بأقلامنا

قهوة غازي قهوجي المرّة بقلم عماد سعيد

مَن يعرف غازي قهوجي وجاهاً لن يقفز الى وصفه بالمتهكم، فحارات مدينة صور أبلغ إيثاراً دونها من المدن الأخرى، فقد اعتدنا أن نطلق للقلب عنانه من دون توبة “مرتجاة” من سلطان، ومن دون ولع، فالموت منذ خمسينيات القرن البائد هو على بُعد حجر منه.
“أبي فوق الشجرة” لن يستعيرها قهوجي، كما هي الحال عند توفيق الحكيم والـ “زكام العربي” هو ببساطة “ذنبك على جنبك”… “للبراء عيناً” لربما كان الطعام المتناقص على الدوام من شجرة كونداليزا رايس.
عندما أقرأ غازي قهوجي في كتابه “عرب الصابون” أشعر وكأننا فقاعات من المدّ الى جزره.
وعلى الرغم ما نقرأه… أو نراه بأمّ العين لا يذهب الى تغريب ما هو واقع… بل يتنازل التغريب معكوساً.
“وهذا على الرغم من وجود ما يفوق خمساً وأربعين جامعة ومعهداً عالياً. (لم نعرف بعد سر تصنيع الأركيلة… ازدادت الحاجة للتدخين بين الجماهير”.
من يقرأ غازي قهوجي لم يرَ سوى الوجع وإن كان هناك بعض نكتة فإنها تأتي لنضحك على أنفسنا، هروب الى اللامكان الى اللامحدود، إلى حائط نعلق عليه وصايانا جيلاً بعد جيل.
لم يقدر غازي قهوجي حتى الآن أن يحتفي بوطن، وهذا الوجع ليس مرثية له وحده، لكنه يتعدانا الى كلمات تحاول أن تستثير عواطفنا الراكدة تحت أهواء الآخرين، حيث يشكل الامتثال لأوامرهم العليا اضطراباً في زمن لا نقوى فيه على الكلام، زمن يتكلّم فيه سيف السلطان.
ترى هل يحاول الكاتب أن يستفزنا ضد الخوف، بتلك الرمزية المكثفة التي يخافها نفسه.
إذا كان الأمر كذلك فقد وصلت قهوجياته مرّة إذا لم تكن بطعم العلقم.
* جريدة السفير بتاريخ 16 / 2 / 2008
الدكتور غازي قهوجي أستاذ في الجامعة اللبنانية يدرس مادة السينغراف والديكور المسرحي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غيب الموت مساء اليوم الفنان المبدع غازي حسين قهوجي ، و سيشيع جثمانه الطاهر الى مثواه الاخير في تمام الساعة الحادية عشر من قبل ظهر يوم الاحد الواقع فيه 4 تشرين الاول 2015 في جبانة الزهراء ( ع ) في مدينة صور
زر الذهاب إلى الأعلى