أهل الجنوب أصحاب بيوتات كريمة يعني ..هم..للضيف والسيف وعثرات الزمن. بقلم الشريفة الدكتورة سلوى السيد أيوب آل خليل

أهل الجنوب أصحاب بيوتات كريمة
يعني ..هم..للضيف والسيف وعثرات الزمن.
هؤلاء هم اهل الجنوب بجميع طوائفهم.
الجنوبي صاحب يد مفتوحة..اي كريم..والكرم اهم صفة يحملها اي إنسان..والكريم مكرم من رب العالمين
وأنا سأعطيكم الدليل على مكرمات الله سبحانه وتعالى وسابدأ بنفسي:
والدي السيد أيوب آل خليل أكبر ملاك في بلدة جويا ورزقه على السبع جبال كما يقال وهذه حقيقة ثابتة ..إذ امتدت أملاكه ألى القرى المجاورة من بلدتنا جويا: بلدات المجادلة ومحرونة ومعركة وبافليه وصولا حتى حدود بلدة قانا..
لكن اين هي تلك الأملاك التي تعدت مساحتها آلاف الدونمات والوثائق موجودة لدي والصادرة في العهد العثماني.
للاسف أبناء هذا الجيل لا يعرفون شيئا عن تاريخ العائلات الجنوبية الكريمة.
لهذا تزوج ابي من الشيخة مريم الشيخ يوسف الفقيه وهو العلامة العلم زعيم الطائفة الشيعية في عصره.
كان أبي لا يعمل متكلا على هذه الورثة الضخمة..لكن ابي كان مشهورا بكرمه..وكان يسمى حاتم طي في زمانه..كان بيته مفتوحا للولائم لكل أعيان المنطقة..والمساعدات الاجتماعية التي تطلب منه ، كونه سيد قومه..لهذا كان يبيع الأرض كي يؤدي وكالة رب العالمين إليه.
لكن وصل الأمر به إلى بقاء جزء يسير من الأرض..لهذا فكر في الذهاب إلى أفريقيا كأبناء بلدته الذين هاجروا ونجحوا..
كانت محطته الأولى مدينة كوناكري في أفريقيا.. لكنه لم ينجح في التجارة علما ان أبناء بلدتنا من بيت الافندي في البلد المذكور وكانوا ملوك التجارة حينها، استقبلوا أبي استقبالا جيدا وقدموا له ما يتوجب عليهم من فتح شغل، اي محل قماش، كعادتهم في تلك الأيام..
طلبوا من أمي لتلحق به.. لكنها رفضت بالقول انا عندي رسالة تعليم البنات.. وكنا خمسة بنات أصغرهن بنت أربعين يوما.
فشل بابا في ان يصبح تاجرا وهو من هو ..ترك كوناكري واخذ يجول في أفريقيا إلى ان استقر به المقام عند ابن عمتي سعدالله طاهر وهو عاش هو واخوته برعاية ابي بعد وفاة أمهم وابيهم..كان ابن عمتي تاجرا يشار له بالبنان في كانو نيجيريا وكان يعتبر من اوائل التجار..لهذا حضن والدي اي خاله..لكن ابي الذي تعود على العطاء والاتكال على ثروة ضخمة كان غير مؤهل ليكون تاجرا..لهذا فشل في أفريقيا مع ما تبع ذلك من حالات صعبة مر بها.
اخيرا عاد إلى لبنان..وكنا قد كبرنا..لكنه بعد فترة مات وهو في السادسة والسبعين من العمر.
هنا ساتكلم كيف أكرمه الله العلي القدير.. نعم أكرمه بنسل ناجح في الحياة ويفتخرون بانهم من سلالته..كل نسله من بنات وصبيان يشار لهم بالبنان كل في حقله ..وازواج البنات هم من عائلات كريمة شكلت حالة في تاريخ الجنوب ..ويقال في بلدتنا: من يأخذ من نسل السيد أيوب.. الله يفتحها في وجهه..وهكذا كان ..
حتى الأحفاد كلهم في أعلى مراتب النجاح ..والله كان نصيرهم ..فمنهم المهندسين الناجحين ومنهم عالم الابحاث المثبت على لوائح العلماء في USA..ومنهم الأطباء المشهورين في اكبر مستشفيات أميركا ومن تكلمت عنهم وسائل الاعلام العالمية..ومنهم الناجحين في أميركا وكندا و أفريقيا بعد دراستهم في AUB واميركا، اما البنات فحدث ولا حرج فمنهن المحاميات والدكاترة والمهندسة والمعيدة الجامعية وكل ناجحة في مجالها..
نجحوا..اجل..بالاتكال على رب العالمين وتربيتهم الاصيلة التي لا تعرف الشواذ ..دون اللجوء إلى واسطة من أحد.. بل كان الجميع يتكلم على حسن تربيتهم البيتية واخلاقياتهم واسم العائلة .. حتى الأحفاد باتوا على نجاح مميز في كندا وUSA.
هكذا كرم الله السيد أيوب بذرية صالحة رفعت إسمه من جديد واسم الشيخة مريم..اي أمي..التي فعلت ما فعلته من اجل نجاح هذه الاسرة إذ اعتبرت ان المال يزول.. اما العلم فباق إلى أبد الآبدين.
أليس كل هذا مكافأة لروح أبي الذي عانى ما عاناه في آخر أيامه ..ومكافأة لأمي الصابرة وهي سليلة البيت الكريم بل يقال من اهم بيوتات الشيعة في زمانه .
فعلا ان رب العالمين يكرم الكريم والصابر ولو بعد حين.
وها نحن من الصابرين في هذه الازمة التي تحل على وطننا ..ورأسنا مرفوع ولن يستطيع اي كان ان يسيء الى بنات السيد أيوب والشيخة ام نجوى.. رحمهما الله.
هكذا هم اهل الجنوب..الأمثلة كثيرة
هم اهل بيوتات مفتوحة واهل كرم وكما يقول المثل: لاقيني وما تغديني.
لهذا نحن نقاوم من اجل الكرامة الوطنية ونقاوم العدو الصهيوني الذي اغتصب أرض فلسطين من أهلها.. نحن دائما مع الحق أينما وجد وهذا ما تربينا عليه.
ونحن اهل حياة وفرح..في ظل وطن آمن وجنوب لا يهدد كل حين.
واهل الجنوب لا يغتصبون البيوت بل يتكرمون بمن أكرمهم ويجعلونه صديقا مدى العمر.
وحرب ال٢٠٠٦ اكبر دليل..إذ ان الجنوبي عاد إلى ارضه وبيته المدمر كي يعيد البنيان ..كي يصبح الجنوب قبلة الانظار..وسيعود. إن شاء الله.