بأقلامنا

بينما يمضي العالم قدماً نحو مستقبلٍ تكتنفه تحديات وتناقضات، يبرز وجه السياسة الأمريكية وكأنه انعكاس لصراعٍ مأساوي تتقاذفه أمواج المصالح والانقسامات. \ د. شريف نورالدين

. بتاريخ: 9 / 11 / 2024

بينما يمضي العالم قدماً نحو مستقبلٍ تكتنفه تحديات وتناقضات، يبرز وجه السياسة الأمريكية وكأنه انعكاس لصراعٍ مأساوي تتقاذفه أمواج المصالح والانقسامات.

فالولايات المتحدة، التي كانت تُعدُّ يوماً “منارةً للديمقراطية” و “المبادئ العالمية” ، تقف اليوم على مفترق طرق مشوب بظلال الماضي وطموحات الحاضر المتضاربة.
وبعودة شخصية مثل دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة، تُطلُّ على العالم مرحلة من عدم اليقين؛ حيث تختلط فيها السرديات المتفائلة بالأحلام المتكسرة، وتغدو المبادئ رهينة لحسابات القوة والصراعات.

في خضم هذا المشهد، ينهار الوهم بعالمٍ موحد ليحل محله عصر جديد، يفتقر إلى القيم الموحدة ويعج بالمصالح المتضاربة، عصرٌ تطغى عليه سياسات “الأولوية للقوة” و”البقاء للأقوى”. وهكذا، يجد العالم نفسه مرة أخرى عند حافة الهاوية، يحاول موازنة استقراره الهش على أرضٍ من الأزمات، بينما يتهدد مستقبله مصيرٌ غامض كأننا أمام مأساة تراجيدية تتكرّر بلا رحمة.

ان انتخاب الأميركيين لدونالد ترامب لولاية ثانية، بعد انقطاع دام أربع سنوات عن منصبه، تتسارع دول العالم لإعادة رسم استراتيجياتها وعلاقاتها مع واشنطن، وتقييم التأثيرات المحتملة لعودة ترامب إلى البيت الأبيض على قضاياها الحيوية.

لذا؛ دونالد ترامب يعود إلى البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة، في خطوة تعيد تشكيل المشهد السياسي الأمريكي وتترك صدى واسعًا في أرجاء العالم.
72,602,177 صوتًا، بنسبة 50.8%.
بينما حصلت هاريس على 67,893,572 صوتًا، بنسبة 47.5%.

ويبدو أن الحزب الجمهوري في طريقه نحو السيطرة على مجلس الشيوخ الأمريكي، وهي خطوة قد تعيد ترتيب موازين القوى في واشنطن، وتجعل المجلس شريكًا قويًا في تنفيذ رؤية ترامب وسياساته.

هذه الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ تضع الحزب في موقع إستراتيجي لدعم الأجندة الرئاسية، مع احتمالية استكمال التعيينات القضائية التي بدأها ترامب سابقًا، وإضفاء المزيد من الطابع المحافظ على النظام القضائي.

وجاءت سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ بمثابة إنجاز بارز في ليلة الانتخابات، إلا أن مصير مجلس النواب لا يزال غير محسوم تمامًا، مع استمرار الجمهوريين في الدفاع عن أغلبيتهم الضئيلة.
وقد تتطلب عملية تحديد الأغلبية في مجلس النواب أيامًا إضافية، حيث يمتلك الجمهوريون حاليًا 209 مقاعد مقابل 191 للديمقراطيين، في حين يحتاج أي من الحزبين إلى 218 مقعدًا لضمان الأغلبية.

وفي تحليل نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية “تشاتام هاوس”، نقلت برونوين مادوكس، المديرة التنفيذية للمعهد، عن مسؤول ياباني قوله إن تعامل العالم مع كل رئيس أميركي جديد يشبه تلقي “هدية عيد الميلاد”، يتم استقبالها كيفما كانت.
إلا أن التحدي مع عودة ترامب يبدو أكثر تعقيداً، حيث تتلقى بعض الدول، مثل روسيا وإسرائيل، عودته بترحاب، فيما تجد دول أوروبية، خصوصاً بريطانيا، وحلفاء واشنطن في المحيطين الهادئ والهندي، أنفسهم أمام مشهد غامض.

وتكافح هذه الدول في صياغة ردودها على تصريحات ترامب، خاصةً وأن فترته الرئاسية السابقة اتسمت بصعوبة التنبؤ بقراراته، وتضارب مواقفه. ولا يُستبعد أن تتكرر هذه السمات في ولايته المقبلة.

