بأقلامنا

أهميَّةُ الشُّهداءِ في الدِّفاعِ عن الأمَّةِ وحفظِ كرامتِها بقلم العلامة السيد علي فضل الله

قال الله سبحانه توتعالى في كتابه العزيز: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}. صدق الله العظيم.
نزلت هذه الآيات بعد معركة أحد، وهي المعركة الَّتي ارتقى فيها عدد كبير من الشّهداء إلى بارئهم. يومها، راح بعض المسلمين يتحسَّرون لموت هؤلاء، فنزلت هذه الآيات الكريمة لتبيِّن لهم حقيقة ما عليهم، وتقول لهم إنَّ هؤلاء لم يموتوا كما تعتقدون، بل هم أحياء عند ربِّهم يرزقون، وهم ينعمون بما يغدق الله عليهم من فضله، ويتمنّون أن ينال غيرهم ممن هم أحياء ما ينالونه، وأنَّهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
الشُّهداءُ الأحياء
هنا، طرح المفسِّرون تساؤلاً عن المقصود بحياة هؤلاء، وما هو الرّزق الَّذي سيحصلون عليه!
هناك من المفسِّرين من أشار إلى أنَّ المقصود بذلك هو حياتهم في عالم البرزخ، وعالم البرزخ هو العالم الَّذي تجتمع فيه الأرواح بعد خروجها من الأجساد، وقد ورد في الحديث عنها: “إنَّ أرواح المؤمنين فيها في حجرات في الجنَّة، يأكلون من طعامها، ويشربون من شرابها، ويتزاورون فيها، ويقولون: ربَّنا أقم لنا السَّاعة لتنجز لنا ما وعدتنا”.
فهؤلاء الشّهداء سينعمون في ذلك العالم بما ينعم الله عليهم من بركات وخيرات، بعد أن بذلوا أجسادهم وباعوا أنفسهم لله عزَّ وجلَّ.
وهناك من المفسِّرين من قال إنَّ المقصود هو الشَّرف والكرامة اللَّذان يحظى بهما هؤلاء الشّهداء في الدنيا بعد أن يغادروها، حين تخلَّد أسماؤهم فيها، ويبقون حاضرين في وجدان الأمَّة، ويذكرون فيها بعد أن أخلصوا لها وبذلوا دماءهم وأرواحهم من أجل الدّفاع عنها في مواجهة أعدائها، وضمان حرّيتها وعزّتها وكرامتها، وفي رفع الظّلم والعدوان عن كاهلها، هذه الدّماء ستترك آثارها على أرض الواقع وفي المستقبل.
مكانةُ الشُّهداء
إذاً، أيّاً كان الرأي الَّذي يؤخذ به، فإنَّ الشّهداء يحظون بالكرامة والمكانة عند الله، وهذا ما أشارت إليه الأحاديث الشَّريفة، فقد ورد عن رسول الله (ص) أنَّه قال: “أوَّلُ ما يُهْرَاقُ دمُ الشَّهيدِ، يغفرُ له ذنبُهُ كلُّهُ إلَّا الدَّينَ”، “يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إلَّا الدَّيْنَ”.
وورد عنه (ص): “فوقَ كلّ ذي برٍّ برٌّ، حتَّى يُقتل الرَّجلُ في سبيل الله، فإذا قُتلَ في سبيلِ الله، فليسَ فوقَه برٌّ”.
وفي الحديث: “ما من قطرةٍ أحبُّ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ مِنْ قطرتين: قطرةِ دمٍ في سبيلِ اللهِ، وقطرةِ دمعةٍ في سوادِ اللَّيلِ، لا يريدُ بها عبدٌ إلَّا اللهَ عزَّ وجلَّ”.
ويبلغ هذا الثَّواب وهذه المكانة إلى حدٍّ يتمنَّى أحدهم لو يرجع إلى الدنيا، ليُقتَلَ مجدَّداً فيها في سبيل الله، وهذا ما تمنَّاه رسول الله (ص) نفسه، عندما قال: “لوددْتُ أنِّي أُقتلُ في سبيلِ الله، ثُمَّ أحيا ثمَّ أُقتَلُ، ثمَّ أحيا ثمَّ أُقتلُ”.
وفي حديثٍ آخر عنه (ص): “ما من نفسٍ تموتُ لها عندَ الله خيرٌ، يسرُّها أنَّها ترجعُ إلى الدّنيا، ولا أنَّ لها الدّنيا وما فيها، إلَّا الشَّهيد، فإنَّه يتمنَّى أن يرجعَ فيقتلَ في الدّنيا، لما يرى من فضلِ الشَّهادةِ”.
