بأقلامنا

الحرية والحياة بقلم الدكتور حسن عاصي

***
الحرية منذ فجر الخليقة لسان حال الأفراد والجماعات، كما الأحزاب والجمعيات والمنظمات، يهفون إليها ويتطلعون إلى تحقيق السعادة والطمأنينة من خلالها : تقوم من أجلها انتفاضات وتشتعل في سبيلها حروب .
منذ القدم كانت الحرية محور الأدب رواية كانت وقصة، تغنى بها الشعراء ونظموا فيها القصائد، أبدع في الكتابة عنها الأدباء وصاغوا في التغني بها المقطوعات الأدبية، ليس آخرهم الشاعر أحمد شوقي بقوله :

وللحرية الحمراء باب
بكل يد مضرجة يـدق

لكن من الأقوال المأثورة كذلك أن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين … صحيح ذلك : لك الحق في اعتماد أي سبيل للظفر بحريتك وعدم ادخارأي سبيل لمقارعة كل ظالم و معتدٍ ينال من حريتك ويخدش إنسانيتك : حريتك هي إنسانيتك؛ لكن ذلك لا يبيح لك النيل من حرية الآخرين وأن تبخسهم حقوقهم وأملاكهم والتعدي على أررزاقهم، أو على الأملاك العامة في المجتمعات، ولعل في القصة المقتبسة من الأدب الروسي الواردة أدناه دليل على ذلك :
أن يموتوا خيرمن أن يفقدوا حريتهم…
عندما عاد الحسون إلى عشه حاملا دودة صغيرة بفمه لم يجد صغاره؛ إن شخصا قد سرقهم أثناء غيابه .
أخذ يبحث عنهم في كل مكان وهويبكي ويصرخ، وكان صدى نداءاته البائسة يًسمَعً في جميع أنحاء الغابة، لكن لم يكن هناك من يجيبه .
ذات يوم قال له طائرالبرقش : إنني رأيت صغارك فوق منزل الفلاح .
إنطلق الحسون يحدوه الأمل ، وبعد وقت قصير وصل إلى منزل الفلاح وهبط على السقف … لم يكن أحد هناك ، نزل إلى الجرن رآه خاويا ، لكنه لمح وهويرفع رأسه قفصا خارج النافذة ، لقد كان صغاره سجناء بداخله.
عندما شاهدوه متعلقا بقضبان القفص راحوا يزقزقون طالبين منه أن يحملهم بعيدا؛ حاول أن يحطم حواجز السجن بمنقاره و بساقيه، لكنه لم يفلح … تركهم حينئذ وسط نحيب شديد .
في اليوم التالي عاد من جديد إلى القفص حيث صغاره : نظر إليهم عبر الحواجز وأطعمهم واحدا واحدا للمرة الأخيرة .
واقع الأمر أنه كان قد حمل لصغاره العشب السام ليلقوا حتفهم، ولسان حاله : أن يموتوا خيرا من أن يفقدوا حريتهم .

زر الذهاب إلى الأعلى