بأقلامنا

مجموعة ” هلا صور”  منارة ثقافية بقلم المهندس محمد جعفر شرف الدين

مجموعة ” هلا صور”  منارة ثقافية

بقلم المهندس محمد جعفر شرف الدين

رئيس مؤسسات الكلية الجعفرية في لبنان

بسم الله الرحمن الرحيم

لا بد لي بداية , من التنويه بمجموعة ” هلا صور الثقافية الإجتماعية  “ وموقعهـا الإعلامي الإلكترونـي الذي بفضل القيمين عليه , حجـز لنفسه مكانة مرموقة بين سائـر المواقـع الإعلامية في مدينة صور خاصة ومنطقتهـا عمومـا . هذا الموقـع المزيّن والمميز في إيلاء الأوضاع الخطيرة في القدس إهتماما لافتا , ويرعى على الدوام , أخبـار القضية الفلسطينية – بوصلة قضايـا الأمة – دعماً إعلاميـاً وتغطيةً إخبارية ومتابعة لما يجري هناك , يسلط الضوءَ على معانـاة الشعب الفلسطيني  وظروف عيشه البالغة التعقيد .. وفي غمرة هـذه المسؤولية الإعلامية , نجد هذا الموقع , قد أولى الشأن الإجتماعي أيضا , الإهتمـام الذي يستحقه , وقـد أفـرد له حيـزاً واسعا من التغطية والمتابعة وذلـك بتخصيص مسـاحـات نشر تعبـق ثقافـة وتنضح فنـاً , بـاحثـاً عـن المبدعيـن فـي مجالاتهــم والموهوبيـن فـي حقولهـم مـن الفنانين والأدبــاء والشعـراء , ومنهم على سبيل المثـال لا الحصر , الشاعرة اللامعة ” فاديـا حسون ” ..

أما بعـد .. من هنـا , من رحاب المؤسسات الجعفـرية , التي أسسها ورفـع إسمهـا , ألإمــام السيد عبد الحسين شرف الدين طيّب الله ثـراه , فأشادها صرحـاً ممرداً انتصب بأموال الجاليـة اللبنانيـة في بلاد الإغتـراب , يحتضن أهلنا وابناءنـا في جبل عامـل ولـؤلـؤتـه مدينــة صــور , مدفـوعـا بنُبلِ الغايــة , لتأخـذَ الجعفـريـة بأيديهـم , تعلمهـم و تناهض الجهـل والأمّيـة , تثقفهـم وتسـاهـم فـي بنــاء شخصيتهــم , فتكسبهـم هويـّـة وطنيـة أصلية وأصيلة , وتزودهــم بسـلاح المعرفـة : عِلمـا وثقافـة وإرادة صلبة , تشحن طاقـاتهم وهـم يتطلعـون نحـو المستقبل المشرق .. ومن بعـد السيد المؤسـس , إنبـرى والـدي رحمة الله ورضوانـه عليه , السيد جعفـر , لمتابعــة الرسالـة , فكـان خيـر من يؤتمَن على الوديعة التي رعـاهــا بهـدب العين وضياء العقل وشغـاف القلب .. وها نحن من بعدهما , نتابــع المسيرة ونكمل الرسالـة , سالكيـن الـدرب الذي رسمــاه وحافظين العهد الذي قطعناه ..

أمَـا ونحن في مستهل شهـر آب من هـذا العام 2017 , مودّعيـن ” تمـــوز ” بأيامه الحـارة , وحرارته تأبى مبارحة الذاكرة الحية التي لا تنسى أحداثا بالغة الأهمية , وسَمتْ تاريخنا الحديث وعلى مستوى الأمة العربية بأسرها : تمـوز الذي حفـر في وجداننا وعيـاً عميقا لقضايــا الوحـدة والتحـــرر, كيف لا وثـورة 23 يوليــو في مصر, مازالت نـوابضهـا تعتمل فـي ضمير كل حيّ حريص على قضايــا أمتنا العربية , وتطلـع شعبنا نحو التحــرر من التبعية للأجنبي وتحـريـــــر الأرض من رجس الإحتلال الصهيوني وعودة الشعب الفلسطيني الى رحاب أرضه , فضلا عن الحريــة وتأمين سبل العيش الكريـم .. نعـم , في يوليـو نهضت مصر الجديــدة , مصر التصدي للعـدوان الثلاثي , وتأميـم قنــاة السويس , والإصلاح الـزراعي , ودعـم حركات التحرر الوطني وفي مقدمها ثورة الجزائر والثورة الفلسطينية , ومصر , قلب حركة عدم الإنحياز…

