أخبار لبنان

المرتضى من جبل الريحان: الظرف يتطلب منا موقفا وطنيا وايمانيا جامعا للتأكيد على التزامنا بمدرسة المقاومة والتضحية والانتصار

وطنية – رأى وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى أن “الحصار على لبنان حلقة من تلك الخطة المدبرة، وهناك حلقة أخرى هي الانتخابات النيابية وفق المنظور التي أريد لها أن تكون فيه، منصة ومعبرا لتعرية المقاومة من بيئتها الحاضنة ومن بعدها الوطني”.

كلامه جاء خلال كلمة في احتفال تأبيني في حسينية جبل الريحان -جزين، في حضور حشد كبير من الفاعليات والشخصيات السياسية والهيئات الاجتماعية والثقافية.

واستهل كلمته بتحية الى جبل الريحان الصامد: “السلام على جبلكم جبل الريحان الذي إختزن للبنان كله شعبا ودولة ومصيرا… أروع وأشجع ملاحم الوطنية في الماضي، وأمنع مقومات التحصين في الحاضر والآتي. السلام على هذا الجبل الذي وأنت فيه تنظر من نافذة اليوم إلى شمس الغد الطالعة من خلف ذرا حرمون، لتُضيء الجنوب المنتصر، وتعد بالانتصار جنوب الجنوب… من الناقورة حتى رفح”.

وأشار إلى سبب تأخره في زيارة بلد الاجداد: “غالبا ما أعاتب من محبين لتأخري عن زيارة هذه البلدة الحبيبة، مسقط رؤوس الآباء والأجداد وحاضنة رفاتهم. والمعاتبون مقتنعون بأنه كان علي المجيء إليكم منذ أيلول الماضي على الأقل، بعيد تشكيل الحكومة، وأن أكرر ذلك مرات ومرات، للسلام عليكم والتزود بمحبتكم، ولأشم رائحة أرض طيبة، لم تنشر في فضاء لبنان إلا شموخ الصنوبر وعطاء الزيتون وفوح الريحان، من غير أن تعيقني عن القدوم المشاغل المتراكمة بلا انقطاع، والتي تستغرق مني في اليوم الواحد(….) أكثر من عدد ساعاته”.

واستطرد: “لكنني، وقد عزمت على أن أكون في ما أقوم به في عملي الحكومي، شاهدا مخلصا على انتمائي إليكم، بما تمثلونه من قيم الوطنية والكرامة والعيش الواحد، وشاهدا ايضا على انتمائي إلى هذه المنطقة التي قدمت للوطن خيرة من أبنائه البارزين المتقدمين في ميادين شتى وفي طليعتهم شهداء ميامين رووا بدمائهم الطاهرة الأرض وأناروا الدرب للتحرير، من هنا رأيت أنني إن استطعت أن أؤدي هذه الشهادة كما يجب، بالعمل اليومي داخل الوزارة ومجلس الوزراء، وبالحضور الدائم في السياسة والثقافة ولا سيما على مستوى تمتين وحدة الصف لدى الثنائي الوطني، وبإعتماد الموقف الناطق بالحق، وبمصلحة الوطن والمواطنين، فهذا جميعه يكفي ليوسع لي عندكم عذر الغياب”.

ولفت وزير الثقافة الى ما تطرق اليه في موضوع تحرير الارض في كلمة له في صور لمناسبة تحرير الاسرى: “الانتصار لدينا نحن اهل الجنوب لم يقتصر على دحر الاحتلال الإسرائيلي فإن ثمّة إنتصارا أهمَّ في قاموسنا وفي سجلنا يقتضي على اللبنانيين اينما كانوا أن يستهدوا به، هو الإنتصار على كل عوامل التفرقة والانقسام في مجتمع متمايز متعدد يضم مواطنين من أديان ومذاهب مختلفة، ومن طبقات اجتماعية متفاوتة، وانتماءات حزبية وعائلية متنوعة”.

