أخبار لبنان

مسقاوي ممثلا مفتي الجمهورية في حفل تكريم إمام: الافتاء أضحى روح الأمة وثقافة المجتمع

وطنية – طرابلس – رعى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ممثلا بنائب رئيس المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى الوزير السابق عمر مسقاوي، تكريم رجل الاعمال محمد عبد الرزاق أديب لمفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور محمد امام بمناسبة انتخابه، بحفل في منتجع “الميرامار”.

حضر الحفل النواب: أشرف ريفي، طه ناجي، ايلي خوري، جميل عبود، وليد البعريني، احمد رستم، فادي كرم، أديب عبد المسيح، النائبان السابقان سمير الجسر ومصطفى علوش، الامين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد الخير، رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ محمد عصفور، محافظ لبنان الشمالي القاضي رمزي نهرا، المفتي السابق لطرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار، رئيس اساقفة طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، راعي أبرشية طرابلس المارونية  المطران يوسف سويف، مطران الطائفة الارمنية شاهي بانوسيان، متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران افرام كرياكوس ممثلا بأمين سره الاب نقولا داوود، القاضي الجعفري في الشمال محمد زغيب، وشخصيات ديبلوماسية وقضائية وعسكرية وأمنية واقتصادية ودينية واجتماعية وبلدية واختيارية.

أديب

بعد آي من الذكر الحكيم، والنشيد الوطني، وتقديم من الزميل عبد الكريم فياض، قال صاحب الدعوة: “مبهج أن نجتمع لتكريم مفتينا العزيز، سماحة الشيخ محمد إمام الذي يلي اليوم مكانا مستحقا سبقته إليه مجموعة من أجلة مشايخنا وعلمائنا وقدمته إليه صفات رفيعة فيه، نعرفها وتعرفونها عنه، وحمله الناس بها، وبسببها، إلى مقعد يتزين اليوم مجددا، برجل ورع تقي عميق فهمه دينا، تجلت تعاليمه السمحة في عمله وفي سلوكه وفي سيرته العطرة، قديما وحديثا”.

أضاف: “إن وجود أصحاب السيادة وأصحاب السماحة معا بيننا في هذه المناسبة، لدليل آخر على أن بلدنا ليس إلا رسالة فيها من معاني الإلفة والمحبة ما يندر أن نقع على مثله في بلد آخر، والواضح منه إذا أن للإجتماع اللبناني المتنوع طعما فريدا يجعل استمرار تقاليده الدينية والإنسانية ضرورة وحاجة ومثالا، ينبغي أن يقتدى به في هذه المنطقة المنكوبة بمشاكلها، وبعض الأحيان، بعصبيتها”.

وختم: “شكرا لكم، صاحب السماحة، أن يسرتم لنا هذا اللقاء مع احبائنا وبارك الله لكم المقعد وبارك لنا قدوم المقعد إليكم”.

ريفي

بدوره، قال ريفي:” أتقدم بالتهنئة من مفتينا المؤمن، التقي، الورع، بانتخابه مفتيا لطرابلس والشمال، إننا وابناء طرابلس نقف إلى جانبك في مسيرتك التي توحد الطرابلسيين الشماليين والتي تجمع ولا تفرق، نقف إلى جانبك في مشروع الإصلاح الذي أطلقته لحماية هذه الدار الكريمة، وللحفاظ على أوقافنا وحمايتها وتفعيلها، وتعميم خيرها على أبناء طرابلس والشمال الوطنيين المخلصين”.

أضاف: “إنكم يا صاحب السماحة من سلالة مشايخنا الاجلاء، الذين أطلوا من دار الفتوى الى كل لبنان، دعاة للإسلام السمح، فكانوا وما زالوا حاملي لواء كرامة أهلنا، وحماة العيش المشترك، ورافعي شعار لبنان السيد المستقل، الذي استشهد من أجله المفتي الشهيد حسن خالد والشيخ صبحي الصالح والرئيس الشهيد رشيد كرامي والرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكل الشهداء الأبرار”.

وتابع: “طرابلس والشمال غني بمرافقه ومؤسساته، غني بشبابه وإرادتهم الجبارة للعيش والعمل والنجاح لا بل الإنتاج بإبداع، فنرى شبابنا في الاغتراب يعملون وينجحون، ينتجون ويحلقون، ولكنهم في بلدهم يقمعون ويهملون، لأن التآمر عليهم فاق كل تصور”.

وقال: “طرابلس ظلمت كثيرا، وشبابها اليوم يخوضون غمار البحر هربا من الفقر بحثا عن وطن جديد يعيشون فيه بكرامة بعد أن أفقدتهم منظومة الحكم الفاسدة كل أمل بالبقاء في هذا البلد”.

أضاف: “لقد اتفقنا مع نواب المدينة، على أن نسخر كل الجهود لفعل ما أمكن لإنماء طرابلس والشمال وإنصافه، ورفع الغبن والحرمان عنه، ولقد عقدنا في سبيل ذلك إجتماعات عدة كانت ناجحة ومثمرة”.

