أخبار صور و الجنوب

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك،

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصانا به الإمام زين العابدين(ع)، عندما دعا أن: “كونوا أحباء الله، والأعظم عند الله، والأقرب إلى الله والأرضى له والأكرم عند الله ومن ينجون من عذاب الله”.. وعندما قيل له؛ كيف ذلك يا بن رسول الله؟! قال: “أحبكم إلى الله أحسنكم عملاً، وإن أعظمكم عند الله عملاً أعظمكم فيما عند الله رغبة، وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله، وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقاً، وإن أرضاكم عند الله أسعاكم على عياله، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم لله تعالى”..
فلنستوصي بوصية الإمام زين العابدين(ع) لنكون أكثر وعياً لحياتنا وأكثر قدرة على مواجهة التحديات..
والبداية من الحرب التي تجري على أرض أوكرانيا، والتي دخلت أسبوعها الثالث من دون أن تبدو في الأفق أي حلول تنهي هذه الحرب وتمنع تداعياتها الخطيرة…
ونحن في هذا المجال، نجدد تأييدنا لأي جهد يبذل لإيقاف نزيف الدم، بعدما أصبح واضحاً مدى خطورة استمرار هذه الحرب على صعيد الأمن العالمي، أو على اقتصادات العالم والأمن الغذائي فيه..
وفي الوقت نفسه، نجدد دعوتنا للدول والشعوب أن تأخذ عبرة مما يجري وأن تكون واعية للعبة الكبار الذين أدمنوا أن لا تكون حروبهم إلا على أرض غيرهم حتى لا يكتووا هم بنارها..
ونعود إلى هذا البلد، الذي جاءت الحرب في أوكرانيا لتزيد من معاناته على الصعيد الاقتصادي والمعيشي، حيث نشهد ارتفاعاً متزايداً في أسعار المحروقات والسلع والمواد الغذائية والخشية من فقدان مواد أساسية كانت تستورد من أوكرانيا أو روسيا، وبعد القرارات التي صدرت من العديد من الدول بإيقاف صادراتها من المواد الغذائية في بلد يعتمد في أكثر حاجاته على الخارج..
يأتي ذلك في ظل غياب خطة عملية لمعالجة التداعيات المعيشية بفعل الحرب في أوكرانيا حيث لا وضوح لدى الحكومة لكيفية تأمين البديل للمواد التي كانت تستورد من مناطق الحرب ولا لكيفية معالجة الزيادة المستمرة للأسعار..
إننا أمام كل هذا الواقع، ندعو الدولة إلى تحمل مسؤوليتها تجاه مواطنيها الذين يعانون من الواقع الاقتصادي الصعب ولا طاقة لهم على تحمل المزيد.. وعدم الاستمرار في إدارة الظهر أو بمعالجات لا تسمن ولا تغني من جوع، أو إلى تطمينات لا تستند إلى وقائع، أو الاكتفاء بالاستعراضات الإعلامية في مواجهة التجار والمحتكرين ممن يستغلون الأزمات لمزيد من الكسب المادي، وعلى هذا الصعيد ندعو إلى معاقبة هؤلاء واعتبارهم خائنين لشعبهم ووطنهم.
وفي الوقت نفسه، ندعو المواطنين إلى أن لا يساهموا في رفع الأسعار أو في نفاد المواد من خلال تهافتهم على الشراء بأي سعر، أو أخذ كميات كبيرة من السلع تخل بالتوازن المطلوب فيما بينهم خوفاً من فقدانها أو رفع أسعارها…
ونبقى على هذا الصعيد، لنشير إلى الحديث الذي بات يمر مرور الكرام عن ضياع أموال المودعين والذي سمعناه سابقاً من صندوق النقد الدولي وما صدر أخيراً عن أحد أركان الحكومة الحالية وما نسمعه من العارفين بواقع الأزمة المالية التي يعاني منها هذا البلد، وقد يعاني منها لسنوات طوال…
إننا نحذر من التسليم بذلك أو التعامل مع هذا الأمر كحقيقة واقعة، وندعو إلى رفع الصوت في مواجهته.. فلا ينبغي أن يُحمّل المودعون تبعات الأزمة المالية.. فمن يتحملها هم الذين أفسدوا وأهدروا هذه الأموال وبددوها في لعبة المحاصصات والمصالح الخاصة..
ونبقى على صعيد الانتخابات، فإننا على هذا الصعيد نجدد دعوتنا إلى إزالة العوائق أمام حصولها، في وقت لا يزال هناك من يشكك من إمكان حصولها في مواعيدها أو يدعو إلى التأجيل في السر والعلن، ونؤكد على ضرورة إجراء هذا الاستحقاق، ليعبر من خلاله اللبنانيون عن آرائهم فيمن تولوا هذه المسؤولية ومن سيتقدمون لتوليها، ونأمل أن يكون اللبنانيون على مستوى هذا القرار المصيري في هذه المرحلة الصعبة..
وفي هذه الأيام نستعيد ذكرى أليمة وهي ذكرى مجزرة بئر العبد، التي مرت علينا في الثامن من هذا الشهر وسقط فيها المئات من الشّهداء والجرحى والتي كانت تهدف إلى اغتيال الوعي والموقف الصّلب تجاه العدوّ ومن وراءه الذي تمثّل في السيد(رض)، وقد وكانت مشيئة الله سبحانه أن يحمي السيد(رض) لتستمر معه ولتتجذر وتنمو وتتعزز مسيرة الوعي التي أطلقها وإرادة التحدي للعدو وأن يقدم الصورة النموذجية للإسلام الحركي والمنفتح على العصر وعلى الحياة كلها..
وفي مناسبة يوم المرأة العالمي، نتوجَّه بالتَّقدير إلى كلّ امرأة امتلكت الوعي، وخرجت لتشارك مع الرّجل في بناء الحياة في الميادين الثقافيّة والتربويّة والاجتماعيّة والسّياسيّة، ولم تنسَ دورها في بناء جيلٍ واعٍ.. وندعو في هذه المناسبة إلى تعزيز دورها وحمايتها، من خلال تمكينها من كلّ القدرات الّتي تساعدها على أداء هذا الدّور.. وإعادة النظر بكلّ القوانين المجحفة بحقِّ المرأة، وعدم اعتماد سياسة التَّمييز الّتي جاء الإسلام ليلغيها…
وأخيراً نتوجَّه بالتّهنئة إلى كلّ معلم ينوِّر العقول من الجهل والتخلّف، ويصنع بذلك المستقبل الأفضل لأمته، وينقّي القلوب من الحقد والكراهية، إن الأمَّة الواعية هي التي تقدِّر معلّميها وتحرص على تعزيزهم وتكريمهم..
ويكفي في تكريمهم أن الله سبحانه وصف نفسه بالعلم عندما قال: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا}.. وأن رسول الله قال: “إنما بُعِثت مُعلّماً”…

زر الذهاب إلى الأعلى