شارك بمسابقة شهر رمضان المبارك للعام ــ 1445 هـ . ـــ 2024 م . وأربح جوائز مالية نقدية Info@halasour.com
بأقلامنا

#حسان كرامةلبنان بقلم المستشار في العلاقات الدولية الدكتور قاسم حدرج

#حسانكرامةلبنان

بقلم المستشار في العلاقات الدولية الدكتور قاسم حدرج

قالوا في الأمثال لكل زمان دولة ورجال ولكن الحقيقة هي ان بعض الرجال يعاندهم الزمان وتحاربهم الدولة وهذا هو حال حسان دياب الذي جاء في الزمن الخطأ ليرأس حكومة دولة متهالكة فلم تقتصر مهمته على ادارة شؤونها بل على اعادة بنائها من جديد وبالرغم من صعوبة المهمة التي تصل الى عتبة المستحيل الا انه اظهر شجاعة وارادة وتصميم على خوض غمار الصعاب فحاز في ايام معدودة على ثقة شارع منتفض ثائر تطلع اليه كنموذج لرجل الدولة الذي لطالما افتقده وقرر ان يمنحه فرصة الاصلاح والانقاذ بعد ان كان اعلن فقدانه الثقة بكل الطبقة السياسية ولم تخب ظنون اللبنانيين الذين سرعان ما بدأوا يتلمسوا بصيص نور تمثل في اداء حكومي متميز
من خلال قرارات مدروسة وجريئة تحاكي هموم المواطن وتعتمد اليات علمية مبنية على رؤية مستقبلية لدولة المواطنة التي تحافظ بالتساوي على حقوق كل مواطنيها بغض النظر عن انتماءاتهم لا كتلك التي كانت تطهى في مطابخ زعماء الطوائف وتفصل على مقاس مصالحهم وكلها قابلة للقسمة وتحافظ على حصص زبانيتهم
وكان القرار الأجرأ للرئيس دياب هو عدم دفع ديون لبنان ووضع خطة لأعادة هيكلة هذا الدين بما يتلائم مع الوضع المالي لخزينة الدولة واضعا في اعتباره اولوية تأمين احتياجات الناس الحياتية بالتزامن مع قرارات غير مسبوقة تتعلق بالتعيينات بعد اسقاط ألية المحاصصة التي كرست كعرف في الأدارة مما اغضب الديناصورات المالية ودفعها الى حشد قواها مع بقية الحيتان لألتهام دياب وحكومته ولكنه مضى في المواجهة معتمدا على الحكمة والحنكة للعبور في حقل الالغام الذي زرع في طريقه ولكن كان للقدر كلمته وأضيفت الى ازمات لبنان نكسة كورونا التي أوقفت دورة الحياة واضافت الى اعباء الحكومة اعباء تنوأ بها كبرى اقتصاديات العالم فتسلح لمواجهتها بسلاح الارادة وكان ان سجلت حكومته نجاحات ملموسة في هذا المجال اثارت اعجاب المراقبين رغم ضعف الامكانيات ولم تكد الحكومة تلتقط انفاسها لمعالجة الانهيار المسيس لسعر صرف الليرة اللبنانية وما نتج عنه من ازمات خطيرة انعكست على كافة القطاعات وباتت تنذر بأنفجار مجتمعي حتى جاء انفجار مرفأ بيروت وما واكبه من حملات منظمة ومبرمجة لتحميل حكومة دياب مسؤولية هذه الكارثة الكبرى والمفارقة ان من قادوا هذه الحملة
هم المسؤولين الفعليين عن هذه الجريمة التي كان الأهمال والتسيب وسؤ الادارة المتراكم على مدى سنوات هو السبب الرئيسي لحدوثها
ولكن المتربصين المصطادين ببحيرة دماء اللبنانيين فوجئوا بصلابة دياب الذي صمد بوجه حملاتهم وقرر المواجهة مهما بلغت الصعوبات والتحديات وبموازاة مواجهة التداعيات الكارثية للأنفجار
اعلن عن استجابته لمطلب مجموعة من القوى السياسية بأجراء انتخابات نيابية مبكرة انطلاقا من رؤيته بضرورة احداث خرق في
جدار الجمود السياسي ولم يكن يدرك بأنه بذلك قد داس على لغم
سينفجر به وبحكومته وتقديمهم ككبش فداء على مذبح الطبقة السياسية
لتمسح بهم كل خطاياها وتقدم نفسها مجددا كمنقذ لسفينة لبنان التي شارفت على الغرق فكان ان قرر بشجاعة الفرسان اعلان استقالة حكومته حتى لا يتم اسقاطها بطريقة دراماتيكية تزيد من الشروخ
