أخبار لبنان

فضل الله: لتعزيز المناعة الوطنية والاندفاع وتوحيد الصفوف لمواجهة أية مغامرة قد يقدم عليها العدو

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:
“عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي، بأن نستذكر في هذا اليوم أبا طالب عم رسول الله وكافله ووالد أمير المؤمنين، الذي ستمر علينا ذكرى وفاته في السابع من شهر رمضان، وفاء له وللدور الذي قام به في رعاية رسول الله، فقد كفل أبو طالب رسول الله بعد وفاة جده عبد المطلب وهو في الثامنة من عمره، فأحسن الكفالة والرعاية… وعندما بعث رسول الله آمن برسالته، وكان له طوال حياته الحامي والمدافع من سطوة قريش مستفيدا من موقعه لديها وتحمل لأجل ذلك، وكان أبرز معاناته يوم حاصرته قريش مع بني هاشم التي أعلنت آنذاك حربها على رسول الله وقرروا يومها ألا يزوجوهم ولا يبايعوهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا لهم رسول الله، حينها رفض أبو طالب مطلب قريش رغم شدة الحصار الذي استمر لثلاث سنوات، ولم يتراجع إلى أن رأت قريش أن لا جدوى من هذا الحصار فرفعته.

لذا وقف رسول الله يوم وفاته يؤبنه قائلا: “وصلت رحم يا عم وجزيت خيراً يا عم، لقد ربيت وكفلت صغيرا، ونصرت وآزرت كبيرا”.

لقد وضع أبو طالب كل جاهه وموقعه في سبيل الله فلنتمثله في بذله وجهاده وصبره وتضحياته، لنبذل كما بذل ولنصبر كما صبر ولنتحمل الأذى كما تحمل في سبيل الله ولحسابه، وبذلك نكون أكثر وعيا ومسؤولية وقدرة على مواجهة التحديات.

والبداية من غزة حيث تستمر حال المراوحة في المفاوضات الجارية وعدم الإيجابية التي أبداها الكيان الصهيوني، حيث لم يبد وحتى الآن أي رغبة بالاستجابة للمطالب المشروعة التي يصر عليها المفاوض الفلسطيني، والتي تدعوه إلى إيقاف عدوانه على القطاع وعودة الأهالي إليه، فيما يريد الكيان الصهيوني من المفاوضات هدنة موقتة تتيح له استعادة أسراه ليعاود الحرب بعد ذلك بكل شراسة”.

وقال :” في هذا الوقت، يتابع العدو الصهيوني مجازره وارتكاباته في حق المدنيين والتدمير المنهجي الذي يمارسه على المباني السكنية والبنى التحتية والمستشفيات والمدارس والمعابد وفي استمرار ممارسته لسياسة التجويع في الحصار الذي يفرضه على القطاع.

وإذا كان من مساعدات يسمح العدو بتمريرها سواء عبر ما تلقيه الطائرات أو عبر المعابر، فهي لا تهدف إلى سد حاجات أهالي القطاع، بل لتخفف من الإدانات التي يتعرض لها هذا الكيان.

ونحن هنا، نجدد ما قلناه سابقا إن الطريق لمساعدة الشعب الفلسطيني لا يقف عند تقديم المساعدات الإنسانية رغم حاجته الماسة إليها، بل في إيقاف نزيف الدم ومنع الحرب المجنونة التي يمارسها الكيان الصهيوني على القطاع، والذي وصل إلى حد الاستهداف المستمر لمن يسعون للحصول على المساعدات الإنسانية”.

أضاف :”وهنا لا بد من أن نبدي تساؤلنا عن الأهداف التي لأجلها يراد بناء ميناء بحري على سواحل غزة، بعدما أصبح واضحا أن الهدف الحقيقي منه ليس تقديم المساعدات الإنسانية، لأن ذلك يحصل بفتح معبر رفح والمعابر الأخرى، فذلك أسهل وأسرع لإيصال هذه المساعدات ما يعني أن هناك أهدافا تتعدى ذلك وتتصل بما قد يجري على رفح أو بالصورة التي ستكون عليها غزة بعد انتهائه من عدوانه عليها.

