بأقلامنا

اتفاق الهدنة تسوية الضرورة؛ فخ الهدنة أم خطوة استراتيجية؟ \ د. شريف نور الدين

 

في عالم مليء بالتحديات العسكرية والسياسية، يتصدر اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني مشهد الاهتمام الدولي والمحلي على حد سواء.
هذه الهدنة التي جاءت في وقت حساس، بعد فشل تحقيق اهداف الحرب على لبنان، من القضاء على حزب الله وتدمير بنيته الى تغيير الشرق الاوسط الجديد، بدء من قلعة جنوب لبنان وساحته وبوابته، والتي عصي عن فتحها وعجزه من المرور عبرها، في ظل مواجهة عتيدة، عنيدة، نوعية ذكية، وارادة فريدة وقوة عظيمة، فرضت عليه الانكسار والذل والعار.

وفي وسط تداعيات الحرب المستمرة على عدة جبهات، تطرح تساؤلات جوهرية حول جدوى القرار الإسرائيلي في ظل الواقع الميداني المعقد.
هل هو انتصار وهمي، أم خطوة استباقية حكيمة تضمن استقراراً مرحلياً؟
بين التحليلات السياسية، والانتقادات الإعلامية، وواقع المدنيين الذين يتجرعون مرارة التوتر المستمر، يبدو أن اتفاق لبنان يمثل أكثر من مجرد وقف للقتال؛ هو رهان على المستقبل في مواجهة تحديات متعددة الأوجه.

وفي مقالة سيما كدمون بصحيفة يديعوت أحرونوت عنوانها؛نتنياهو بين “النصر الوهمي” والخطوة الاستباقية؟
قدم بنيامين نتنياهو اتفاق الهدنة مع حزب الله على أنه انتصار، داعياً الإسرائيليين إلى الإيمان بإنجازاته. لكن الخطاب واجه شكوكاً واسعة، خاصة أنه جاء بعد مذبحة 7 أكتوبر، حيث تساءل الجمهور عن غياب استراتيجيات مشابهة في غزة. نتنياهو، الذي يخشى فقدان الدعم السياسي في ظل محاكمته، يبدو أنه اختار تقديم تنازلات في الشمال للحفاظ على حكمه، مما أثار استياءً شعبياً حول التعامل مع ملف المخطوفين وعدم الثقة بوعوده.

ورغم التهليل بالاتفاق، هناك مخاوف من سكان الشمال ومعضلته الذين يعيشون على وقع تهديد الأنفاق والصواريخ. ورغم الانتقادات لعدم تصفية حزب الله، فإن الواقع يفرض خيارات محدودة.

– تفويت الفرصة الاستراتيجية: منظور د. يوسي منشروف
من ناحية أخرى، يرى د. يوسي منشروف في إسرائيل اليوم أن الاتفاق، رغم تحقيقه لإنجاز استراتيجي بفصل الجبهات، يُظهر تفويت فرصة ذهبية لإضعاف حزب الله بشكل نهائي.
يشير منشروف إلى أن إيران، التي غابت عن الاتفاق رسميًا، ستستغل الهدنة لترميم وتعزيز قوة حزب الله عبر وحدات مثل “فيلق القدس”.
ويكمل؛الاتفاق يعتمد على قوات دولية ثبت ضعفها، مثل اليونيفيل، والجيش اللبناني الذي يفتقر إلى القدرة أو الرغبة في مواجهة حزب الله.
كما يبرز غياب منطقة عازلة كخطر إضافي، حيث يمكن للحزب إعادة تشكيل تهديده تحت غطاء المدنيين. بالنسبة لمنشروف، الإنجازات الميدانية لا تُترجم إلى مكاسب استراتيجية، طالما لم يتم معالجة التهديد الإيراني الأساسي.

– مواقف وانتقادات محلية ودولية حول اتفاق الهدنة
الإعلام الإسرائيلي:
1. جيروزاليم بوست: “وزراء ينتقدون وقف إطلاق النار مع حزب الله وسط تحذيرات من تداعياته الأمنية” .
2. هآرتس: “المعارضة للاتفاق: نصر مؤقت أم تهديد طويل الأمد”؟.
3. يديعوت أحرونوت: “الاتفاق يُنقذ حزب الله من الإنهاك، ولكن بثمن” .
4. إسرائيل اليوم: “مصادر: اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان قد يُنهى في غضون أيام”

الإعلام العالمي:
1. نيويورك تايمز: “وقف إطلاق النار في لبنان: خطوة نحو الاستقرار أم مجرد هدنة مؤقتة؟”
2. سي إن إن: “بايدن وماكرون يرحبان بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله”
3. الغارديان: “إسرائيل ولبنان: هل يمكن للهدنة أن تصمد وسط توترات إقليمية؟”

تصريحات ومواقف:
1. نتنياهو يدافع عن اتفاق الهدنة ويعتبره خطوة ضرورية للأمن.
2. بن غفير ينتقد بشدة وقف إطلاق النار مع حزب الله: “فرصة ضائعة”.
3. سموتريتش: الاتفاق يضمن أمن إسرائيل “إلى الأبد” إذا تم الالتزام به.
4. إسرائيل: آليات دولية جديدة لمراقبة وقف إطلاق النار.
5. المعارضة الإسرائيلية تشكك في فعالية الاتفاق.
6. تعزيز الدور الأمريكي في مراقبة الاتفاق: تأكيد على الاستدامة.
7. الدولية تدعم خطة تعزيز الجيش اللبناني لضمان الالتزام بالهدنة.
8. التوقعات الاقتصادية تتحسن بعد الإعلان عن الهدنة.