يراقب العالم عن كثب مواقف ترامب تجاه ملفات حيوية، من أبرزها التجارة العالمية، والصراعات الجيوسياسية، وتغير المناخ، إلى جانب العلاقات الأميركية الأوروبية.
ويعد ملف الرسوم الجمركية، الذي تعهد ترامب بفرضه على الواردات الأميركية، لا سيما من الصين، أحد القضايا الأكثر تأثيراً في العلاقات الاقتصادية الدولية، مع إمكانية أن يؤدي إلى خفض التجارة في منتجات مثل السيارات الكهربائية، ويهدد النمو الاقتصادي العالمي.
إذ يحذر خبراء الاقتصاد من تضخم قد ينتج عن هذه السياسات، ومن ارتفاع محتمل في أسعار الفائدة والدولار، وهي تداعيات قد تمتد إلى أوروبا.

وفي خطاب فوزه، كرر ترامب أنه لا يسعى لشن “حروب جديدة”، وأكد على رغبته في إنهاء الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط، مبدياً اهتمامه بعقد “صفقات” من شأنها تحقيق هذا الهدف.
ولكن السؤال هو: هل سيدفع ترامب فعلاً نحو وقف القتال في أوكرانيا، وكيف سيقوم بذلك؟ وإن قرر تجميد الصراع عند خطوط المواجهة الحالية، فهل سيوفر ذلك ضمانات كافية لأمن أوكرانيا وأوروبا، في حال لم تتعهد الولايات المتحدة بمنع أي تصعيد روسي مستقبلي؟

تظل مسألة تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا بديلاً محتملاً لعضوية حلف الناتو، لكنها لا تزال غير مضمونة لتحقيق الأمن الكامل. فبالنسبة للقيادة والشعب الأوكراني، تعتبر الحرب مع روسيا “حرب وجود”، وأي تنازل عن الأراضي يُرى كخطوة يصعب قبولها.

أما في الشرق الأوسط، فقد تؤدي سياسات ترامب إلى زيادة التوتر أو فتح أفق للاستقرار.
وبالرغم من انحيازه التقليدي لإسرائيل، فإن علاقته برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تشوبها تقلبات. وفي حال أيد ترامب السياسات الإسرائيلية المتطرفة التي ترفض حل الدولتين، فقد يدفع هذا إلى تصعيد خطير.
وقد ترى بعض الأطراف الإسرائيلية في عودة ترامب فرصة لضم أراضٍ من الضفة الغربية، والسيطرة على غزة، مما قد يشجع الفلسطينيين على مغادرة تلك المناطق نحو دول مجاورة، في حين قد يجد نتنياهو تشجيعاً من ترامب لتصعيد الضغوط على إيران.

لكن من جهة أخرى، يبدو ترامب جاداً في إنهاء الصراعات من منطلق خدمة المصالح الأميركية.
وقد يعني هذا أن نتنياهو قد يواجه ضغوطاً لوقف القصف في لبنان والتوصل إلى اتفاق مع حماس في غزة، وربما إطلاق سراح الرهائن.
وإذا حدث ذلك، قد يدعي ترامب أنه جلب “السلام” للمنطقة، إلا أن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية سيظل مستبعداً من دون التزام إسرائيلي بقبول حل الدولتين.

على صعيد التغير المناخي، تبدو مواقف ترامب غير مبشرة.
فالتزامه بدعم النفط والغاز المحلي يتعارض مع الأجندة العالمية لتقليل الانبعاثات، وقد يؤدي إلى إبعاد واشنطن عن جهود التعاون الدولي في مجال المناخ.
وإن قرر الانسحاب مجدداً من اتفاق باريس، فقد يُضعف ذلك الأهداف العالمية لخفض درجات الحرارة، كما قد يمنح الصين مجالاً للترويج لنفسها كزعيمة أخلاقية في هذا المجال.

أما بالنسبة لدور الولايات المتحدة عالمياً، فإن ترامب لديه رؤية مغايرة، إذ يرى أن على أوروبا زيادة إنفاقها الدفاعي لضمان استمرار الحماية الأميركية، ما يجعل التزام واشنطن تجاه حلف الناتو هشاً.
وبالنسبة لكوريا الجنوبية واليابان، فإن أي تراجع في الالتزام الأميركي قد يدفعهما لزيادة الإنفاق العسكري لمواجهة التهديدات من كوريا الشمالية والصين.
ويمثل حلف الناتو ركيزة أساسية للأمن الأوروبي، إلا أن ضغوط ترامب على الحلفاء قد تؤدي إلى انقسام في الحلف بين دول ترفض هذا النهج وأخرى قد تتبنى دفاعات مستقلة. تحتاج الولايات المتحدة إلى الحفاظ على وحدة الحلف عبر مشاريع دفاعية مشتركة، مثل الدفاع السيبراني وأنظمة الصواريخ، لتجنب خلق فجوة تهدد موقف الناتو أمام التحديات الروسية والصينية.

