بأقلامنا

علي شعيب…إعلامي ميداني مقاوم صديق الأرض بقلم// جهاد أيوب

 

المثابر …هو
ابن الأرض …هو
بكل تواضع صديق التراب…هو
بمحبة الفلاح المتصالح مع الجبال والتلال والوديان…هو
كأنه الزارع الفنان، ورفيق الأشجار والزرع والمشاوير…هو
لم يكل ويتعب…إنه ببساطة وبمحبة…الزميل المتمرس بدوره في مهنة المتاعب علي شعيب…
الخبير بأسماء مناطقنا، وكل شبر من جنوبنا، وصاحب العزم والشباب والمقاتلين في الجبهة والساكنين بين جدران الانتظار كي يطلع عبر المربع ويخبرهم الحقائق… والحقائق بينهم ومعهم ولكنها من علي شعيب أكثر مصداقية وفيها عنفوان المهنة والصبر!
أقصد علي هو عنفوان حروبنا مع العدو الصهيوني، وهو الصادق في نقل الخبر، وجبهة قائمة بذاتها، ورسمها بدماء لا يعرف التلوث، ويعد خبره ببساطة أهل الطيب حيث يرافقهم في الجبهات، ولكونه المطلب وشاء كما يشاء الفجر في بلادنا، وكما تشاء الشمس خلف جبالنا ومطر يروي خبر التراب…هكذا علي اليوم!
لا نبالغ حوله وفيه ومنه…إنه الزميل علي شعيب مراسل قناة “المنار” وإذاعة “النور”، وهو سوالف الناس وكبار السن الرابطين خلف الذاكرة والبصر والتنهيدة، والخبير في إشغال العدو الصهيوني دائماً، يراقبونه بحقد، يوزعون المناشير ضده، يحاولون اغتياله ويدركون قبلنا أن علي جماعة إعلامية متنقلة، هو راية الإعلام المقاوم رغم جراحه واصابته المباشرة حتى أصبح الشهيد الحي في الإعلام عبر العالم ولا يزال هو هو ذاك الشاب الحامل لجرحه، والمتنقل من مكان إلى مكان رغم الشيب الذي زين بقايا الشعر في رأسه، رغم الشيب الذي صادقه وصادفه منذ عمله ربيعاً إلى خريف العمر مع إنه لا يزال في مهنته نشيطاً وشاباً…كأنه بدأ منذ قليل!
هو الأفقه، لا بل الوحيد الأفقه بالإعلام الاستفزازي في أرض المعركة، والأفضل الأفضل بين كل المراسلين الحربيين الحرفيين، وكم مرة صنع الخبر، وكشف نوايا خبيثة من العصابة الصهيونية…هو ميدانياً المراسل الحربي الأهم هنا وهناك، ولا يُفبرك كما يفعلون في الغرب، ولا يُدجل كما يفعلون العرب، ولا يُدخل هذه المنطقة بتلك، ولا يُكذب من أجل ثرثر فارغة لحشو الوقت البث، ولا يهرب كما يفعل العرب قادة وإعلاماً وأدعياء الوطنجية، بل يقتحم، يتكل على الرحمن ويخوض بدوره!
علي لا يشخصن الاحداث، ولا يعتبر عمله وظيفة، بل ينطلق من أن دوره شراكة مع المقاومة، وهو في قلب القضية، وهو عمق الوطن على عكس من يحدد الوطن في مشاريعهم التجارية والزعامة المأخوذة من سفارة، والأهم أن علي شعيب إبن الأرض الجنوبية اللبنانية يدرك من التجربة ككتاب يُدرس، يدرك كل حرف حركة تحسب على المعركة لا على الاستعراض ورفع العتب!
علي شعيب خميرة نضالنا الإعلامي احببته أو نافقته او كرهته غيرة منه، وصورة تعبيرية صادقة وإيمان لوضعية حقيقة الحدث في قلب المخاطر…ولا يزال بتعبه كأنه إبن البداية في إعلام المراسل الحربي!
متماسك مع ابتسامة، وصامد مع صبر الغبار والصعاب، وأول الواصلين إلى النقطة، وإذا أردت اكتشاف صبر علي شعيب انظر إلى عينيه كيف تلمعان وتصغران من هموم المشاهدة، وترجمات في ذاكرة حتى الآن لم تشيخ، وهي ذاكرة علي شعيب الحية والجاهزة…
يدهشنا علي في استمراريته، ويقلقنا علي لكونه يعشق “الطحش” أكثر من المغامرة، وكم مرة نتصل به لنلجم ” طحشاته” فيستمع ويضحك ويعد بعدم “الطحش” وبلحظة يعاود ما زرعه فينا من خوف القلق عليه وقلق الخوف من طحشاته!
كيف يمكن لعلي أن يتحرك في أرض المعركة وعدونا غدار وقاتل ولا ينتمي إلى الأرض بل ينتمي إلى فعل الشيطان، وربما ثقة علي بفكره وعقيدته وأرضه ووطنه تحتم عليه السير بين الالغام لكونه يدرك ما خلف كل حجر وجل، وكم كانت شجرة الزيتون غطاء له، وشجرة التين ظله، وشوك الصبار بلسماً لصبر إنتظاراته ومنهجيته في تصالحه مع أرضه وفعاليات عمله.
علي شعيب يتطلب أن يُكرم منفرداً وليس مع جماعة لكون علي هو جماعة بفرد، ووجب أن تستغل ذاكرته خاصة أن الشعر تساقط وأصبح الرأس اقرعاً، ومن أصول المشوار لا بد من تسجيل حلقات مخزون تاريخها في ذاكرته قبل فوات الأوان…اقصد لا بد في هذه المرحلة تسجيل ” مشاهدات من ذاكرة المعركة” وعلي خاض كل معاركنا مع العصابة الصهيونية حتى نتعلم نحن، ويتعلم الجيل المقبل من الإعلام المقاوم أصول العمل المشاهدة النقل والصبر خارج الضوضاء والعنصرية والتنظير خاصة أن علي ومنذ سنوات أخذ بتدريب ولده المهذب حسن على رفع راية إعلام المقاومة!
ملاحظة: هذا المقال كُتب من سنتين على اساس أن علي قد يستشهد، وهو يعلم بأنني كتبت المقال عنه، واليوم وجدت أن الواجب يفرض أن يقرأ علي شعيب الحروف الصافية عنه قبل استشهاده المنتظر…

زر الذهاب إلى الأعلى