في جدار السلم الاهلي المتصدع والأيل للسقوط وعلى قاعدة ليس كل ما يتمنى المرء يدركه كان قرار دياب انطلاقا من مقولة إذا تمنيت أن تنجز إنجازا عظيما، تذكر أن كل إنجاز يتطلب قدرا من المجازفة، وأنك إذا خسرت فأنت لا تخسر كل شيء، لأنك تتعلم دروسا.ولن تضل الطريق لو تمسّكت باحترام الذات ثم احترام الآخرين وتحمل مسؤولية كل فعل وبناءا عليه لم يستقل دياب كما سلفه من مسؤولياته بل استمر مع وزراءه بتسيير شؤون الدولة والمواطنين بذات الوتيرة
ولمن يسأل عن انجازات حكومة دياب نقول ان المقال لا يتسع لذكرها وهي التي تجاوزت الأربعين انجازا وسنكتفي بالقول بأن حكومته ارست قواعد العمل الحكومي على أسس علمية ووضعت الخطط والدراسات لحل الازمات المتراكمة وعلى رأسها الأزمة المالية الاقتصادية حيث تبنت المفوضية الاوروبية وصندوق النقد الدولي الخطة الاصلاحية التي تقدمت بها حكومته
واعتبرتها نموذجية وقاعدة انطلاق للتعاون الدولي مع لبنان للخروج من ازماته كما نذكر مواقفه السيادية التي افتقدناها في الحكومات السابقة حيث رفض تدخل السفيرة الاميركية بالشأن اللبناني وقال لها حرفيا وهل ستستشيرني حين تعيين حاكم المصرف المركزي الاميركي كما علق على كلام وزير الخارجية الفرنسية بالقول نحن ادرى بأدارة شؤوننا من فرنسا كما نذكر موقفه من مسألة النازحين السوريين ووضع خطة مدروسة لأعادتهم الى ديارهم والتصدي الحكومي للمرة الاولى للخروقات الاسرائيلية المتكررة واخيرا القرار الذي اتخذه وكان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير حيث اعلن بأن لبنان على استعداد للتعاون مع اي دولة تساهم في نهضته الاقتصادية ولا مانع من التوجه شرقا وعقد لقاءات هامة بهذا الاطار اثارت حفيظة المتأمركين الذين أتتهم فرصة انفجار المرفأ لفتح الباب على مصراعيه للغرب لكي يقطع الطريق على المتطلعين نحو الشرق
ورغم كل هذه الأنجازات التي تحققت في ظل الكوارث والازمات
السابقة والمستجدة وفي ظل عدم وجود غطاء لدياب حتى من بيته السني وسحب غطاء القوى السياسية المؤيدة لحكومته الا اننا لا يمكن ان ننكر بأن دياب ايضا ارتكب خطأ مميتا كان السبب الرئيسي وراء
عدم استمرار حكومته وهو عدم اجادته للغة اللبنانية المحكية ولا حياكة التحالفات وعقد الصفقات الطائفية والتي اضيف اليها خطيئته الكبرى التي لا تغتفر وهي أنه نجح حيث فشل الأخرين والنجاح خطيئة يرتكبها المرء بحسن نية ومع ذلك لا يغفرها له الآخرون كلمات ربما تثير نوعا من الاستغراب، إلا أنها حقيقة يجب إدراكها، فما من ناجح إلا وتحوم حوله أشباح أعداء النجاح، الذين يكرهون النجاح ويهاجمون الإبداع، ويحاولون بسعيهم المريض تثبيط الهمم لكي لا تنتج أبدا! وفي هذا الإطار نذكر إحدى الكلمات المنيرة للكاتب مصطفى أمين؛ إذ يقول: إذا قمت بعمل ناجح وبدأ الناس يرمونك بالحجارة فاعلم أنك وصلت بلاط المجد، وأن المدفعية لا تطلق في وجهك، بل احتفاء بقدومك
وعزاؤك يا دولة الرئيس انك خططت صفحات مجيدة في كتاب تاريخ لبنان المليء بصفحات سوداء وبنيت قاعدة صلبة للعمل الحكومي سيتعب من سيأتي بعدك وان كان الزمن والظروف قد ظلموك فيكفيك فخرا انك تركت خلفك على جدران السرايا شعار حكمت فعدلت
فأمنت فأستقلت يا حسان وسيبقى اسمك محفورا في الوجدان وسيبقى أسم دياب حاضرا وأن غاب وأن كان الرئيس الحص قد استحق لقب ضمير لبنان فأنت قد استحقيت عن جدارة لقب كرامة لبنان .

زر الذهاب إلى الأعلى