إننا أمام كل ما يجري، نجدد دعوتنا للدول العربية والإسلامية إلى ألا تقف موقف المتفرج على ما يجري في حق الشعب الفلسطيني وقضيته، في الوقت الذي نريد للشعوب العربية والإسلامية أن ترفع الصوت عاليا لإسناد هذا الشعب ومنع النكبة التي يراد لها أن تحصل مجددا.

إن من المؤسف ألا نشهد الحرارة المطلوبة لدى غالبية هذه الشعوب، في مواجهة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من معاناة والتي إن استمرت ستضعف موقفه وتهدد قضيته.
ولا بد هنا من أن ننوه بالموقف الوطني الشريف الذي عبرت عنه العشائر في غزة برفضها أن تكون أداة للعدو الصهيوني لتثبيت سيطرته على القطاع، أو أن تكون في مواجهة المقاومة، وتتنكر بذلك للدماء وكل الدمار التي نزفت ولا تزال تنزف في غزة.
ونصل إلى لبنان الذي تتسع فيه دائرة العدوان الإسرائيلي في نطاقها الجغرافي والميداني”.

وتابع : “في وقت تستمر تهديدات العدو له والتي جاءت أخيرا على لسان رئيس الوزراء الصهيوني، الذي قال فيه: “سنهاجم لبنان بقوة كبيرة”، ويواكب ذلك تدريبات تحاكي حربا على لبنان.

ونحن إن كنا ما زلنا نراها من باب التهويل لكسب مزيد من التنازلات من هذا البلد ومن مقاومته لحساب أمن هذا الكيان ومستوطنيه. ولكن ذلك لا يعني أن ينام اللبنانيون على حريرـ بل يدعوهم إلى تعزيز المناعة الوطنية والاندفاع نحو توحيد صفوفهم لمواجهة أية مغامرة قد يقدم عليها هذا العدو.

ونبقى في الداخل اللبناني، لنعبر عن أسفنا للمواقف السلبية التي صدرت في حق راهبة قررت أن تعبر عن إنسانيتها وإيمانها والتزامها الديني والروحي بتعاليم السيد المسيح، في إنسانيته ومحبته ورحمانيته لأطفال يعانون في هذا الوطن جراء العدوان الصهيوني الذي لا يميز بين طفل وطفل أو بين لبناني وآخر، أو في دعائها للمقاومين الذين يدافعون عن الوطن بكل طوائفه في مواجهة عدو يستهدف اللبنانيين جميعا ويرى هذا البلد نقيضا له”.

وقال :”إننا ندعو إلى أن تكرم هذه الراهبة، لنعزز هذا المنطق الإنساني الذي هو منطق كل الرسالات السماوية والذي به يبنى هذا الوطن، فهو لا يبنى بتجزئة المشاعر الإنسانية وتقسيمها لحسابات سياسية أو طائفية أو مذهبية، بل أن يكون للجميع، فالإنسانية لا تتجزأ وقد جاءت الأديان لتعززها.

وأخيرا، وفي ظل الواقع الاجتماعي الصعب وارتفاع الأسعار التي بتنا نشهدها كلما قدم شهر رمضان الذي هو شهر الرحمة والبركة والخير، نجدد دعوتنا للجهات الرسمية المعنية بمراقبة الأسعار سواء وزارة الاقتصاد أو البلديات إلى الرقابة المشددة على الأسعار التي باتت ترتفع بشكل جنوني والوقوف في وجه جشع التجار الذين لا يعيشون معاناة إنسان هذا الوطن أو حرمة هذا الشهر الشريف”.

وختم فضل الله :”وهنا نحيي كل المبادرات البلدية والحكومية التي تتم لضبط الأسعار والتي ينبغي أن تتابع حتى يرتدع هؤلاء ويشعرون بأنهم محل إدانة من المجتمع والناس”.

زر الذهاب إلى الأعلى