وأكد “ثقافة التمسك بالآخر، إنه المثال الصالح والأنموذج الحي والصورة البهية عن الوطنية الحقة، وعن التنوع ضمن الوحدة، وعن ثقافة التمسك بالآخِ والحرص عليه. هذا المجتمع، بل هذا المصهر الإنساني، أعطى الانتصار بعدا آخر، لأنه شكل النقيض الواضح للمفاهيم التي قام عليها الكيان المغتصب. فنحن المسلمين والمسيحيين، بمقدار ما نثبت في عيشنا وأرضنا وحقوقنا معا، نغلب أعداءنا المنظورين وغير المنظورين، ونكرس حقيقة الحديث الشريف: “الخلق كلهم عيال الله، وأحبم إلى الله أنفعهم لعياله، (أهمية جبل الريحان ايها الاحبة ليست في مغارته ولا في غابات الصنوبر فيه ولا في مياه عينه الكبيرة الفوارة الدردارة ولا في خلّته أو بيئته أو طيب مناخه، أهمية هذا الجبل تكمن في تنوّعه وفي حرص بنيه على هذا التنوّع ….. ).” مستشهدا بوصية الامام علي(ع) لمالك :”سيدنا، سيد الحق والعدل والبلاغة علي بن ابي طالب(ع) اوصى مالكا بأن يزرع في قلبه الرحمة بالناس، والمحبّة لهم، واللطف بهم، وأن لا يكونن عليهم سبعا ضاريا يغتنم أكلهم ، وقال له : “إنّهم صنفان  أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق ….”

وتابع المرتضى: “نحن اتباع علي(ع) مطالبون بحفظ التنوع والفرح فيه وتمتين العيش الواحد وهذا بالنسبة الينا واجب ديني وواجب أخلاقي وضرورة وطنية، وهو المفتاح الذهبي لبوابة الانتصار ولصون هذا الإنتصار وعلى هذا المنهج سوف نظل ثابتين كثنائي وطني في وحدة كالبنيان المرصوص ولن نبدل تبديلا”.

واعرب عن اسفه “لواقع حال خطاب البعض من السياسيين والمرشحين، من منا لم ينغصه خطاب البعض الذي يصف نفسه بالسيادي والمعارض الذي يوجه مدافع كلامه بصورة شبه دائمة إلى اتجاه معين هو المقاومة وبيئة المقاومة، متهما تلميحا وتصريحا بأنهما أدوات احتلال ايراني موهوم. وقد قلت مؤخرا أنه لو قيض لنا قانون انتخاب نسبي يعتمد فيه لبنان كله دائرة واحدة، لما كان هؤلاء الخطباء المرشحون يتوجهون إلى جمهور اللبنانيين بالخطاب عينه، بل كانوا لينظروا إلى الانتخابات كاستحقاق دستوري، يتنافس فيه المتنافسون على كسب ود جميع اللبنانيين بالاستناد الى المشاريع ولم يكونوا ليعتمدوا لغة الفتن والافتراءات والتخرصات. ولست أبتغي ههنا تفنيد مضمون خطابات هؤلاء، ولكنني أسأل من ينبرون للتصدي للإحتلال الإيراني الموهوم اين هو هذا الإحتلال؟ ثم اين كنتم أنتم ووطنيتكم وحميّتكم عندما كان ثمة احتلال فعلي لا وهمي هو الإحتلال الإسرائيلي جاثما على صدر الجزء الأعز من وطنكم؟ لماذا لم تفتحوا حينها فاهكم بإعتراض أو تنشئوا جبهة أو مجلسا تنبروا من خلاله للمقاومة والتحرير؟ (لكن يا ذوات لا في احتلال ايراني ولا جنابهم عندن ذرة حمية أو وطنية”.

وقال: “جل ما في الأمر أنهم مأجورون ومكلفون من ذلك الإحتلال المدحور للتشويش على المقاومة وبيئة المقاومة عقابا على قهر الإحتلال ودحره، لكن خسئوا وخاب مسعاهم اذا معلمهم العدو الإسرائيلي ومن وراءه ما طلعلهم هودي (ومع الأسف مضطر أستعمل هذا التعبير) الأقزام، المأجورين، الوكلاء، الهزيلين، بيطلعلهم ؟ لاء، أكيد مش رح يطلعلهم)”.

وحذر اللبنانيين من ان “يضلوا لأخوتنا اللبنانيين، أكرر لا يضللكم ضال مضل، الحقيقة أنه ليس من احتلال ايراني في لبنان بل لقاء لبناني – إيراني يرتكز إلى القيم ومنها السيادة والحرية ومقاومة الظلم ونصرة المظلوم وجبه العدوان، وهذا غير مرتبط بطائفة دون أخرى، بل هو لكل اللبنانيين والإيرانيين على السواء بل بالأحرى لكل العرب وبخاصة للشعب الفلسطيني المقهور داخل الأرض المحتلة وفي الشتاء”.