هذا يعني أن السياسة الخارجية الأميركية في عهد ترامب ستكون أكثر تعقيداً، وأصعب في التنبؤ. ففي ولايته الأولى، أظهرت إدارته أسلوباً غير منظم في تنفيذ سياساته، لكنه بدا مهتماً بالتواصل مع قادة مناهضين للمصالح “الغربية”، كروسيا. لذا، يخشى حلفاء الولايات المتحدة التقليديون من أن سياسة ترامب قد تفضي إلى نظام عالمي يقوم على الصفقات، وليس على المبادئ والقيم التي لطالما شكلت أساس العلاقات الدولية.

كما تمثل الهجرة تحدياً رئيسياً في سياسة ترامب، الذي يسعى إلى تعزيز الأمن على الحدود، عبر برامج صارمة كإعادة طالبي اللجوء إلى المكسيك وتوسيع بناء الجدار الحدودي. من المتوقع أن تؤدي هذه السياسات إلى توتر متزايد مع جيران الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية، مما يهدد العلاقات التجارية ويفاقم الضغط على الأنظمة الاقتصادية في الدول المجاورة.
يرى ترامب في الحد من الهجرة عنصراً أساسياً لأمن الولايات المتحدة، لكن ذلك يضعف العلاقات الاقتصادية ويعقّد التعاون الإقليمي، ما لم يتم دعم سياسات أكثر شمولية لمواجهة أسباب الهجرة من خلال التنمية الاقتصادية ودعم الاستقرار في دول المنشأ.

وتمثل الصين المنافس الأهم في جدول سياسات ترامب الخارجية، حيث يتوقع عودة المواجهة التجارية عبر تعريفات جمركية وعقوبات اقتصادية.
ستؤدي هذه الإجراءات إلى تقوية مشروع “الحزام والطريق” الصيني، وتدفع الصين لتعزيز تحالفاتها الاقتصادية والعسكرية في آسيا وأفريقيا.
لكن الولايات المتحدة يمكنها تقليل نفوذ الصين عبر دعم مشاريع تنموية بديلة، وترسيخ شراكات تجارية جديدة خاصة في آسيا وأفريقيا، مع تركيز متزايد على الابتكار في التكنولوجيا والصناعات المستقبلية لضمان بقاء الولايات المتحدة في الصدارة.

تمثل أميركا اللاتينية وأفريقيا مجالين مفتوحين للصراع بين القوى الكبرى، حيث ستواجه سياسات ترامب التقليصية تحديات استقرار في هذه المناطق، مما يعزز فرص التوسع الصيني والروسي.
يمكن لواشنطن أن تعيد صياغة دورها عبر دعم التنمية الاقتصادية، والاستثمار في البنية التحتية وتطوير مشاريع محلية صغيرة، مع تعزيز التعاون الأمني في مواجهة “الإرهاب” والجريمة، لضمان استقرار إقليمي يخدم المصالح الأميركية.

أولويات السياسة في الداخل الأميركي، تهدف سياسات ترامب إلى تحقيق نمو اقتصادي متسارع عبر تخفيف الضرائب على الشركات الكبرى، مع تعزيز الاكتفاء الذاتي عبر تقليل الواردات وتعزيز التصنيع المحلي.
لكن هذا التوجه، رغم فعاليته المحتملة في خلق الوظائف، قد يساهم في تفاقم الدين العام ويزيد التفاوت الاجتماعي.
كما ستؤدي السياسات الحمائية إلى زيادة التوترات التجارية، خاصة مع أوروبا والصين، مما يعيد أجواء “الحرب التجارية” التي شهدتها فترته الأولى.

من المتوقع أن تواصل إدارة ترامب تعيين قضاة في المحكمة العليا والمحاكم الفيدرالية لدعم توجهات محافظة في قضايا رئيسية مثل الإجهاض وحقوق السلاح. هذه التوجهات تحظى بتأييد قاعدته الشعبية، لكنها تزيد من حدة الانقسام الاجتماعي، وتعزز من استقطاب السياسة الداخلية.

.نظام عالمي على أعتاب التحول في ظل عودة ترامب للرئاسة، من خلال مرحلة جديدة تستند إلى المصالح الذاتية، ما يعيد تشكيل العلاقات الدولية، ويخلق تحالفات وصراعات جديدة.
ستضطر القوى الكبرى إلى التكيف مع سياسات أميركا غير المتوقعة، مما يضع النظام العالمي على أعتاب تحول جذري؛ فقد تؤدي هذه التحولات إلى تحديات مستمرة في ملفات الأمن، التجارة، المناخ، والسيادة الاقتصادية.

خاتمة:
ان فوز دونالد ترامب، الرئيس الجمهوري السابق، في الانتخابات الرئاسية الأميركية، ليعود إلى البيت الأبيض ويصبح أول شخص منذ الرئيس غروفر كليفلاند في أواخر القرن التاسع عشر يشغل فترتين غير متتاليتين.
أدى هذا الانتصار إلى ارتفاع الأسواق المالية وإثارة موجة من التفاعل بين المليارديرات وقادة الأعمال في الولايات المتحدة.