وقد ورد أنَّ الله سبحانه وتعالى يخاطب أرواح الشّهداء وهي في الجنَّة، فيقول لهم: “هلْ تَشْتَهُونَ شيئًا؟ قالوا: أَيَّ شَيءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا؟ فَفَعَلَ ذلكَ بهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا رَأَوْا أنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِن أَنْ يُسْأَلُوا، قالوا: يا رَبِّ، نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا في أَجْسَادِنَا حتَّى نُقْتَلَ في سَبيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى”، فقال تعالى: “قد سبق أنَّكم إليها لا ترجعون، قالوا: إذاً نؤتي أهلنا السَّلام ونبلِّغهم ما نحن فيه من كرامة حتَّى لا يحزنوا علينا”.
دائرةُ الشَّهادة
وقد وسعت دائرة الشَّهادة، فلم تقف عند القتال في سبيل الله، وإن لم تنطبق عليها أحكامها من عدم وجود الغسل والتَّكفين والتَّحنيط، حيث ورد: “من قتل دون أهله ظلماً فهو شهيد، ومن قتل دون ماله ظلماً فهو شهيد، ومن قتل دون جاره ظلماً فهو شهيد، ومن قتل في ذات الله عزَّ وجلَّ فهو شهيد”، و”مَن قُتِلَ دون أهله فهو شهيد”.
وقد ورد أنَّ المؤمن عندما يموت ثابتاً على إيمانه، صادقاً فيه، يموت شهيداً، وإن مات على فراشه، وهذا ما أشار إليه الإمام الصَّادق (ع)، عندما جاء إليه أحد أصحابه، قال له: ادع الله أن يرزقني الشَّهادة، فقال: “إنَّ المؤمن شهيد”، أي من مات على الأعمال ثابتاً عليه، وقرأ الآية: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ}.
الموتُ من أجلِ الحياة
وهذا لا يعني، كما يتحدَّث البعض، أنَّنا نقدِّس الموت ولا نريد الحياة، بل نحن نريد الحياة ونحبّها، وقد خلقنا حتَّى نعيش فيها ونعمرها وننعم بطيّباتها وخيراتها، فالدّنيا إذا أقبلت، أولى النَّاس بها أبرارها لا فجَّارها، وأخيارُها لا أشرارُها، ولكنَّها ليست أيّ حياة، بل الحياة العزيزة الكريمة الحرَّة لا الذَّليلة الَّتي نكون فيها عبيداً للآخرين ونخضع لهم.
وهو ما عبَّر عنه أمير المؤمنين (ع)، عندما قال: “الموتُ في حياتكم مقهورين، والحياة في موتِكم قاهرين”، وعندما قال (ع) لأصحابه: “ماذا تنتظرون بنصركم، والجهاد على حقَّكم؟! الموتُ خيرٌ من الذّلّ في هذه الدّنيا لغير الحقِّ”.
وقد اعتبر الإمام الحسين (ع) الموتَ قيمةً، عندما تكون الحياة تحت نير الظّلم، وفي ظلّ سطوته، فقال (ع): “إنّي لا أرى الموت إلاَّ سعادة، والحياة مع الظَّالمين إلاَّ بَرماً”.
الشُّهداءُ عزَّةُ الأمَّة
أيُّها الأحبَّة: لقد أصبح واضحاً مدى العزَّة الَّتي تحصل عليها الأمَّة، حين يكون لديها من هم على استعداد لأن يبذلوا دماءهم لمواجهة التحدّيات وكلّ من يستبيحها، ومن يريد أن يأخذ بقرارها ويمسك بزمامها، فيما السّقوط والهزيمة والمهانة ستعمّ الأمَّة لو أنَّها تركت هذا الطريق وقرَّرت أن ترضخ لكلِّ ظالم أو طاغية.
ويكفينا أن نرى هذا الأثر الَّذي تركه هؤلاء الشّهداء، أو من يملكون روح الشّهداء في التَّاريخ أو في واقعنا، عندما أراد الكيان الصهيوني احتلال الأرض في العام 1982، أو حين عاود عدوانه في العام 2006، فببركة هؤلاء الشّهداء ومن يملكون روح الشّهداء، استعيدت الأرض، ومُنع العدوّ من تحقيق أيٍّ من أهدافه.
وها هي الصّورة نفسها بتنا نشهدها في فلسطين، ونشهدها في كلِّ يوم من الَّذين ينصرون هذه القضيَّة وأيّ قضيَّة حقٍّ وعدلٍ في أيِّ مكانٍ في هذا العالم.
أيُّها الأحبَّة: إنَّنا أحوج ما نكون إلى أن نعزِّز في الأمَّة هذه الروح؛ روح الحياة في عزّ وحريَّة وكرامة وإباء، والاستعداد لنيل الشَّهادة، عندما لا تتحقَّق هذه الأهداف إلَّا بها وتحت ظلالها، لنحظى بما يحظى به الشّهداء الَّذين لهم أجرهم ونورهم، كما قال الله تعالى: {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.