وأوضح أن “الموقف من الكيان المغتصب هو قبل كلِّ شيء موقف أخلاقي، وانتماء إلى ثقافة الحق. وما يثار حوله من غبار كلام، لن يغطي على حقيقته. وإذا كان بعض أهل السياسة في لبنان والعالم… يرون في ما تقدمه إيران للبنان، وللمقاومة تحديدا، نيلا من السيادة الوطنية اللبنانية، فهذه نظرة لا تستقيم لا عقليا ولا عمليا، لأن هذه التقديمات ترمي إلى مساعدة الشعب اللبناني على توطيد سيادته ضد الاحتلال وإلى حماية البلد وثرواته من الاعتداءات الإسرائيلية في البر والبحر والجو. أما من الزاوية العملية، فلقد تحقق بفضلها تحرير الجزء الأكبر من الأرض اللبنانية المحتلة، وها إن العدو يعاني الآن من تفسخ اجتماعي داخلي كما من رهبة عسكرية تجاه لبنان تنهش قلوب جنوده”.

وسأل: “أليست هذه قمة السيادة أيها السادة أم هل تكون هذه السيادة في الخنوع والرضوخ لإملاءات تردنا من خارج المنطقة لتزرع بين شعوبها ودولها صراعات لا طائل منها إلا تأمين المصالح الصهيونية، شاء ذلك المتصارعون أم أبوا، عرفوا أم لم يعرفوا؟”

وقال: “في جميع الأحوال أود أن أجدد في هذه المناسبة أن للتحرير معنى واحدا هو الذي كتبته صيدا وصور والريحان واخواتها من مناطق الجنوب كله وبيروت ولبنان أجمع، يوم دحر المقاومون جيش الاحتلال الإسرائيلي عن أرضِنا الطاهرة. وكل معنى آخر تنكره الأبجدية ويأباه الضمير الوطني. وكذلك السيادة فمعناها مكتوب على صفحات التراب العاملي وأوراق أشجاره وعلى دفاترِ شتلات التبغ وسنابل القمح الجنوبية، مكتوب بدماء المقاومين الذين هم أنتم وأخوانكم وآباؤكم، وشعبنا وبيئتنا هذه البيئة التي احتضنت الجراح ولم تقل أف أو آخ.”

وتابع: “ينبغي لي الآن، أن أشيد بصمودكم واتحادكم إزاء الأحوال القاسية التي يمر بها وطننا. ذلك أنكم تعرفون بلا ريب أن الحالة التي وصلنا إليها، لم تكن وليدة سياسات اقتصادية خاطئة فحسب، ولا نتيجة استشراء مرض الفساد في جسد الدولة اللبنانية فقط، بل هو حلقة من خطة مدبرة خارجيا، شارك كثيرون في تنفيذها، سواء بالفعل أو بالقول أو حتى بالسكوت، تهدف إلى حصار المقاومة عقابا لها على الانتصارات المتعاقبة التي أحرزتها في جهادها ضد الصهاينة والتكفيريين، وهما وجهان لعملة واحدة. الانتصار إذا، هو السبب الأساسي للحصار الذي يطبق على لبنان، فما عجزوا عن الوصول إليه بالأعمال العسكرية والأمنية والضغوط السياسية، يسعى إليه بمحاولة إفقار اللبنانيين وتجويعهم لوضعهم أمام خيارين: الكرامة أو المال. لكن، أتراهم نسوا أنَّنا أبناء كربلاء الهاتفون على الدوام: هيهات منا الذلة؟”

ودعا الى “اتخاذ موقف وطني شامل وهذا يتطلب منا موقفا وطنيا وإيمانيا جامعا، والى الترفع عن الإساءات التي يرمي بها بعضهم بعضنا، فإن الله تعالى في كتابه العزيز اختص الكاظمين الغيظ بجنّات عرضها السموات والأرض. ولنكن في كل حالٍ على يقين بأن ثقافة التحرير والوحدة الوطنية، هي التي ستبقى عنوان وجودنا وبها سننتصر وينتصر لبنان، وبأن ثمة وعدا الهيا يبشر بفرج لا ريب أنه متحقق: بسم الله الرحمن الرحيم:”ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص ‏من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين” صدق الله العظيم”.

وختم المرتضى: “بعد يا ريحان يا عبق الأجداد وزهوة الحاضر وأمل المستقبل! أبناؤك أوقدوا النار في مراكز الاحتلال الإسرائيلي ودورياته وفي أجساد جنوده المعتدين، واسهموا في تحرير جبلهم ووطنهم، فحفروا اسمك بقرار مقاوم وبأحرف من نور على لائحة مواقع الكرامة الإنسانية والشموخ الوطني.عاشت الريحان وجبلها عشتم جميعا عاشت وحدتنا وعاشت المقاومة ليبقى لبنان”.

زر الذهاب إلى الأعلى