شارك بمسابقة شهر رمضان المبارك للعام ــ 1445 هـ . ـــ 2024 م . وأربح جوائز مالية نقدية Info@halasour.com
ثقافة ومجتمع

اغنية لصباح استغلها صدام حسين وأربكت ثلاثة عهود مصرية! بقلم// جهاد أيوب

لم تبخل الأسطورة صباح على فنها طيلة حياتها، وكانت مؤمنة بالجديد وبالتجديد، ولم تعش أسيرة نجاحات الماضي، لذلك لم تقف عند مرحلة واحدة، وعند جيلها فقط، وعند الأسماء الكبيرة لدعم مسيرتها، وتكاد تكون صباح الفنانة العربية الوحيدة التي تعاملت مع غالبية الأسماء الكبيرة المؤثرة في الفن بالسينما وبالموسيقى، وبالشعر والمسرح، هي لم تجرب بل سعت إلى التجديد خاصة بعد شهرتها الواسعة عربياً جراء الأفلام التي قدمتها كفنانة ومغنية سينمائية، وبعد انتهاء مرحلة الحرب العالمية الثانية قررت أن تكون صباح بصمة وليست مجرد فنانة حققت نجاحات والسلام!
جمعت صباح شجرة مانجا مصرية لتكون هي ثمار بنت الحارة المصرية التي تحتاجه مصر، وشجرة تفاح لبنانية لتكون هي ثمار تأسيس الفن اللبنانيوالذي يحتاجه لبنان، ورفضت أن تكون لوناً بل نوعاً، وهذا ما جعلها منافسة لكل الأجيال التي سبقتها، وعاشت معها، ومراحل الشباب…وهذا أيضاً أولد عند صباح المطربة والمسرحية البحث عن الجديد في الجيل الجديد خارج الأسماء المشهورة، أقصد كانت لا تهتم لإسم الشاعر أو الملحن المشهور بقدر أن تأخذ العمل الجميل من واعد في بداية الطريق، وإذا شعرت بتميز هذا الفنان فتبادر لتحصل على عمل منه وتدعمه، واللائحة تطول بأسماء صعدوا سلم النجومية من خلال نجومية وشهرة صباح الواسعة!
حينما تكون صباح مسافرة وقررت العودة إلى مصر كانت تطلب من الأصدقاء أن يتصلوا بالشعراء والملحنين ويسألوهم:” ماذا لديكم للسيدة صباح”؟
وفي لبنان كانت تكلف شقيقتها سعاد بالتواصل مع الجميع وتسأل عن أعمال جاهزة للصبوحة، وهذا ذكاء منها كي تشعر الجميع بأنها تهتم بهم، وبأنها موجودة، ولا تضيع وقتها فما أن تصل حتى تدخل الاستوديو!
وذات تسجيلات في الإذاعة المصرية التقت بملحن شاب موهوب جداً يدعى حلمي بكر، (وكان بكر دائماً يقول حلمه أن يعزف أو يلحن ل صباح و ل ليلى مراد)، فبادرته صباح بالتحية والتقدير وبإعجابها بأعماله، وقالت له:” متى سنلتقي بعمل استاذ حلمي”؟
بالتأكيد بادر حلمي بالترحيب و التمني…وكل ذهب إلى حياته، وفجأة يطرق باب منزل الملحن المغمور حلمي لتطل من الباب السيدة صباح بكامل اناقتها وحيويتها ونجوميتها وتواضعها، والذكاء الفني، وكان في منزل حلمي الشاعر المبتدئ سمير الطائر ومعه قصيدة “بياع كلام”، والتي تقول كلماتها:” كلام كلام كلام بس ما أخدش منك غير كلام، علقت قلبي بالهوى، بكلام كثير مالوش دوا، وحلفتيلي حانعيش سوا وانت تاريك بياع كلام بياع كلام”.
أعجبت صباح بالأغنية التي اعتمدت على جملة لحنية جميلة ورشيقة وجديدة تشبه شخصية صباح وتطلعاتها الغنائية، وتم التعاون والتسجيل بحب وبمتعة وبكرم خاصة كرم صباح!
ما أن تمت إذاعة الأغنية في مصر ومن ثم في إذاعات العالم العربي حتى راجت وحققت نجاحاً كبيراً، ورددت جملها في الشارع المصري وبالتحديد جملة ” بياع كلام”، ووظفت الأغنية سياسياً من قبل المعارضة، وبسرعة طلب التلفزيون العراقي في عهد نظام الرئيس صدام حسين وبأمر منه تصوير الأغنية وبثها بشكل مستمر، وبتعمد خاصة بعد خطابات الرئيس جمال عبد الناصر، أو بعد ذكر إسمه ومواقفه!
إنزعجت المخابرات المصرية من هذا الوضع فصدر الأمر بحظر الأغنية ومنع بثها!
وعاود صدام حسين بث الأغنية بعد كل خطاب للرئيس المصري محمد أنور السادات الذي أعاد بثها من جديد، وتم تصويرها تلفزيونياً وعرضها، ولكن المخابرات المصرية عادت ومنعتها بحجة تعمل صدام على مصداقية السادات!
في عهد الرئيس محمد حسني مبارك تم فك الحظر وبثت عبر الإذاعات المصرية، وعرضت من جديد في العديد من البرامج المنوعة، وقامت صباح بإعادة غنائها على المسرح في جميع حفلاتها في مصر!
عاد الرئيس صدام حسين إلى بث الأغنية على طريقته التنميرية، وبالمناسبة التي يريدها خاصة بعد خطابات الرئيس مبارك، لتتنبه المخابرات المصرية إلى مقصد صدام من جديد، وتعاود منع بث وعرض الأغنية، وطلبت من صباح عدم غنائها في حفلاتها داخل مصر!
هذه الأغنية كادت صباح أن تنساها، وذات سهرة منوعة من إعداد وتقديم فادي لبنان على قناة MBC وبمشاركة صباح بشكل أساسي طلبت منها أنا كاتب هذه السطور بإستعادة الترويج للأغنية خاصة أن نظام الرئيس صدام إنتهى، وبالفعل غنتها بعد أن منتجتها وقصرت من وقتها لتنسجم مع عصر اليوم!
عادت الأغنية إلى النور من جديد، وعاود انتشارها الواسع، ولكن دون إبعاد سياسية كيدية توظيفية إلى حين على ما يبدو!

زر الذهاب إلى الأعلى