استنساخ دبلوماسية أدارة بايدن المراوغة و سياسة المماطلة والنفاق في غزة على لبنان بقلم د. شريف نورالدين

د. شريف نورالدين بتاريخ: ٢٥ / ٩ ٢٠٢٤
في سياق تصاعد الأزمات والصراعات في الشرق الأوسط، تتجلى بوضوح ازدواجية السياسة الأمريكية من خلال دبلوماسيتها المراوغة التي تعكس استنساخاً لأساليبها بين غزة ولبنان.
بينما ترفع واشنطن شعارات السلام والحلول السياسية، تستمر في تقديم دعم غير مشروط لإسرائيل، مما يعمق الأزمة ويزيد من معاناة المدنيين.
في غزة؛ تدعو الولايات المتحدة إلى التهدئة الإنسانية، لكنها في الوقت نفسه تتجاهل الجرائم الإسرائيلية، وفي لبنان تُكرر نفس النهج، حيث تدعو للحوار وتمنح إسرائيل الغطاء لمواصلة تصعيدها العسكري. هذه الدبلوماسية، التي تبدو على السطح نابعة من رغبة في السلام، لا تتعدى كونها لعبة نفاق سياسي تهدف إلى تبرير الحرب ودعمها، في حين تغيب الجهود الحقيقية لتحقيق سلام عادل ومستدام، في ظل تعنت نتنياهو والدبلوماسية الأمريكية المراوغة يتطلب مقاربة متعددة الأبعاد تأخذ في الاعتبار التعقيدات السياسية والاجتماعية في إسرائيل والمنطقة. فيما يلي بعض النقاط التي يمكن أن تشكل أساساً لحل محتمل:
١- ضغط دولي متزايد: يجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول الأوروبية والعربية، تكثيف الضغط على الكيان لوقف العمليات العسكرية والتوجه نحو حوار حقيقي.
يمكن أن تشمل هذه الضغوط فرض عقوبات أو تعليق التعاون العسكري في حال استمر التعنت.
٢- تفعيل دور المجتمع المدني في الكيان: المجتمع الإسرائيلي ليس موحداً، وهناك أصوات مناهضة لسياسات نتنياهو. يجب دعم هذه الأصوات من خلال تعزيز التعاون بين الحركات الاجتماعية والسياسية التي تسعى لوقف الحرب.
على المجتمع الدولي تقديم الدعم للمنظمات غير الحكومية الإسرائيلي التي تعمل على بناء الثقة وتعزيز الحوار.
٣- إعادة التفكير في الدبلوماسية الأمريكية: يتعين على الولايات المتحدة إعادة تقييم سياستها تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. بدلاً من دعم سياسات الحكومة الإسرائيلية بشكل غير مشروط، يجب عليها أن تأخذ بعين الاعتبار حقوق الفلسطينيين والضغط من أجل إنهاء الاحتلال وبدء مفاوضات جادة.
٤- تشجيع المبادرات الإقليمية: يمكن للدول العربية التي تربطها علاقات دبلوماسية مع الكيان، مثل الإمارات والبحرين وغيرهم من المطبعين معها، أن تلعب دوراً مهماً في تشجيع تل أبيب على الانخراط في حوار مع الفلسطينيين.
يمكن أن تكون هذه المبادرات وسيلة للضغط على الحكومة الإسرائيلية لتخفيف حدة التصعيد.
٥- تجنب التصعيد العسكري: يجب على جميع الأطراف تجنب التصعيد العسكري، سواء من قبل كيان العدو بالخصوص، أو من قبل الفصائل المسلحة في لبنان وغزة.
الحوار هو السبيل الوحيد لإنهاء دوامة العنف. هنا، يلعب المجتمع الدولي دوراً مهماً في التوسط وتوفير مساحات آمنة للحوار.
٦- تعزيز الوعي العام: زيادة الوعي العام حول العواقب الإنسانية للصراع، والذي يمكن أن تؤدي إلى تحول في الرأي العام داخل الكيان، مما قد يساهم في الضغط على الحكومة لتغيير سياساتها.