وشهر آب , حيث تستدعي الأمانة , التوقف عند بعض المعاني ذات الدلالة الوطنية دون منازع وأولها : عيد الجيش وما يمثله لنا , نحن اللبنانيين أجمعين .. الجيش حامي وحدة الوطن ,مدافعا  عن شعبه . الجيش الرابض هذه الايام هناك , حيث الخطر يتهدد البلاد والعباد والمصير , يذود  عن الثغـور , باذلا الغالي والنفيس , درءاً لخطر الإرهـاب والحؤول دون تمدده , وذلك بالتكافل والتضامن وبأعلى درجات التنسيق مع المقاومة التي أخذت على عاتقها , محاربة قوى الإرهاب والقضاء على البؤر التكفيرية المدمِّرة للوطن والمجتمع حفظا للوجود . كل ذلك , وسط احتضان وتأييد من اللبنانيين الشرفـاء , في إطــار من التكامل الخلاق بين مكونـات تلك الثلاثية الماسية : الشعب , الجيش , المقاومة , والتي أثبتت حاجة الوطن الملحّة اليها , حفاظا على لبــنان بجميع أطيافه , وطنـاً ومساحة رحبـة للعيش المشترك . ثلاثية تصون البلاد والشعب , وتُبعد عنهما ما يتهددهما من عدوان صهيوني وإرهاب تكفيري على حـدٍّ سواء , ودون أي اعتبـار أو وزن لمن   لا يرى – او لا يريد أن يرى – الحقيقة كما هي , لا بل آثـرَ دفـن الرأس في الرمـال , فلا يشهد شـرعيـة الإنتصارات المُدويـة , ولا يعايـن إنجـــازات مادتْ الأرض تحـت أقــــدام أبطــالهــــــا وارتـوت من دمــاء الشهــــداء الذيـن هـم عنـد ربهــم أحيــــاء يـرزقـون , في حيـن ظلَّ البعض أسـير فكـره الخشبي المتكلس عنـد حـدود مصالحـه الضيقة , أيـن منها المصلحة الكبـرى لوطـن أكبر .. !

ولا تأخذنـا حرارة الأحداث بعيدا لتنسينا الذكرى التي ستحل بعد أيــام ..ذكـرى فقيد كان من  رعيـل الجعفرية وخريجيهـا المجليـين .. ذكـرى أربعيـن المغفـور له العلامـة الحُجة السيد احمد شوقـي الأميـن , نوّر الله ضريحه .وإذ نمـرّ الآن فـي هـذه العجالة على ذكـراه , نشاطـر عائلته ومحبيه العزاء , متضرعين الى الله تعالى , أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ..

وشهر آب الزاخـر بالمناسبات ودلالاتها , تسـكن في وجداننا وواقعنا , ذكرى تغييب الإمـام الصدر ورفيقيـه , وهـي مناسبة تشكل في أبعادهـا الوطنية والشعبية والدينية والإنسانية , قضية تحظى بإجمـاع المجتمع الإنسانـي من أجل فـكِّ عقدهــا وإماطة اللثـام عمّا يكتنفها من غموض , فإننـا مع كل الشرفــاء , يحـدونــا الأمل , وننتظـر اليـوم الذي تُحلّ فيه هـذه القضية وتصل الى خـواتيمهـا المرجـوة , ونبتهل الى الله عـزَّ وجـلّ بأن يعيـده ورفيقيـه الى ذويهـم سالميـن , والـى ربـــوع الوطن الـذي هـو اليـوم بأمـسّ الحاجـة الـى فكـره واعتـدالـه وجهـده ودوره المتـوازن , وسـط هـذه الأحـداث التي تعصف بنــا فـي هذه المرحلة من تاريخنا القلق . ولعل المصيـر الـذي  شهده الطاغية , المجرم القذافي , ما هو إلا جزاء على ما اقترفت يداه الآثمتان .. فهل مَن يعتبر..؟

زر الذهاب إلى الأعلى