بأقلامنا

“المواطن بين الزريبة والجزار” من أقصى الشمال الى جنوبه الأقصى بقلم المحامية رغدة القرا

“المواطن بين الزريبة والجزار”

من أقصى الشمال الى جنوبه الأقصى

الكلمات لم تعد تُسعف، والمجلدات ذاقت ذرعا بمفردات السخط والالم، والمواطن اللبناني يستغيث جلاديه.
بالامس ، كما قبله، كالمستقبل القريب والبعيد، المواطن الذي لاظهر يستند عليه عند الملمات يُعنّف، يُهان، يُفترس بين الزريبة والجزار، بين الحكومة والحكيم . هل أحدكم لم يذق طعم الجلْد والموت الذليل بين هذا وتلك،
من مشاهد تخلو من أبسط حقوق الانسان، يدمع لها القلب وتأسف النفس على ماوصلنا اليه، لم يعد باليد سوى كلمة تُدمي صاحبها الممنوع عن (تفِّ) ماء الفم عليها. ففي لبناني الآن وكل ساعة ضحايا بالجملة على مسرح أدنى مقومات الامن الانساني.
أكتب هذه السطور علّني أجد سكينتي قبل بزوغ فجر جديد يُسكِّن قلة حيلتي وتقصيري امام ما شاهدته وسمعته وقرأته البارحة. لعل معظمنا شاهد بأم العين الاب الذي يحمل جثة رضيعه هاربا به من مسلخ المستشفيات، وانتفضت فرائسنا حنقا وحسرة عليه وعلى الحالات المثيلات. لكن أكثرنا لايسمع ولايرى مايحصل في زواريب القضاء الملاذ الاخير لضحايا العدالة. يقول أحد شهود عيان في نظارة احد مخافر الجنوب الابي (الذي ذلّ أقوى عدو للبشرية): “لقد تم حجزي في نظارة المخفر لعدة ساعات، لأني لم أرض ان يتطاول احدهم بالسباب لعرضي وحُرمي بعد ان تعرض احدهم لي في مكان عملي، وبردة فعل عفوية دفشته على الارض، نعم رددت على شتائمه بدفشة تسببت (بتغبير) ملابسه الانيقة. حُجزتُ في غرفة خالية من مقومات الكرامة الا من برد قارس يلتحف بلاطها، ثماني ساعات لئيمة على بلاط جليدي وشباك بشبك حديدي ينفذ منه الهواء دون طعام الا من شربة ماء. صرختُ، طلبتُ من عناصر المخفر فرشة لأجلس عليها فلم أُستجاب، لأكتشف ان بالقرب مني امرأتين موقوفتين في غرفة مجاورة يتضوراني جوعا منذ ثلاثة ايام، هنا صَمَتُّ واستسلمتُ لرحمة الصقيع، حتى تم فكً سراحي من الزريبة (التأديبية على رد الاهانة) عند الساعة السادسة مساء. عدتُ الى منزلي أعاني من استفراغ ومضاعفات وألم معوية، حامدا ربي، شاكرا الطبيب المعالج، ساخطا على كرامتي المتبقية!!!!!! ”

ماتقدم نموذج بسيط عن واقع يُفرض علينا، لابل عن حرب تُشنُّ على كراماتنا ونفوسنا وأعراضنا وأطفالنا ولقمة عيشنا. نبحث عن العدالة فلانجدها في قضاء مستنكف عن احقاق الحق او التبست الصورة عليه بين الجاني والضحية، الاول يسرح ويمرح ويعربد في قرانا ومنازلنا والآخر فُرضت عليه الطاعة والا مصيره التوقيف. بقصد او بدونه، عن اهمال او تعمًد، السلطة وازلامها وعلى اختلاف انواعها وتسمياتها، تحقق انجازات وانتصارات على المواطن اللبناني عامة والجنوبي خاصة وتقتل فينا ادنى مقومات الكرامة وتستبيحه للشبيحة وقطاع الطرق، وكأنّ شريعة الغاب هي لزاما علينا وليست خيارا، وكأنه المواطن ولقمة عيشه لقمة سائغة لأعداء الانسانية وأولهم العدو الصهيوني المتربص على حدود ابوابه.

ان كان الامل باستعادة الكرامات في ظلّ هذه الصورة القاتمة ضئيلا، فلا أحد يمنِّننا بانتصارات قادمة اذا لم تنتصر كرامة الانسان قبل الارض!!!!

المحامية رغدة القرا

 

زر الذهاب إلى الأعلى