تنظيم حملات توعية وإعلام تسلط الضوء على معاناة المدنيين يمكن أن تؤثر في سياسة نتنياهو وحكومته المتطرفة في تصعيد الحرب وتوسعها على لبنان والمنطقة.
في النهاية؛ الحل يتطلب تعاوناً دولياً وإقليميًا، وإرادة سياسية حقيقية، سواء من قادة العالم أو من المجتمع الإسرائيلي نفسه. بينما يبقى تعنت نتنياهو عائقاً، فإن الأصوات المنادية بالسلام والعدالة يمكن أن تُحدث فرقاً. في ظل التصعيد الكبير على لبنان، يجب أن تكون هناك مقاربة شاملة تستند إلى الحوار والضغط من أجل حلول عادلة.
* النتائج المحتملة:
– نجاح دبلوماسي: في أفضل السيناريوهات، تتمكن الولايات المتحدة من التوسط في اتفاق تهدئة طويل الأمد، مع تعزيز أمن الكيان، ولكن مع ضغوط من أجل تحسين الأوضاع الإنسانية في غزة.
– تصعيد إقليمي: في أسوأ الأحوال، يؤدي استمرار الحرب إلى إشعال نزاع إقليمي أوسع، مع تورط عدة دول وقوى إقليمية، مما يهدد الاستقرار في الشرق الأوسط ويزيد من تورط الولايات المتحدة عسكريًا ودبلوماسيًا في المنطقة.
– تقويض الدور الأمريكي: استمرار دعم الولايات المتحدة لإسرائيل بشكل غير مشروط قد يؤدي إلى تآكل نفوذها في العالم العربي والإسلامي، مع تعزيز الدور الروسي والصيني في المنطقة كبدائل للقوى العالمية.
هذا السيناريو يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك مواقف اللاعبين الإقليميين والدوليين، ومدى استمرار الدعم الشعبي للحرب داخل الكيان والولايات المتحدة، والقدرة على تحمل تكاليف النزاع المتصاعد.
في الختام؛ يتضح أن الدبلوماسية الأمريكية تُعدُّ مثالاً صارخاً على الكذب والدجل، حيث تعكس الممارسات المراوغة التي تنتهجها واشنطن في كل من غزة ولبنان، كيف يمكن لسياسة المماطلة والنفاق أن تؤدي إلى تعميق الأزمات بدلاً من حلها. بينما تدعي الولايات المتحدة سعيها لتحقيق السلام والاستقرار، فإن دعمها المستمر لإسرائيل في عملياتها العسكرية يُظهر أنها تفضل الخيار العسكري على الحلول السياسية العادلة.
تتكرر السيناريوهات في كلا الصراعين، حيث تغض واشنطن الطرف عن معاناة المدنيين وتبرر التصعيد العسكري تحت مظلة “حق الدفاع عن النفس”. نتيجة لهذه السياسات، يستمر العنف في تصاعده، وتُعزز مشاعر الإحباط والخيبة بين شعوب المنطقة، مما يزيد من تعقيد الوضع ويقوض أي أمل في تحقيق الوصول الى وقف الحرب الجائرة على غزة ولبنان.
إن ما يحدث اليوم في لبنان ليس مجرد تصعيد عسكري؛ بل هو نتيجة حتمية لدبلوماسية أمريكية تنتهج أساليب غير نزيهة تسهم في تفاقم الأزمات.
في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال: هل ستستمر واشنطن في استنساخ سياساتها المراوغة، أم ستتخذ خطوة حقيقية نحو دعم السلام العادل والشامل في المنطقة؟ إن الإجابة عن هذا السؤال ستكون حاسمة لمستقبل الشرق الأوسط، الذي يعاني من صراعات متزايدة تحتاج إلى حلول حقيقية، لا مجرد شعارات فارغة.