مواضيع إضافية:
1. بن غفير: وقف الحرب على لبنان قبل الأوان خطأ فادح.
2. سموتريتش: الاتفاق لا يستحق ثمن الورقة التي كتب عليها.
3. إيلوز: آليات المراقبة الدولية ضعيفة وغير فعالة.
4. جيروزالم بوست: إسرائيل بحاجة إلى توازن بين الاحتياجات العسكرية والأهداف الاستراتيجية.
5. مؤيدو الهدنة: القتال على جبهتين غير مستدام.
6. سكان الشمال: الاتفاق يعيد ذكريات صفقات سابقة مع حزب الله.
7. محللون: الهدنة فرصة لإسرائيل لإعادة ضبط قوتها العسكرية.
8. انتقادات واسعة للحكومة بسبب عدم ضمان عودة النازحين.

– نقاط تناولتها وسائل الإعلام
1. انتقادات للاتفاق داخليًا ودوليًا: في الداخل الإسرائيلي، يرى البعض أن الاتفاق يعطي حزب الله فرصة للتعافي والعودة أقوى، بينما يعتقد آخرون أن إسرائيل تفوّت فرصة إضعافه بشكل أكبر.
2. تعزيز الدور الدولي: تمت الإشارة إلى وجود آليات مراقبة دولية جديدة، ولكنها لاقت شكوكًا من جهات داخلية إسرائيلية بشأن فعاليتها، استنادًا إلى تجارب سابقة.
3. مخاوف النازحين: حالة من عدم اليقين تسود بين سكان شمال إسرائيل الذين ما زالوا يخشون العودة إلى منازلهم قرب الحدود اللبنانية، وسط مخاوف من تجدد القتال.
4. التركيز على الجبهة الجنوبية: يُنظر إلى الاتفاق على أنه محاولة لإتاحة المجال لإسرائيل للتركيز على التصعيد مع حماس في غزة، في ظل صعوبة خوض حرب على جبهتين.
5. إيران كعامل رئيسي: غياب إيران عن الاتفاق لا يعني أنها خارج الصورة. على العكس، إيران ستستخدم وقف إطلاق النار كفرصة لتعزيز مكانة حزب الله، ما يضع إسرائيل في مواجهة تهديد مستقبلي أكبر.
6. دور الولايات المتحدة وفرنسا: التحرك الدبلوماسي الأمريكي-الفرنسي يؤكد الأهمية الإقليمية للاتفاق، لكنه يضع إسرائيل تحت ضغط دولي مستمر لتجنب تصعيد أكبر قد يشمل حلفاء مثل إيران وسوريا.
7. التكلفة الاقتصادية للصراع: توقف الحرب في الشمال سيخفف الأعباء الاقتصادية على إسرائيل، التي تتكبد خسائر مالية ضخمة نتيجة النزاع المستمر. لكن على المدى الطويل، سيظل التهديد قائماً ما لم يتم تحييد حزب الله بالكامل.
8. الأزمة السياسية الداخلية: استمرار الانقسام في المجتمع الإسرائيلي بشأن قيادة نتنياهو وطريقة تعامله مع الملفات الأمنية الكبرى يضعف قدرة الحكومة على تقديم رؤية موحدة للأمن القومي.
9. الضغط من عائلات المخطوفين وسكان الشمال: تعزيز الرواية بأن الحكومة ضحت بمصالحهم لصالح اتفاق قد لا يقدم ضمانات حقيقية.

– المنظور الاستراتيجي طويل الأمد
التوازن بين الردع والاحتواء: الاتفاق يتيح لإسرائيل استراحة استراتيجية، لكن السؤال الأهم هو كيفية الاستفادة منها لتعزيز الردع، خاصة في ظل عدم وجود ضمانات حقيقية بتراجع قدرات حزب الله.

– الإعلام وتأطير الرواية العامة
التلاعب بالوعي العام: تبرز محاولات الحكومة والإعلام المؤيد لها لإعادة تشكيل الوعي الإسرائيلي بشأن ما يمكن اعتباره “نصراً”. يمكن دراسة كيف يسهم ذلك في تعزيز أو تقويض الثقة بقيادة نتنياهو.

خلاصة:
اتفاق الهدنة او تسوية الضرورة مع حزب الله يعكس توازناً دقيقاً بين تحقيق هدوء مؤقت في الشمال وضغط سياسي داخلي ودولي.
لكنه يترك إلكيان في مواجهة طويلة الأمد مع تهديد حزب الله، الذي سيستغل الهدنة في كل لحظة لإعادة التسلح وتطوير امكاناته.
بينما يسوق نتنياهو الاتفاق كإنجاز، تشير التحليلات إلى أنه ربما يكون خطوة استباقية لتجنب ضغوط أكبر، لكنها بعيدة عن ضمان الأمن المستدام.

في نهاية المطاف، تظل الهدنة محطة في صراع طويل لا يمكن التنبؤ بنهايته الوشيكة.
هي ليست حلاً نهائيًا ولا ضمانًا للاستقرار في المنطقة، بل هي مجرد تكتيك مرحلي يهدف إلى إعادة ترتيب الأوراق الاستراتيجية على أكثر من صعيد.
وبالرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية التي ترافق (اكزينو نتنياهو وحكومته) ، تبقى الحقيقة أن إسرائيل تواجه مرحلة مفصلية تهدد مصير كيانها.

زر الذهاب إلى الأعلى