بأقلامنا

سهام مبارك…إعلامية كويتية صنعت زمنها الذهبي بقلم// جهاد أيوب

سهام مبارك إعلامية مهذبة، مذيعة متفوقة، زميلة من غير مشاكل!
الكويتية سهام مبارك صنعت زمانها الذهبي في الإعلام الكويتي بهدوء، وسبحت عكس ما كان سائداً ومنتشراً فتركت صفحة قيمة، وابتعدت دون الضجيج والازعاج والانزعاج!
تعتبر فاطمة حسين أول مذيعة كويتية، وتلتها كوكبة مؤسسة ومهمة مثل نورية السداني وماما أنيسة وأمينة الشراح…واقتحام ما بعد هذه الكوكبة غاية صعبة المنال، ولا بد من مقارنة، ورغم اختلاف الزمن والحياة والشكل والضوء أطلت سهام مبارك باختلافها عن الجميع بما كان وما حدث وما هو حاصل، وهنا الصعوبة في أن تكون!
منذ الصغر كانت سهام عاشقة للإعلام، وحينما بلغت العاشرة ربيعاً أُخذت من قبل الأهل إلى الإذاعة، ولكن مديرها آنذاك نصحها بالدراسة والتفوق ومن ثم اهلاً وسهلاً…
عام 1961 انطلقت المرأة الكويتية في مجال الإعلام وفنونه، وأيضاً ذات أمسية إذاعية كانت انطلاقة سهام مبارك من خلال ” للمستمع مع التحية” إخراج عيسى محمد الذي ساندها وساعدها وتعلمت منه الكثير، وبعد نجاحها الكبير إذاعياً ذهبت إلى تقديم البرامج في التلفزيون الرسمي من خلال برنامج ” أبيض وأسود” مع المخرج حبيب دشتي والمعد المختلف والمجتهد محمد الدريع…
منذ بداية الصورة وضعت في قالب البرامج الحوارية الثقافية المتزنة، وقالب السهرات الشعبية والتراثية، وهي اليوم ومن دون تعمد أثرت المكتبة التلفزيونية والإذاعية، لا بل تزخر بما قدمته سهام.
حينما اقتحمت سهام مبارك الشاشة كانت كل الظروف تعاكس المرأة المحجبة، والمتزنة والجدية التي لا تعرف المكياج الصارخ ولا الدلع أمام الكاميرا، ومع ذلك فرضت شخصيتها من دون ثرثرات إعلامية، وقدمت نموذجاً فيه بريق الموهبة وقيمة المرأة السيدة والملتزمة العاشقة للمغامرة في الإعلام دون تنازلات، ونجحت، واغنت مساحة تشبهها، وتشبه طموحها، وتليق بالمرأة مهما اختلفت الظروف والمظاهر والحياة في حينه ولا تزال!
وهكذا حدث، وانطلقت في دنيا الإعلام عبر إذاعة دولة الكويت، ومن ثم شاشة تلفزيون الكويت…غنية بما لديها خارج مشاكل الزملاء التي اعتدناها، لم تهتم بعروض الأزياء وموضة الستات لكنها كانت تطل بأناقة كويتية ثرية بماضيها وحاضرها معاً، وسريعة البديهة، تحاور بذكاء، تناقش بوعي، وتجالسك بمعرفة ماذا يدور من حولها في البرنامج وخارجه…اقصد سهام مبارك تعبت على أن تكون الإعلامية الإنسانة، وأن تكون الأم المضحية دون كلل، وأن تكون الصديقة الوفية، والمحبة في كل المناسبات والظروف.
سهام مبارك إعلامية لم تركض خلف الشهرة، ولم تتوسل بأن يكتب عنها، بل اجتهدت بما تحب، تعشق، وجعلت من تجربتها مدرسة في الاتقان والإتزان!
ذات مساء، وبعد الغزو العراقي- الصدامي للكويت قرأت انزعاجاً من اختيار مذيعة سيدة متزنة ومحجبة ومقتدرة لبرنامج السهرة في تلفزيون الكويت، وبالطبع كان قد بدأ الدلع والغنج والجمال يغزو شاشاتنا وعلينا أن نستسلم إلى ذلك بحجة المواكبة، ولكن سهام لا تمتلك غير الموهبة الواضحة والاتزان وأناقة المرأة التي تحترم المرأة…وهات يا تنظيرات قاسية والقليل من الموضوعية!
تابعت الحلقات فوجدت أنني أمام مذيعة متدفقة محبة وشطارة وموضوعية وهضامة، وها أنا تعرفت على سيدة محتشمة، محافظة، مقتدرة في موهبتها، غير ثرثارة، ولا تحقد أو تكره أو تغار من غيرها…وتحاور بذكاء الموضوع المطروح، ولا تتخطى الأدب…وكتبت نقدي، وإعجابي بهذه المذيعة الجديدة، ويومها قال لها وكيل الوزارة:” كل ما كتب عنك بكفة، وشهادة أيوب تكفيك، وتعطيك حقك”!
ولم اغير رأي بمذيعة إسمها سهام مبارك، وأنا أعلم بعدم رغبتها بالكتابة عنها، ولا تحب ذلك، لا بل لا تحب أن تُكرم، وتعتبر من سبقها يستحق التكريم، ولكنها ترفض أن نقول أنها تستحق التكريم…لذلك أطالب الجهات الحكومية والخاصة العمل على تكريم سيدة من زمن التفوق القيمة إسمها الإعلامية سهام مبارك.
سهام مبارك تعشق الإعلام، ولم تبتعد بإرادتها، ولكن قراراً إدارياً شفهياً أصدر بمنع المسؤولين في جهاز التلفزيون عن العمل في البرامج، فإبتعدت، وراقبت حتى تقاعدت مع إن الإعلام والتقديم يليقان بها!
هي اليوم مكتفية بنجاح أولادها، وبمراقبة الإعلام بما حمل دون وجع الرأس، وخارج الحسد، وبعيداً عن الغيرة…إنها تسعد بنجاحات الجيل الجديد، وتفتخر بالجميع!
الإعلامية الكويتية سهام مبارك صفحة في كتاب الإتزان والإحترام في مهنة يحوم من حولها الكثير من الدبابير والغيرة والحقد…!

زر الذهاب إلى الأعلى