وتابع: “المسؤولية الوطنية تفرض علينا كنواب ان نتكاتف ونتعاون لرفع الظلم والغبن عن الشمال وأهله وعاصمته، أن نعمل يدا واحدة لمواجهة كل محاولات تشويه صورتها، ولتفعيل مرافقها وإعادة الحياة الى مؤسساتها، وهذا يفرض علينا أن نعمل سويا بمبدأ فصل السياسة عن الإنماء، فنضع قناعاتنا وخياراتنا السياسية جانبا، ونعمل يدا واحدة لمعالجة مشاكل طرابلس وإطلاق عجلة الانماء فيها”.

وقال: “ما أحوجنا في هذه الظروف الصعبة التي تعصف ببلدنا، إلى مسؤولين شرفاء يتحلون بالحكمة والشجاعة، لا يراهنون إلا على الدولة ومؤسساتها الشرعية، يترفعون عن الأنانيات والحسابات الشخصية الضيقة ويقدمون المصلحة العامة على مصالحهم الخاصة. فالوطن لا ينهض إلا بالرهان على أنفسنا وعلى عيشنا ووحدتنا ومؤسساتنا ودولتنا، لا ينهض إن كان ثمة فريق يراهن على مشاريع خارجية ويرهن وطنه لحساباتها مستقويا على الشعب والدولة ومؤسساتها وعلى شركائه في الوطن. لا ينهض إلا بالمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات”.

أضاف: “إن الأمور في أي مؤسسة لا تستقيم بغياب رأسها عن إدارتها، فكيف ننهض بوطن أوصله حكامه الفاسدون إلى قعر جهنم إن لم ننتخب رئيسا حكما شجاعا نظيف الكف يؤمن بالدولة ومؤسساتها، ويضع مصلحة الوطن فوق كل الحسابات والرهانات والمشاريع الخارجية، نحتاج الى انتخاب رئيس يؤمن أن الإنقاذ يبدأ بتطبيق إتفاق الطائف كاملا، انطلاقا من تحقيق اللامركزية الإدارية الموسعة وحصرية السلاح، والخروج من الحالة الطائفية في مجلس النواب، إلى الحالة الوطنية مع إقرار مجلس للشيوخ يشكل الضمانة لكل المكونات اللبنانية”.

وتابع: “لبنان وطن تعددي ونحن نفتخر بتعدديته، وهذا ما يجعل من هذا الوطن الصغير جغرافيا وطن الرسالة، نحن ننظر إلى رجال الدين الأجلاء والمحترمين مسلمين ومسيحيين، يتجالسون في هذه الصالة إخوة في الإنسانية وإخوة في الوطنية، وهم يشكلون نموذجا للعيش الواحد في هذا الوطن الغالي”.

وأردف: “الشمال اللبناني لطالما كان نموذجا للتكامل الإنساني والتكامل الإقتصادي، ففي عكار سهول خصبة ومطار دولي وهو بكل أسف مغلق منذ عشرات السنين، وفي دير عمار البداوي مصفاة للنفط معطلة منذ عشرات السنين أيضا، وفي طرابلس معرض هو الأفضل في الشرق الأوسط لا يعمل، وهناك منطقة إقتصادية خاصة أقرت ولم يستكمل تنفيذها، وحده مرفأ طرابلس يعمل بجهد رئيسه الصديق أحمد تامر، أغلب مرافقنا معطلة بقرار وهي كافيه لو انطلقت لأوجدت آلاف فرص العمل لأبنائنا، ولأحدثت دورة إقتصادية كاملة تؤمن لأبنائنا سبل العيش الكريم”.

وختم: “التحدي الأكبر أمامنا، رسميين وغير رسميين، أن نحرك الدورة الاقتصادية الشمالية، لنؤمن لأهلنا حياة كريمة تعطيهم الأمل وتحول دون مغامراتهم الخطرة، لن أطيل أكثر، نسأل الله تعالى أن يوفقكم لما فيه خير مدينتنا ووطننا، وأن يكون لكم خير معين في أداء رسالتكم السمحاء، لما فيه رفعة الدين وخدمة المجتمع الشمالي واللبناني”.

إمام

أما المكرم فقال: “هذا هو لبنان، بل هذه هي طرابلس وهذه هي دار الفتوى، دار لم تكن إلا جامعة لأبنائها السنة بل لجميع المسلمين، بل كانت جامعة ودارا وطنية جامعة، لبنان هذا هو، وطرابلس هذا نسيجها، وهؤلاء أهلها وهذه هي طبيعتها، لم تكن يوما غير ذلك. في هذا الحفل البهيج الذي لا يسعني إلا أن أبادل صاحب الدعوة وكل شخصية كريمة لبت هذه الدعوة، ولا يسعني إلا أن أتوجه إليهم بالشكر الجزيل على هذا التكريم العامر والجميل، وأقول ان دار الفتوى هي دار القيم والاستقامة والفضائل والاخلاق، فلنجعل من هذا التكريم لأنفسنا ولنا جميعا تكريما للاستقامة والقيم والفضائل والاخلاق”.

