بأقلامنا

محمد الزيات … رجل من بلادي بقلم الدكتور عماد سعيد

كما ضجت دنيا العرب بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر ورفاقه ، ضجت مدينة صور والجنوب بالمناضل الراحل محمد الزيات ورفاقه
ان هذا المناضل القومي العربي الذي شكل ظاهرة لم تنجب المدينة مثيلا لها حتى الان ، وبالتواتر انتقلت هذه الذاكرة لتسكن اللاوعي الذي غالبا ما نتساءل في غيابه .
ماذا لو كان محمد الزيات مازال موجودا بيننا ؟ وكأأنك في غياب الأبطال الحقيقين تحاول إستجداء بطل من التاريخ ، بطل لم يتصرف في حاضره وقتذاك في أسواق النقد ، والهزائم عزيزة على الإحصاء ، وكأني اليوم بتلك الاحلام التي راودت جيلآ نعبأ بأوعية مثقوبة تعيد الى الذاكرة أيام الخمسينيات والستينيان والسمات الثلاث التي انفردت بها هذه المدينة الصامدة .
1 ــ بداية اكتشاف زمنها الموغل في القدم وهو الأمر الذي أودعها في مصاف المدن الضاربة بأثارها في عراقة الماضي .
2 ــ الثانوية الجعفرية التي يدين لها الكثيرين في ما عليه اليوم .
3 ـ ويبقى نادي التضامن الرياضي الثقافي في صور معلما مهما في حاضر يراد له ان ينسل طوعا الى النسيان ، أو أن يصبح جزءا من
ماضي هوى ، فهذا النادي لزمن كان وما يزال وسيبقى ولو كره الحاسدون والمفلسون يشكل معارضة لإملاءات دون طموحات
المدينة وأهلها .
ونحن إذا استلهمنا شخصية محمد الزيات كظاهرة وتجربة نضالية ملأت ارجاء المدينة وقرى وبلدات قضائها بحقائق صارخة لم تزل اصداؤها عند اولئك الذين دفعتهم افواه البنادق الى خيارات حدودها الدنيا الصمت المحجوب بانتظار ما هو أت .
لذلك أقول انه ما من شك ان محمد الزيات في قبره ينتظر معجزة تبعث روح النضال لتجربة جدية يكون من شأنها أن تفجر فينا
طاقات شعبنا المتوثبة للتضحية والعطاء .
ومع ذلك فإن رحيله الى جغرافيا أخرى وتاريخ أخر لا يعفينا من إعادة الرمز الى ذاكرتنا ، ذالك الانسان الذي ناضل دون كلل او ملل ، من اجل استعادة احلام المدينة يوما واعاد اليها رونقا افتقدته ، وصوتا عاليا كانت تبحث عنه وما تزال .
في الثامنة واعشرين من عمره غادرنا محمد الزيات ، فاجتاح المدينة إحباط تحول فينا الى نوم عميق ، فلا أحد من رفاق الأمس
تجرأ أن يستوعب الموت وبالتالي ان يعتلي المنبر وأن يرفع الصوت في فراغ الحارات والأزقة ليعلن ان ذلك الموت انما خطف
جسدا فحسب … وأن رحيله يجب أن يبعث الحياة في مواقفه وافكاره .
55عاما مضت على غياب محمد الزيات
محمد الزيات جاء مع الفجر … مهد للشروق ونام
زر الذهاب إلى الأعلى