أخبار صور و الجنوب

هكذا نطقها من لا يفقه معنى الأرض إذا ما اختلطت بدماء أهلها. “عَيتيت” ليست اسمًا عابرًا يُقال على طرف اللسان،

هكذا نطقها من لا يفقه معنى الأرض إذا ما اختلطت بدماء أهلها.
“عَيتيت” ليست اسمًا عابرًا يُقال على طرف اللسان،
وليست بقعةً جغرافيةً تُرسم على الخارطة ثم تُنسى،
بل هي ضيعةٌ حفرت أسماء رجالها في صدر التاريخ بأظافر الدم والكرامة.

في “عَيتيت”…
لكل حجرٍ قصة شهيد،
ولكل شجرةٍ ظلّ مجاهدٍ مرّ من هنا عابرًا نحو سمائه،
وفي كل ذرة تراب بقايا سُجود أمهاتٍ بكين أولادهنّ عند الفجر ودعتهنّ بالدمعة والرضا.

“عَيتيت” ليست ضيعة الفقر والذل كما يظن الجاهلون،
بل ضيعةُ القادةِ والجرحى والشهداء،
فيها مئات الأطباء والمهندسين وعلماء الدين،
فيها العقول النيّرة والقلوب الطاهرة والبيوت المفتوحة التي لم تُغلق يومًا في وجه محتاج أو عابر سبيل.

“عَيتيت”…
مليئة بدماء الشهداء الزاكية،
مليئة بعرق المزارعين الصابرين،
مليئة برائحة الخبز المجبول بحب الله وأهل البيت،
مليئة بعبق التواضع وعنفوان المجاهدين.

فيا من وصفتها بالمعترة سخريةً…
هي ليست معترة كما ظننتَها،
بل هي مُفعمة…
مُفعمة بالشهداء الذين رووا أرضها بدمائهم،
مُفعمة بالمجاهدين الذين سكنوا حجارتها وأشجارها وترابها،
مُفعمة بالكرامة التي لا تنكسر،
مُفعمة بالعقول النيّرة من أطبّاء ومهندسين وعلماء دين،
غنية ببيوتٍ لا توصد أبوابها، وقلوبٍ لا تعرف إلا العطاء.
عيتيت ليست ضيعة الفقر والذل،
بل ضيعة العزّة والإباء،
مُفعمة بتاريخ لا يقدر أمثالك على حمله أو إدراكه.
ضيعة الدماء الطاهرة التي صنعت مجدها،
والأيدي العاملة التي زرعت فيها البركة،
والسواعد التي حملت راية الكرامة عاليًا…
حتى صارت سماءً تمشي على الأرض.
هي الأرض التي حملت حكايات الطهر والدم،
هي السماء إذا انحنت على ترابها،
وهي الكرامة التي لن تنحني…
لأنها ضيعة الله وأوليائه،
ضيعةٌ إذا دخلتها شعرت أنك تدخل قلب كربلاء…
وما بعد كربلاء إلا الخلود.
بحقّ الحسين الظامئ على رمضاء كربلاء،
وبحق زينب التي مشت سبية لكنها بقيت سيّدة العزّ والكرامة،
وبحق كل قطرة دم شهيد سالت على هذه الأرض الطاهرة،
اجعل “عَيتيت” شامخةً أبد الدهر،
واجعل بيوتها عامرةً بذكرك،
وأرضها مخضّبةً ببركة أوليائك،
واحفظ رجالها ونساءها وأبناءها،
وارزقهم من نور وجهك الكريم نورًا يضيء دروبهم إلى الجنة.
يا رب…
كما جعلت كربلاء مدرسة الدم الطاهر،
اجعل ضيعتنا كربلاءً مصغّرةً على هذه الأرض…
لا تذلّ أبدًا،
ولا تنحني إلا لك،
ولا ترفع رايتها إلا بحق.
عيتيت- إ.ع.ع
١٢-٧–٢٠٢٥

زر الذهاب إلى الأعلى