بأقلامنا

تجربتي مع المكفوفين٠٠٠٠ بقلم السيدة فاطمة الحايك ٠٠٠ تجربتي مع المكفوفين.

تجربتي مع المكفوفين٠٠٠٠ بقلم السيدة فاطمة الحايك ٠٠٠ تجربتي مع المكفوفين.
تمر السنوات والليالي والايام وانا اعدها كخرز المسبحة لماذا اقول ذلك.
ان وجودي في مؤسسة تعنى بشؤون الاعاقه هو كنز ثمين مربح للغايه اتعرف شيئا فشيئا على نوعية البشر كم هو مفيد ان اتوجه للتعامل مع نوع مميز فضله الله تعالى في القران الكريم وانزل فيه ايات تتحدث عنه الا وهو الشخص الذي فقد بصره وقالوا عنه اعمى او كفيف
الناس متساوون في كل شيء، وعليه: لا فرق بين كفيف ومبصر، وهذا ما استشفيته من التكنولوجيا، والتطور المذهل الذي أحرزته في الآونة الأخيرة. لكن أين الخلل؟
لم يكن العمى مشكلة أو عائقًا يومًا ما، لكن المشكلة تكمن في بعض العميان، وبعض المجتمعات. ربما هذه العبارة تعتبر مزعجة للبعض، وخاصة أولئك الذين اعتادوا أن يروا الأعمى.. أعمى.
بداية، وليكن كل شيء واضحًا، فإنه عليك كـ«أعمى»، قبل أن تثبت أنك شخص عادي «يصيب ويخطئ، يستطيع وله عوائق، يتعايش ويعيش »، أن تثبت أنك إنسان.. إنسان فقط.
ورغم المحاولات البائسة التي يحاول بها بعض العميان إثبات أنهم بشر عاديون، سيخرج من أقصى المدينة أعمى آخر يطالب بالشفقة خلف قناع الرأفة، والتمييز خلف قناع العدالة، والراحة خلف قناع الوعي وهذا ما يؤثر على الكفيف بشكل سلبي.
لا أنسى مقالًا درسته عندما كنت في المرحلة الثانوية، كان بعنوان «الرحمة الكاذبة)).
دائمًا ما أقول: مشكلة العميان تبدأ منهم.
كان الكاتب يتكلم عن الأعذار التي يقدمها البعض للتهرب من مسؤولياتهم تحت مسمى الرحمة، والتي سيكون فيها ظلم للبقية دون شك. فالإنسان الذي يتغيب عن عمله دون عذر ينادي باسم «الرحمة»، والذي يشجع أبناءه على العنف ينادي باسم «الحب»، والذي يعلن كرهه للآخر ينادي باسم «الحرية»، بيد أن الرحمة والحب والحرية مفاهيم لو كانت تتكلم، لنبذت كل ما أُلحِق بها من مغالطات.
وأن الله ذكرها في القرآن الكريم صراحة في سورة عبس حين قال: «عبس وتولى، أن جاءه الأعمى٠٠٠٠ اذا وانها لا تعمى الابصار لكن تعمى القلوب التي في الصدور.
لم يكن التطور التقني بمثابة حياة جديدة للعالم والمبصرين فحسب، بل أثبت جدارته حتى في ما يتعلق بحياة الكفيف وواقعه، الذي تغير بالكامل.
كانت الحياة بشكل عام صعبة للكفيف بشكل كبير، أعني حياة ما قبل 2011 تحديدًا، إذ كان الأعمى دائمًا وفي كل شيء مضطرًا للاحتياج إلى المبصر.
على صعيد الدراسة، إن لم تكن الكتب متوفرة بطريقة برايل (أحرف بارزة تساعد الكفيف على الكتابة والقراءة من خلال اللمس) فإن الحل الوحيد أمام الكفيف أن يطلب من مبصر مساعدته، وذلك بتسجيل الكتاب بصوته، ليكون كتابًا صوتيًا يستمع إليه الكفيف، مما يؤكد فكرة اعتماد الكفيف بشكل شبه كلي على المبصر، الذي سيقضي الساعات أمام جهاز التسجيل قارئًا للكتاب، الذي يعتبر وسيلة مهمة لدراسة الكفيف بعد الانتهاء من التسجيل.
أما بالنسبة للأخبار والمجلات فقد كان الكفيف بطبيعة الحال لا يعرف آخر الأخبار والمستجدات إلا من خلال حاسة السمع، إما عن طريق مبصر يقرأ الأخبار، أو عن طريق الراديو أو التلفزيون والمذياع الذي يظهر في ساعات محددة خلال نشرة الأخبار اليومية.٠٠٠