أضاف: “القيم جاءت بها الرسائل السماوية وأطبقت عليها عقول العقلاء، وفطر عليها الإنسان، والناس الناصعة والصافية لا يمكن ان تكون الا كذلك، قواعد للحياة ونبراسا للتعايش والتعامل، وللصيلات ولسائر شؤون الانسان، القيم يحتاجها المسؤول في مسؤولياته، ويحتاجها القاضي في ضميره، والموظف في حرصه، والعامل في إتقانه، يحتاجها كل صاحب مركز وأمانة في أمانته، وفي شأنه الذي يقوم به في مجتمعه، ودار الفتوى والمفتي دوره مع السادة المطارنة ومع المرجعيات الروحية ان يعزز تلك القيم”.

وتابع: “يجب ان نبقيها شعلة حية في نفوسنا جميعنا، وفي نفوس المجتمع وافراده، وأن يكون هذا الصفاء الروحي متلازما ومعززا ومرتكزا في شخص كل واحد منا، وأن يكون اللقاء بين اثنين في مطلق لقاء، وأن تفيض المحبة من العيون، وان تتصافح القلوب وان يجد كل منا عندما يلتقي في هذا النطاق الذي نعيش فيه مع اخيه الانسان ان يجد الاطمئنان والامان والراحة والغيرة الصادقة، والعمل هو لهدف، وهو المصلحة العامة ، هكذا نرى ان علينا دورا اساسيا في ارساء هذه المعاني في محيطنا ومجتمعنا وفي طوائفنا كافة وفي مواطنينا على امتداد وطننا لبنان”.

وأردف: “إن القانون ضرورة وإن النظام منذ فجر التاريخ لا يمكن لمجتمع ان يحيا بكرامة وعزة وراحة دون نظام وقانون، لذلك فإن تعزيز القانون وتعزيز النظام ايضا اولوية في ظل ظروف كل ما فيها يدعو الى التفلت والفوضى والى الخروج عن الانتظام العام، فإذا ترافق هذا الشعور مع قيم نابعة من النفس والقلب فذلك هو المجتمع الكريم، المجتمع اللبناني الاصيل الذي يفيض محبة واخوة ومسؤولية وغيرة على بعضنا البعض وعلى ارضنا هذه الارض الطيبة التي يحسدنا عليها الكثيرون والتي ينبغي ان نحافظ على نعمة اننا موجودون عليها بإذن الله عز وجل”.

وختم: “لا أريد ان أطيل في الكلام، ولكن المناسبة تفيض فعلا بمشاعر المحبة والإلفة والحنان وروح التقارب، بل التحالم، بل الوحدة، بل الحديث دائما هو واحد ومشترك في كل المنتديات وفي كل اللقاءات لأن الهم واحد، ولأن الهدف واحد، ولأن السعي واحد بإذن الله عز وجل”.

مسقاوي
وفي الختام، القى مسقاوي كلمة باسم مفتي الجمهورية قال فيها: “يطيب لي اليوم ، بتكليف من سماحة مفتي الجمهورية أن أشارككم تكريم سماحة الشيخ محمد إمام السابق في الخير، خير منصب إفتاء طرابلس والشمال. هذا المنصب الذي تقلده لقرنين من الزمان علماء من طرابلس، للمكرم من إرثهم نسب وذكرى”.

أضاف: “كان منصب الإفتاء العثماني في تراثنا التاريخي سلطة في عروة الشريعة، ومرجعا في تقلب الحركة السياسية والإجتماعية وهكذا استقر لقب المفتي، في ذاكرة الأجيال محطا في ضوابط البناء الإجتماعي، وغدا المفتي على هامش السلطة السياسية في العصر العثماني المستقر الأساس في مرجعية الشريعة، وحين غابت سلطة الدولة العثمانية، اصدرت المفوضية الفرنسية قرارا بتسمية مفتي بيروت مفتي الجمهورية لتكون كلمة القضاء الشرعي هي المعتمدة لدى الدولة”.

وتابع: “ان نظام انتخاب المفتين انطلق من مسؤولية الناخب كما في مسؤولية المفتي المنتخب حينما توسعت مواد القانون لتسجيل المؤسسات والمرجعيات المعينة في المجتمع، بالإضافة الى أئمة المساجد والإرشاد ليكون مفتي الجمهورية مع مفتي المناطق وحدة إتصال بالخير اولا عملا بقوله تعالى *ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر*. لقد أضحى الافتاء روح الأمة وثقافة المجتمع والمؤسسة في كل صعيد اجتماعي او تربوي او ثقافي، فالأمر بالمعروف ليس سلطة وإنما هو وصال وأخوة وتضامن وتعاون”.

وختم: “لنا من روح المكرم الإمام مثلا لذلك الوصال في تعاون بينه وبين سماحة مفتي الجمهورية وسائر مفتي المناطق. سماحة المفتي، أعانكم الله على ما حملتم من أمانة، ولنا كامل الأمل في مستقبل مشرق لمؤسسة الافتاء في طرابلس بقيادتكم”.

درع
وفي ختام الاحتفال قدم اديب وريفي درعا الى مفتي طرابلس والشمال تقديرا لجهوده واعماله.

زر الذهاب إلى الأعلى