أخبار لبنان

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك،

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:
عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله التي ينبغي أن نتموّن منها زادنا لبقية الأشهر، والتي بدونها لن نحقق ما أراده الله من فريضة الصيام، والتي أشار إليها عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، فلا يكفي في العبادة أن نؤديها بل لا بد أن نحقق هدفها.
وقد أشار الحديث إلى القياس الذي نقيس به أنفسنا لنرى مدى بلوغنا التقوى وتحقيق الهدف المرجو من الصيام، عندما قال: “إنّ أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة، وأكثرهم لك معونة، قوّالون بأمر الله، قوّامون على أمر الله، قطعوا محبّتهم بمحبّة ربّهم، ووحشوا الدنيا لطاعة مليكهم، ونظروا إلى الله تعالی وإلى محبّته بقلوبهم، وعلموا أنّ ذلك هو المنظور إليه لعظيم شأنه”.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون ممن وفقنا لبلوغ هذه الدرجة لنحظى بنتائجها في الدنيا والموقع المميز لمن اتصفوا بها في الآخرة، والتي أشار إليها الله سبحانه: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}، ولنكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات.
يأتي هذا العيد فيما تستمر معاناة اللبنانيين على مختلف الصعد، وإذا كان من إجراءات قامت بها الحكومة أخيراً لامتصاص غضب الشارع والإضراب المستمر للقطاع العام واحتجاجات المتقاعدين والعسكريين بصرف رواتب إضافية والزيادة في بدل الانتقال، فلا يبدو أنها ستؤدي النتيجة المرجوة منها ولن تعيد موظفي القطاع العام إلى مراكز عملهم، بل هي استمرار لسياسة الترقيع التي تتبعها الدولة ومن باب رفع العتب بل قد لا تستطيع الدولة تأمين أعبائها لعدم توفر المال الكافي وإذا أرادت تأمينها كالعادة من خلال طبع أوراق نقدية جديدة فهي تزيد في التضخم الذي يساهم في انهيار الليرة اللبنانية ما يؤدي إلى أن ما يعطى باليد يؤخذ باليد الأخرى.
ولهذا قلنا ولا نزال نقول، إن أقصر الطرق لمعالجة هذا الوضع المتفاقم منذ سنوات والقابل للتمديد هو التوصل إلى حل سياسي يمهد لتأمين الاستحقاقات ولقرارات إصلاحية على المستوى الاقتصادي والعمل بخطة تعيد الاستقرار النقدي للبلد.
إن من المؤسف أن من يتحملون المسؤولية كفوا عن القيام بدورهم وبالواجب الملقى على عاتقهم، وهم ينتظرون ماذا ستفضي إليه توافقات الخارج، علماً أن البلد ليس من أولوياته، وإذا كان من توافقات يراهن عليها في هذا المجال، فإن أوان انعكاس هذه التوافقات لم يحن بعد وقد لا تأتي.
وإلى أن يحصل ذلك نجدد دعوتنا للحكومة إلى العمل بكل جدية للقيام بما عليها في هذه المرحلة للتخفيف من الأعباء على المواطنين بدلا من زيادتها والتي كان اخرها رفع الدولار الجمركي إلى ستين الف ليرة وبالعمل على تدارك ما يتم الحديث عنه عن ارتفاع سعر الدولار مجددا بعد انتهاء شهر رمضان في الوقت الذي ندعو إلى استمرار مبادرات الخير التي شاهدناها في شهر رمضان والتي ساهمت في التخفيف من وقع المعاناة على الصعيد الاقتصادي على شريحة الفقراء التي ما كانت لتجد قوتها لولا هذه المبادرات بعد تقاعس الدولة وانكفائها عن هذا الدور.
وهنا نحذر من خطورة ما يحصل على صعيد المتقاعدين العسكريين وما يواجهونه من قمع شهدناه أخيراً للتداعيات التي تحصل من وراء ذلك على صعيد الأفراد والمؤسسة العسكرية وانتظام العمل فيها، حين يجد من هم في الخدمة ما سيؤول إليه حالهم عندما سيصلون إلى هذا السن وأنهم لن يُقدّروا على الدور الذي قاموا به في خدمة وطنهم والتضحيات التي قدموها.
إننا في الوقت الذي ندعو إلى حكمة المتقاعدين في تحركاتهم، نؤكد على ضرورة وعي مخاطر استخدام العنف في مواجهة مطالبهم.
في هذا الوقت، نحذر من العودة إلى أسلوب قطع الطرق على المواطنين وقد شاهدنا تداعياتها سابقاً ولا نريد أن تتكرر، وإذا كان هناك من يشعر بانحياز الأحكام القضائية التي صدرت أخيراً بحق ما جرى في خلدة سابقا فليكن التعبير عن هذا الرفض ضمن الأطر القانونية التي تسمح بالنظر في الاحكام من جديد.
ونبقى في الداخل، لنحذر من ظاهرة استسهال القتل والجريمة التي بتنا نشهدها لتبعات ذلك على أمن اللبنانيين واستقرارهم والتي تتفاقم في ظل الترهل الذي نشهده على صعيد مؤسسىات الدولة والذي بات يفوق قدرة القوى الأمنية على ضبطه رغم تقديرنا الكبير للدور الذي تقوم به هذه القوى، ما بات يدعو للعمل بكل جدية لمواجهة هذه الظاهرة على صعيد البناء الأخلاقي والإيماني والتربوي والعمل على العقوبات الرادعة والأهم هو استعادة الدولة لهيبتها وأداء القضاء لدوره وإبعاده عن التسييس.

زر الذهاب إلى الأعلى