ودعاؤنا الدَّائم: “اللَّهُمَّ وَعَمِّرْنِي مَا كَانَ عُمُرِي بِذْلَةً فِي طَاعَتِكَ، فَإِذَا كَانَ عُمُرِي مَرْتَعاً لِلشَّيْطَانِ، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ، قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَ مَقْتُكَ إِلَيَّ، أَوْ يَسْتَحْكِمَ غَضَبُكَ عَلَيَّ”.
نسأل الله أن نحظى بما يحظون به، وآخر دعوانا أن الحمد لله، ربِّ العالمين.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثَّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما دعانا إليه الله، فقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، حيث دعانا إلى أن نصبر عبد البلاء الَّذي هو طابع الحياة التي نعيشها، وأن لا نجزع عندما يصيبنا، وأن نقول بأنَّنا ملك له، لا نتصرَّف إلا من وحي ما يريد، وإننا سنعود إليه، وسيجيزنا إن صبرنا ما وعدنا به، عندما قال: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
وبذلك، أيُّها الأحبَّة، نستطيع أن نواجه صعوبات الحياة وآلامها، ونكون أكثر قدرةً على مواجهة التحدّيات.
إيران: المصابُ الأليم
والبداية من الحدث الجلل الَّذي حصل لطائرة الرئيس الإيراني في خلال عودتها من تدشين مشروع تنمويّ مشترك بين إيران وجارتها أذربيجان، والّذي أودى بحياة الرئيس الإيراني، ووزير خارجيَّته ومرافقيه، والَّذي كان له وقعه الأليم على الشَّعب الإيراني، وهم الَّذين حملوا همومه، وقاموا بالعمل الدَّؤوب للنّهوض به ومعالجة الأزمات التي يعانيها، وفي اتّباع سياسة الانفتاح على المحيط ودول العالم، وفي مساعدة الدّول والشّعوب المستضعفة، والوقوف معها في مواجهة الظّلم الَّذي تتعرَّض له.
ونحن أمام ما جرى، نتوجَّه بأحرِّ التعازي إلى قائد الجمهوريَّة الإسلاميَّة وحكومتها والشعب الإيراني على هذا المصاب الأليم، ونحن على ثقة بأنَّ الجمهوريَّة الإسلاميَّة في إيران، ورغم فداحة هذا المصاب، قادرة على تجاوز تداعيات هذه الحادثة الأليمة، وهي الَّتي تخطَّت ما هو أقسى منها في السَّابق، وستتابع دورها الَّذي أخذته على نفسها في حمل قضايا شعبها، والاستمرار في سياسة اليد الممدودة الَّتي اتَّبعتها، ونصرة الدول والشعوب المستضعفة، ولا سيَّما القضيَّة الفلسطينيَّة الَّتي وضعتها على رأس أولويَّاتها ولن تحيد عنها.
دعمٌ أمريكيّ للعدوّ
ونعود إلى الجرح النَّازف في قطاع غزَّة، حيث يواصل العدوّ الصهيوني مجازره، والَّتي يستكملها في الضفَّة الغربيَّة، حيث يواصل اقتحامه لمدنها ومخيَّماتها، وكان آخرها ما جرى في جنين، والَّذي يواجه بمقاومة باسلة وعنيدة.
يأتي ذلك في ظلِّ استمرار الدَّعم المطلق لهذا الكيان من الدول الغربيَّة، وعلى رأسها الإدارة الأمريكيَّة، والَّذي جاء التَّعبير عنه على لسان وزير خارجيَّتها أمام الكونغرس، والَّذي أشار فيه، ومن دون مواربة، إلى الدَّعم غير المحدود الذي يتلقَّاه هذا الكيان من الولايات المتحدة الأميركيَّة، إن على صعيد التسليح، أو الأموال، أو المعلومات، أو التغطية على ارتكاباته، وهو، وإن أشار إلى التَّباين معه حول الرؤية المستقبليَّة لما بعد انتهاء الكيان الصهيوني من حربه، لكن ذلك لن يمنع من استمرار هذا الدَّعم المطلق.
وإن كنَّا بدأنا نشهد تغيراً في المزاج الغربي، والَّذي نأمل أن تتوسَّع دائرته، والذي جاء التَّعبير عنه من داخل تلك الدّول، في المسيرات والاعتصامات الَّتي يشهدها الغرب، وما جرى أخيراً في اعتراف عدد من الدول الأوروبيَّة بحقِّ الشعب الفلسطيني، والَّذي تحقَّق رغم التحذيرات التي أتت من الإدارة الأميركيَّة، والغضب الَّذي عبَّر عنه قادة الكيان الصهيوني.