لم تكن الحياة هكذا فقط، بل كان الكفيف معتمدًا بنسبة لا تقل عن 85% من حياته على المبصر، الذي قد يكون موجودًا، وقد ينشغل، وإن كان موجودًا: فهو قد يكون مدركًا لما يسأل عنه الكفيف (إذا كان الكفيف سعيد حظ بطبيعة الحال)، وقد لا يدرك المبصر ماهية أسئلة الكفيف أصلًا، كوصف مشهد معين، أو تنسيق هدية مثلًا.
لكن في عام 2011 تحديدًا، زودت شركة آبل أجهزتها الذكية بخاصية قارئ الشاشة (Screen Reader) بالإصدار العربي، الذي يساعد الكفيف على استخدام الأجهزة الذكية بكل سلاسة، من خلال الاستماع إلى ما يقوله قارئ الشاشة، والضغط على الأزرار مرتين لتأكيد اختيار أمر معين. لم تكن أجهزة ذكية فحسب، بل كانت البداية الفعلية لدخول الكفيف إلى عالم التكنولوجيا والحياة الرقمية بشكل أسهل وأبسط.
ورغم وجود أجهزة كمبيوتر مزودة بقارئ شاشة قبل ظهور الأجهزة الذكية الخاصة بشركة آبل، فإن عددًا ليس بقليل من مكفوفي الكويت لم يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم بصورة شبه تامة إلا مع ظهور أجهزة آبل، والسبب ربما يرجع إلى كونها أول شركة (حسب معرفتي على أقل تقدير) تقرر أن تجعل قارئ الشاشة يأتي بصفته «Software» على كل الأجهزة التي تصدرها، ولأي مبصر الآن القدرة على استخدام قارئ الشاشة بشكل تلقائي، وتفعيله على أي جهاز يمتلكه من أجهزة آبل، بخلاف بقية الأجهزة السابقة التي كانت تتطلب تثبيت برنامج خاص لقارئ الشاشة.
ل ما يراه المبصر متاح وبشكل كامل للكفيف، حتى الأخبار التي كان الكفيف يعتمد على المبصر لقراءتها في السابق، أصبحت وبضغطة زر متاحة أمامه، وذلك عبر الخدمات الإخبارية وبوجود قارئ للشاشة لا يكل ولا يمل، ولا يتذمر من قراءة الخبر مرات عديدة.
التكنولوجيا لا تفرق بين مبصر وأعمى فعلًا، فقد أعطت الكفيف حقه في دخول مواقع التواصل الاجتماعي، والتفاعل فيها ومعها، وإبداء آرائه كشخص عادي بمعنى الكلمة . فتطبيق تويتر يعتبر من أكثر التطبيقات المتوافقة مع قارئ الشاشة، لأن أغلب مستخدميه يعتمدون على الكلمة لإيصال رسالة. ورغم أن تطبيق إنستغرام يعتمد على الصور والرموز البصرية بشكل كبير، فإن له محاولات طيبة لتمكين الكفيف من الدخول والتصفح بسهولة، من خلال الوصف التلقائي (Auto Descriptions Generator) الذي يعمل على وصف الصور بشكل مبسط.
لم يقف الذكاء الاصطناعي عند هذا الحد، بل ظهرت لنا برامج داعمة لاستقلالية الكفيف واعتماده على ذاته قدر المستطاع، فبرنامج Envision على سبيل المثال يساعد الكفيف على وصف الصور وتحويلها إلى نصوص خلال أقل من دقيقة، وبرنامج Seeing AI من شركة مايكروسوفت يساعد الكفيف على قراءة المنتجات ووصف الألوان، وبرنامج Money Reader يساعد الكفيف على تمييز العملات من خلال وضع النقود أمام الكاميرا.
هذه البرامج على سبيل المثال، والتي أستخدمها شخصيًا، غيرت حياتي بشكل كبير. وهي في تطور مستمر، وقد تصل إلى أبعاد لم نكن لنتخيلها يومًا. لكن بالطبع، هذا لا يعني أن تلك البرامج ستجعل من الكفيف مبصرًا، إلا أنها تطور تقني جعل من الكفيف يكتفي بذاته بشكل كبير.
التقرير من أعداد السيدة فاطمة الحايك سكرتيرة نور الامل للمكفوفين الفلسطينين في لبنان.

زر الذهاب إلى الأعلى