بأقلامنا

الطائرة الاثيوبية .. بقلم الكاتب الدكتور عماد سعيد

ليس الموت بحد ذاته الذي يدفع الى البكاء و الحزن لكن ان يموت الانسان دون ان يعرف سببا لذلك، فالمصيبة اكبر و الفاجعة اكبر هى ان تدفن اشلاء مشكوك بامرها. هل هي تعود لاخي، لابنتي، او زوجي او طفلي .. وبالتالي الى اين يذهب ندب هذه العائلة او تلك.
صحيح طال الوجع طال جميع عوائل الطائرة الاثيوبية، لكن الموت هو شيئ خاص بالميت و عائلته، انه حميم بقدر ما يحمل من الم، و سيبقى التساؤل قائماً من دفن من، و هل هذا الراقد في رطوبة و عتمة القلب يخصني او هو لغيري. و اذا كان الموت وحد الضحايا بالرحيل الاخير، لكن من بقي من الاهل احياء يرزقون، هم في عالم اخر من الارتباك و الريبة و مع ذلك طمحوا لاقل الممكن، حفنة من عظام واروها الثرى مع وهم ليس لهم سواه: ان ذلك الراقد تحت الارض من لحمهم و دمهم و على هذه القاعدة العبثية …على العائلات ان تقنع بان الحياة مفتوحة الى الامام ولا ننظر الى الخلف. من مات مات ومن لم يمت فان الساعة اتية لا ريب فيها .
من الصعوبة في بمكان ان نتعرف على القتيل دون القاتل. و هذا وجه اخر لماساة نحيي اليوم ذكراها. مما لا شك فيه ان تاخر عمليات الانقاذ لاجساد تناثرت من شاطئ بيروت الى الناعمة، زاد من حجم الكارثة وقد لاحظنا ساعة الحدث ان لا جهوزية كاملة عند فرق الانقاذ، ولا تنظيم في مسح الاماكن المفترضة فصار او تحول البحث عن ابرة في كومة قش، و الذي ضاع في عمق البحر اكثر مما وجد
طبعا ً، الادعاء بان لبنان غير مؤهل لمثل هذه الحالات الكوارثية هو عذر اقبح من ذنب. سيما و ان اكبر حدود لبنان تقبع على مقربة من البحر من اقصى شمالها الى اقصى جنوبها، ومع ذلك فالدفاع المدني بمنأى عن هذا التوجيه.
اشكالية ثانية لا تزال في حكم المجهول. من وراء تفجير الطائرة الاثيوبية، و بالحد الادنى لماذا انفجرت بعيد اقلاعها بقليل؟
التحقيقات لم تذهب الى نتائج حاسمة، و بقيت الافتراضات تقوم مقام الادلة، فلا احد بالمناسبة من المحققين ذهب الى معرفة ما جرى. ومن الافتراضات المتداولة انذاك:
كان على متن الطائرة عناصر قيادية من حزب الله، و عليه فان اسرائيل وراء هذا العمل .
والتصقت فيما بعد بالمهاجرين اليهود الذين لجأوا الى وطنهم الام! ولكن لمن مثل هؤلاء و هم من الدرجة الاخيرة على مقياس السلم الاجتماعي في الكيان الصهيوني.
الى مزيد من اجوبة لن يطالها اهالي الضحايا، ما لنا سوى المشاركة في مآسيهم و احزانهم التي صارت جزءاً من حياتهم اليومية. و ليس امامهم الا ان يلموها دفعة واحدة لدفع سؤال واحد : كيف قضى بلمح البصر كل الاحباء.؟
أقلام جنوبية – الخميس 19 كانون ثاني 2012-
زر الذهاب إلى الأعلى