بأقلامنا

سَيِّدي الدُّولار بقلم الشاعر المحامي ناجي بيضون

سَيِّدي الدُّولار

دانَتْ بِحَضْرَتِهِ الجِباه خُنوعاً
وَبِهِ تَبارَى العاشِقون وُلوعاً

مَلِكٌ تَدينُ لَهُ المَمالِك كُلّها
صَعب الطِّباع وَإِنْ بَدا مَطْبوعا

خَضراء جَبهتهُ، رَقيقٌ جِلده
يَحيَى بِصَحراءِ الجُيوب رُبوعاً

يَعلو، يُحلِّق، ثُمَّ يَهبِط عابِثاً
لِمِزاجه، رَهن العقول جميعاً

نَزدادُ فقراً حين يَعلو سِعره
وَيَزيدُنا عند التدهور جوعاً

برميل نَفط في قفا سِروالهِ
إنْ شاءَ بيع وإن أبى “ما بيعا”

****
يحتارُ في مرضاتهِ أهل الحجا
والفكرُ خَرّ، على يَديهِ، صَريعا

حَتَّى القواعد، لو يُلامسها، غَدَت
نَحوا جَديداً، يَنصِب المرفوعا

تَضحى الأكُّف، إذا تَراكَمَ فوقها
رُغم الهزال، مُهنَّداً مَشروعا

فإذا اقترَضت ففي اقتراضِك قارِض
يُدمي وَيَقرِض أعيُناً وَدموعا

وإذا ادَّخَرْتَ يَصيرُ ضَغطكَ سِلعة
في “البورصات” تَدنيًّا وَطُلوعا

*****
يأتي إليكَ اذا أتى مُتَثاقِلاً
وَيَتوهُ عَنْكَ، وَلَوْ حَرِصْتَ، سَريعا

يَطوي وَيَخْتَرِق الحدود فَإنْ أبَت
هَدمْ الحدود وَجَوَّز الممنوعا

“يُعطيكَ مِنْ طَرف الِّلسان حَلاوة”
فَتَظَلّ، رُغمَ فِعالِهِ مَخدوعا

شَرِسٌ، يَحارُ الكون في تَرويضِهِ
يَأوي بِحُضنِ “العمّ سام” مُطيعا

يأتيكَ، إنْ أرْضَيْتَ عَمّك، زائِراً
فَتُضيء للعَمّ العظيم شُموعا

وَتُعيدُه، حِرصاً عَلَيه، وَديعة
فَتَصيرُ، مِنْ خوف عليهِ، وَديعا

وَيَظَلُّ رَقماً في خيالِكَ سَاحِراً
وَيَظَلُّ لوناً في الجُيوبِ بَديعا
****
زَحْفٌ إلى الدُّولار يطبع عَصرنا
حَتَّى الرَّضيع، حَبَا إلَيْهِ رَضيعا

فَعَلا عَلى كُلّ المَنابِر صَوته
وَخياله حَجَبَ الشُّموس جَميعا

نَصْبو إلَيْه يُطِلّ مِنْ أوراقِهِم
وَعَدا عَلَى أوراقِهِم مَقطوعا

فَتَطيرُ في حمّى الهوى أوراقنا
وَيَزيدُنا​ العُرِيّ المُثير رُكوعا

*******

الأربعاء ٥ شباط/فبراير ۱۹۸۹ م

هذه القصيدة مِنْ كتاب المُحامي الشَّاعر ناجي بيضون بعنوان “كاريكاتور بالكلمات” الصادر عام ١٩٩٤.

زر الذهاب إلى الأعلى