بأقلامنا

هناك من بالموت يفنى وهناك من بالموت يبعث فينا حياً .بقلم الدكتور محمود أبو خليل

هناك من بالموت يفنى وهناك من بالموت يبعث فينا حياً .

ابا احمد ، يرافقنا طيفك ونحن نشق طريقنا بين حفرة وعثرة ،على قدم وركبة، في الأزقة الضيقة ،وكرة القماش المطرز بالعافية ،والمعتّق في الاقبية الرطبة ،نراها تدور وتكبر ،وتمتص منا بعض من حياء ليستقر بنا الحياء على درجة مخدوش وخادش ،فننكمش ونذوب كالشمعة التي لوحتها شرارة لوعة ، وحرارة دمعة مترقرقة ، فأنيس الاشبال والزهرات والرواد في وحدتهم حملته ملائكة الرحمة على اجنحة من عفة، وانتقلت به من دار الفناء الى دار البقاء ،ويُتمت الرياضة بفقدان حارسها الوفي ،واصبحت كبيوت الصفيح ترف ٌورغد حياة. نعم يعتريني الخجل وانا اعتلي منبراً فلسطينياً على مقربة من قلوب نازفة، وعاتبة ،وبنادق مصلية لم تبارح اكتاف الجبابرة ،لم تكل ولم تحيد ولم تحّيد ،نجاور احزمة البوءس التي لم يتركها المناضلون لقمة سائغة بين انياب الضواري والكواسر ،سموها مخيمات لجوء ،مخيمات …لا عاشت التسميات، يشغلها اهلنا الكرام الأعزاء ،تزنر مدينة الحرف التي دفعت باميرتها في سبيل الزود عن كرامتها وتراثها الحضاري الى تأسيس اعظم الممالك عبر البحار كما شيدت المقاومة على اطرافها اسوار الحماية وعبدت بالدماء طريق الانتصار ، ولكن احلام النائمين على تخمة من دون وقار ،وغربان الطوائف والمذاهب تنعق فوق الحطام حتى بات البعض نعامات قل نظيرها وعبيرها توأم المياه الآسنة على جنبات السواتر المقطعة لاوصال الشعب الواحد ،لا عجب ،فلا ذاكرة لمن فقره المعرفي سبب غناه ،يسجدون ،ويصلون ، يقرعون الاجراس، ويقدسون ،بعيداً عن نص كتاب إقرأ ،وروحية كن لنظيرك في الخلق والارض والايمان سنداً ،ولا تهضم امعاؤهم الملتويةالملتفة حول رقابنا كالافاعي السامة الجغرافيا التي ستُحرر من نير الطغاة وشذاذ الآفاق بالحديد والنار وسنراها مزهوة بقيمها ومقامها وطيب ثمارها . في حضرة اللواء نستذكر لواءنا السليب الذي ابت الزلازل الا ان ترسم خريطة سيرها بدءًا منه باضلع مهشمة واذرع مفتوحة لتضم الى صدرها ويستوطن قلبها حلب واللاذقية وجبلة ، ونسمعه اليوم صوتاً يصدح من اوراسيا من خلف الصخرة التي يتحطم عليها كل انواع الغزاة ان ارفعوا ايديكم الملطخة بدماء اطفالنا عن بلادنا لقد آن الاوان لشحن هزائمكم وجرها خلفكم وخيباتكم مع آكلي الأكباد فأرض الطهر لا ترضى النجاسة . ابا احمد تعددت الرايات وفي التعدد عافية ، ولكن راية الحق خفاقة ،وباقية موحدة واحدة ،نتفيء ظلها ونسير كتف الى كتف ،وقلب على قلب ،ولقاء كل المقاومين على اختلاف مسمياتهم سيكون على ارض فلسطين ،يجمعهم الاقصى ،وكنيسة القيامة ،ووحدة المجتمع وسيأم فيهم الصلاة والد شهيد وجريح ويقرع الاجراس طفل من اطفال الحجارة .راوه بعيداً ونراه قريباً اليوم الذي تصطف فيه الرجال الرجال بصفوف بديعة النظام ، وحناجر تهتف ارضنا مهد الحضارات وامتنا هادية للامم نحن هنا وقد زدنا عنها بفلذات اكبادنا فاستردت الامة امانتها واستعدنا الارض التي لا يفرط فيها غير الخونة . ابا احمد لقد كنت صديقاً واخاً ورفيقاً حين توافقنا بالرأي ،وحتى حين على تفصيل بالرأي اختلفنا ،وكون الصدق ملح الأرض كنا صادقين مع انفسنا واحترمنا شرعية التمثيل وبهذا الشأن لم يملى علينا . حضرة اللواء ، سيُفتقد حضورك وامثالك من المجاهدين في شوارع نابلس وجنين وحوارة، فاللقاء في ربوعهم اضحى قريباً ولم يعد حلماً تمنيناه ،حدث لم ولن يساهم في تحقيقه من اسقط اوراق التين عن عوراته وذهب بعيداً في التطبيع مع ابناء الافاعي ، اعداؤنا في حقنا وارضنا وديننا . (قالها سعادة )ان ازمنة مليئة بالصعاب والمحن تمر على الامم الحية فلا يكون لها خلاص منها الا بالبطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نص كلمة الدكتور محمود أبو خليل  رئيس المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي خلال حفل تكريم اللواء  الراحل محمد زيداني ” ابو احمد ” في الذكرى السنوية الاولى لرحيله ــ صور ــ

 

زر الذهاب إلى الأعلى