ أرصفةِ الغَمامِ.

ــ نَعودُ ونُعرجُ كما في كلِّ عامٍ إلى رحابِ معرِضِ الكتابِ العربيِّ السادسِ ٢٠٢١، ونُشيدُ بالجهودِ الجبارةِ، والتي تقومُ بها جمعيةُ هلا صورَ الثقافيةِ الاجتماعيةِ برئاسةِ الدكتورِ عماد سعيد على غرارِ أعوامٍ خلتْ بحَلقاتٍ متتاليةٍ منَ النَّدواتِ والجلساتِ الحواريةِ في السياسةِ والاقتصادِ والإعلامِ والعلمِ والمعرفةِ؛ ولطالما حاكتْ قلبًا وقالبًا القضيةَ الفِلَسطينيةَ، ويدًا بيدٍ تقاومُ بالكلمةِ والخبرِ والعلمِ، فلنْ تتوانَى عن الدَّعوةِ إلى كلِّ ما يعودُ على الإنسانِ بالفائدة، وتستمرُ منْ حيثُ الزمانُ والمكانُ، وفي ظلِّ جائحةِ كورونا، على الرُّغمِ منْ سوءِ الحالةِ الاقتصاديةِ المزريةِ، ووجودِ الفوضى العارمةِ والسائدةِ في البلادِ، معَ الأسفِ الشديدِ.

ــ تبقَى مدينةُ صورَ عاتيةً على العاتي، مدينةَ الحضارةِ والثقافةِ والقيمِ والتعايشِ والجهادِ والمقاومةِ، ويبقَى لبنانُ بلدَ العزةِ والكرامةِ، على الرُّغمِ منَ العواصفِ التي ألمتْ بهِ. وهُنا منْ مدينةِ صورَ تحديدًا، وفي هذا الصرحِ… إذْ يتجلَّى الإبداعُ والفكرُ والفنُّ والثقافةُ، وفي ربوعِ الوطنِ، ومنْ صورَ نَهتفُ ونقولَ: كانتْ صورُ وتظلُّ منبِتَ العلمِ والعلماءِ، فأرضُ عاملَ زاخرةٌ برجالاتِ العلمِ والفكرِ والأدبِ والشعرِ، هي شعلةٌ وضاءةٌ تُنيرُ فضاءاتِ المعرفةِ والعلمِ والأملِ والحبِّ، وتُعزِّزُ ثقافةً مياسةً، وجهودًا مبذولةً على مدَى العصورِ.

– ختامًا:
باسْمِي، وبِاسْمِ جمعيةِ هلا صورَ الثقافيةِ الاجتماعيةِ، برئيسِها الدكتورِ عماد سعيد، والهيئةِ الإداريةِ، نَشكرُ رئيسَ بلديةِ العباسيةِ الأستاذَ علي عزّالدين، على مواكبتِه الدائمةِ لنا، وعلى ما يُقدمُه لخدمةِ البلدِ، ونشكرُ الفنانَ الأستاذَ علي كلش على إبداعاتِه ومجهودِه الغنيِّ بالمعرفةِ والفنِّ والعلمِ، ونشكرُ أيضًا المخرجةَ الأستاذةَ زينات سلمان على وافرِ عملِها الجادِّ الناجحِ، ومجهودِها الراقي، بتواصلها الإجتماعي والإنساني والثقافي عبر إنطلاقة جمعيتها وسائر أعضائها “نَحيا لنتكامل”، والشكرُ موصولٌ للصَّحافيِّ النشيطِ الأستاذِ محمَّد درويش، وكلِّ منْ شاركَ وساهمَ وعملَ على إنجاحِ هذا المعرِضِ، بجميعِ أعمالِه، منْ حواراتٍ وندواتٍ وتواقيعَ وأمسيَّاتٍ، وشكرًا موفورًا إلى جميع الحضور فردًا فردًا ومَنْ أحبّ مشاركتَنا، ولمْ يستطعِ، دُمتُم ولبنان والثقافة بألف خير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نص كلمة ” هلا صور ” في إفتتاح معرض بلدة العباسية  ضمن فعاليات معرض الكتاب العربي السادس 2021 الذي يقام في مجمع باسل الاسد الثقافي في صور ) القاها الشاعر ابرهيم عزالدين

زر الذهاب إلى الأعلى