بأقلامنا

لمن سبقنا إلى القمة بقلم الدكتور عماد سعيد

لمن سبقنا إلى القمة

من أي المفارق حاولت أن تلج هذا الانسان تجده واقفاً… لنقل على أهبة الاستعداد على مدار الساعات الاربع والعشرين.
لكأنما وهب نفسه للحياة، لا “الأنا” المستشرية فينا، فهو يعرف أن دفع العربة الى الأمام لا يقف عند حدود الترجي أو الأمنيات، فالعربة تحتاج إلى عزيمة للدفع وقائد خلف مقودها. وهو كذلك.
بهذه، الكلمات يمكن أن نصف نبيل بواب الانسان والمربي والأستاذ، إنه يرفض أن يراقب ما يجري من ثقب الباب، كما بطل هنري باريوس.
أحياناً تصل به الأمور الى حد المبالغة، وعلى لسانه يترفع عن نوازع الخلفيات الدينية، يتطلع الى الانسان كفعل وجود استثنائي، لا لحضور مضطرب آيل للسقوط في اية لحظة… والموت حين يلجنا فجأة إنما هو دورة حياة.. ولا بد أن نكمل المشوار.
نبيل بواب بنى وجوده الحياتي من لا شيء. لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب أو فضة، زاول حياته المبكرة بالعمل الكادح إن وجد، يدخر ما يجنيه في الصيف والعطل لشتاء المدرسة، وفي قراره الباطني أن العلم هو المفتاح الى المعرفة، وتدرج على هذه المقولة ليمد الأجيال الوافدة بتجربة غنية مع الدفتر والمسطرة والكتاب، فكان الحاضن لمن هوى “تجربة” فتح أبواب الواقع لتعقب المستحيل.
مدينة صور تدين له بالكثير، رغم أن نبيل يقول العكس تماماً: أنا مدين لهذه المدينة لأزقتها وشوارعها الضيقة التي أمدتني بالحياة، لكي أرفدها الى الآخرين.
نبيل بحق هو الانسان الذي نود أن نكونه، سيما أن عائلته صارت أكبر مما يجب… فهل يمكن لإنسان ما أن يتقدم الى أول الصف ليعلن أبوة من نوع آخر:
ولدنا غرباء، ولكننا اليوم نتقاسم حب وطن.
لم يلج السياسة بمفهومها التقليدي، كانت له سياسته الخاصة، “دعونا نقرب بعضنا الى بعض” و”صور هي المفتاح التاريخي الذي لم يشهد يوماً ذلك الإرث المتباعد قطعاً رؤى منجمي السياسة”، هكذا كانت المدينة وستبقى.
ترى هل نبيل يعبر في مسيرته الذاتية، عما أخفقنا به؟ نعم، من يجوب البيوت يسأل عن حاجاتهم، بعدما أمدّهم بالمداد، يعي جيداً ان هذه الحياة التي خلق من أجلها، هي حتماً حياة الآخرين أيضاً.
تلك الكلمات هي عربون وفاء لمن سبقنا إلى القمة.

* جريدة السفير بتاريخ 14 / 7 / 2007
المربي الأستاذ نبيل إبراهيم بواب

المشرف العام في مدرسة الحاج بهاء الدين الحريري ــ صيدا.

زر الذهاب إلى الأعلى