ردة فعل إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا وأحد أقرب الحلفاء لترامب مؤخراً، أمضى ليلة الانتخابات في منتجع مار إيه لاغو التابع لترامب.
ماسك، الذي يحتمل أن يلعب دوراً في إدارة ترامب المقبلة، كتب عبر منصته محتفلاً: “شعب أميركا أعطى ترامب تفويضاً واضحاً للتغيير الليلة”.

مارك أندريسن، الرأسمالي المغامر، علق على منشور ماسك الداعي إلى “بناء أميركا” قائلاً: “حان وقت البناء”، وأعلن دعمه لترامب بوصفه الأفضل لتعزيز صناعة التكنولوجيا والعملة المشفرة.

تايلر وكاميرون وينكليفوس، مؤسسا بورصة جيميني للعملات المشفرة، دعما ترامب واحتفيا بفوزه.

جيف بيزوس، مؤسس أمازون، هنأ ترامب على ما وصفه بـ”الانتصار السياسي غير العادي”، معبراً عن تمنياته بأن يقود ترامب الولايات المتحدة إلى مستقبل مشترك.

سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، كتب عبر منصة إكس مهنئاً ترامب، وأكد أهمية الحفاظ على ريادة أميركا في الذكاء الاصطناعي بقيم ديمقراطية.

مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، التزم الحياد السياسي، لكنه رحب بفوز ترامب قائلاً: “تهانينا للرئيس ترامب على هذا النصر الحاسم”.

تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، أعرب عن تطلعه للتعاون مع إدارة ترامب، مشيراً إلى أن علاقته بترامب كانت جيدة وفعالة.

كما تتوقع الأوساط السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة موجة جديدة من التحولات مع فوز ترامب، حيث من المحتمل أن يعيد تطبيق سياساته الاقتصادية السابقة بصورة موسعة.
يرى المحللون في فوزه تعبيراً عن تغيير عميق في توجهات الناخبين، ويعكس في الوقت ذاته فشلاً من جانب الديمقراطيين في فهم مخاوفهم.

وعلى الصعيد الدولي، أثار فوز ترامب مخاوف في أوروبا. عبّر قادة الاتحاد الأوروبي عن قلقهم من تغيرات محتملة في السياسة الخارجية الأميركية، لا سيما فيما يتعلق بالدعم العسكري لأوكرانيا ضد روسيا.
دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القادة الأوروبيين للحفاظ على الروابط مع أميركا، مؤكداً رفضه تقديم أي تنازلات لموسكو.
كما صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن على أوروبا أن تمسك بزمام مصيرها.

قال الباحث سيباستيان مييار من معهد جاك ديلور إن نتائج الانتخابات الأميركية تمثل ضغطاً كبيراً على أوروبا. وأشار غونترام وولف من مركز بروغيل إلى أن الاتحاد الأوروبي يبدو غير مستعد لمثل هذا التحول السياسي، حيث لا توجد خطة واضحة للاستجابة لهذا السيناريو.

وفي الجانب الاقتصادي، تنذر خطط ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على المنتجات المستوردة إلى الولايات المتحدة، وهو ما يخشى أن يدفع الدول الأوروبية للتفاوض معه بشكل فردي.

ترامب سبق أن وصف الاتحاد الأوروبي بأنه “صين صغيرة” تستفيد من حليفتها أميركا.
كما تتجه الأنظار إلى مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا، حيث تبدو التحديات مشتركة، ولكن الاستجابة الأوروبية لفوز ترامب لا تزال غير محددة وتحتاج إلى مزيد من الاستعدادات.

في نهاية المطاف، وكأنّ دائرة القدر تعود لإعادة مأساة جديدة، ينكشف أمام العالم مشهد سياسي كاللوحة التراجيدية، حيث تحترق آمال الوحدة تحت وطأة صراع لا ينتهي بين المصالح والقيم.

وما عودة ترامب إلاّ أحد فصول هذا الصراع العتيق، بين رؤى متنافرة تتلاطم في بحر من الأزمات العالمية، تُهدد فيه نار المصالح بإحراق ما تبقى من جسور التواصل والتعاون.

يبقى العالم في ترقّب، متسائلاً عمّا إذا كان بإمكانه النجاة من عاصفة الانقسامات المتزايدة، أم أنه سيجد نفسه في مستقبل كئيب تتعالى فيه أصوات التفكك وتخفت فيه آمال السلام.

وبهذا، تظل النهاية مفتوحة، كأننا أمام مشهد مأساوي قديم، حيث تظل الأعين متطلعة نحو الأفق الغامض، في انتظارٍ ثقيلٍ لقدرٍ محتوم.

زر الذهاب إلى الأعلى