وهو ما برز على الصَّعيد العالميّ، عبر القرار الذي أصدره المدَّعي العام للجنائيَّة الدوليَّة، والذي يطالب فيه المحكمة الجنائيَّة بمحاكمة رئيس الوزراء الصهيوني ووزير حربه لارتكابهما جرائم حرب، وأيضاً في القرار المتوقَّع صدوره من محكمة العدل الدوليَّة، بدعوة الكيان الصّهيوني إلى إيقاف حربه على غزَّة.
ويُشكِّل الذي جرى إدانةً للكيان الصهيوني الَّذي بات، ولأوَّل مرَّة، يخضع للمساءلة القانونيَّة الدَّوليَّة، حيث لم يعد يمكن التَّغاضي عن جرائمه وارتكاباته.
المأزقُ الصّهيونيّ
في هذا الوقت، يستمرّ الشَّعب الفلسطيني ومقاومته في تقديم أنموذجهم في البطولة والفداء، وفي الوقوف في وجه آلة العدوّ العسكريَّة، ومنعه من تثبيت مواقعه في الأماكن الَّتي وصل إليها، أو يتواجد فيها في غزَّة، وهو يتكبَّد في ذلك خسائر فادحة من جنوده وآليَّاته، كما يعترف بذلك قادته.
إنّ كلَّ ذلك عمَّق من المأزق الصهيونيّ، وهو انعكس على الوضع داخل الكيان، حيث تعمَّقت التناقضات بين المكوّنات الصهيونيَّة وأطراف الحكومة، ما أخذ يهدِّد بإسقاطها.
تحصينُ البلدِ بالوحدة
ونصل إلى لبنان، حيث يواصل العدوّ اعتداءاته الَّتي باتت تطاول المدنيّين، وأدَّت إلى استهداف أحد المدرِّسين وهو في طريقه إلى الثانويَّة الِّتي يعلِّم فيها، وهو الأستاذ والمربي محمَّد علي ناصر الفرَّان، كما أصابت طلاب المدارس الأبرياء، وهو يستمرّ بتهديداته بعدوان واسع عليه، والَّتي كان آخرها ما جاء على لسان رئيس وزراء العدوّ، والَّذي لوَّح بمفاجآت وخطط جديدة للبنان، وإن كنَّا لا نزال نراه من باب التَّهويل والابتزاز، ويهدف إلى تحقيق مكاسب إضافيَّة يريدها العدوّ من لبنان لحساب أمنه وأمن مستوطنيه، لكن ذلك يدعو إلى الحذر والجهوزيَّة لمواجهة أيّ مغامرة يقدم عليها.
ومن هنا، فإنَّنا نجدِّد التَّأكيد على تحصين هذا البلد من الدَّاخل، وتعزيز الوحدة الداخليَّة في مواجهة هذا العدوّ، وعدم المسِّ بها بما قد يحقِّق أهداف العدوّ، وحتَّى لا يكون ذلك على حساب سيادة هذا البلد وأمنه واستقراره.
عيدُ المقاومةِ والتَّحرير
ونصل إلى الذكرى الرابعة والعشرين لعيد المقاومة والتَّحرير، الَّذي نستعيد فيه مشهد الانتصار الَّذي تحقَّق للّبنانيّين في الخامس والعشرين من شهر أيَّار العام 2000، ذلك اليوم الَّذي خرج فيه العدوّ الصّهيوني صاغراً ذليلاً خائفاً، يجرّ معه أذيال الخيبة والخذلان.
ونحن عندما نستحضر هذه المناسبة العزيزة، فلنستعيد هذه البطولات والتضحيات الجسام التي قدِّمت ممن جاهدوا واستشهدوا وسجنوا وصبروا، لننعش ذاكرتنا بها حتَّى لا ننسى، ولنعبِّر عن اعتزازنا بكلِّ هؤلاء الَّذين صنعوا لهذا الوطن مجده، هذا المجد الَّذي كتب ناصعاً على صفحات تاريخ الوطن، ورسَّخوا به من خلال مقاومتهم موقعاً أساسياً من مواقع القوَّة للبنان، والَّتي تنضمّ إلى قوَّة الجيش اللبناني، والّتي تمثِّل سنداً ودعامة له لا بديل منه.
إنَّ على اللّبنانيّين أن يعتزّوا بأنَّ هناك في هذا البلد من لا يزال يعمل في اللَّيل والنَّهار في كيفيَّة مواجهة هذا العدوّ، ويقدِّم التضحيات في هذا الطَّريق دفاعاً عن هذا البلد وسيادته، وأن لا يكون مقراً لهذا العدوّ وممراً له.
***

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى