أخبار لبنان

يوم وطني بامتياز في عزاء الرئيس الحسيني في البيال

تقرير محمد أبو إسبر

وطنية –  الرئيس حسين الحسيني في ختام مراسم تقبل عزائه، كان كما عهدناه في حياته، قامة بحجم الوطن، حيث تقاطر إلى “البيال”، كل رجالات الدولة وأركان السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والعسكرية والأمنية والدينية، وممثلو الهيئات الديبلوماسية العربية والأجنبية، والكلّ دوَّن في سجل التشريفات كلمات وجدانية أشادت بدور ومواقف وفكر وفقه وبُعد رؤية الراحل الكبير، الذي استقال ذات يوم من عام 2008 من مجلس النواب، بعد أن مثل الشعب اللبناني والأمة في الندوة البرلمانية طيلة 36 سنة متواصلة خير تمثيل، ولكنه لم يستقل حتى الرمق الأخير من إبداء النصح وتصويب البوصلة بالإتجاه الصحيح في الملمات والشدائد، وكلما استدعى الأمر.

وتاريخ 16 كانون الثاني كان بالأمس أشبه بمؤتمر وطني جمع المعزين والمحبين، وكان صلة وصل بين كل الأطراف المتخاصمة والمتنازعة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، قوى تغيير ورموز سلطة، وما بينهما من قوى وطنية وإسلامية وعلمانية وهيئات مجتمع مدني، التي وجدت في حامي الدستور والوفاق الوطني، وعراب الطائف ورجل الحوار، الخلوق والهادئ واللبق، المثقف والمتميّز بأفكاره النّيرة، الركن اللبناني الأصيل الذي يجمع ولا يفرِّق.

ويوم الرئيس الحسيني، كان كما يحلو له التوصيف، يوم العيش الواحد، والوطن الواحد، والشعب الواحد، وكان المعزون يعزون أنفسهم قبل عائلته، وروايات لقاءاتهم وتجاربهم معه ترددت أصداؤها في قاعة “سي سايد بافييون”، ولسان حالهم العزاء للوطن على امتداد مساحة ال 10452 كيلومترا مربعا، برحيل أحد أبنائه الصادقين المؤمنين بلبنان الرسالة.

وربما يختصر هذا اللقاء ما قاله سيادة المطران الياس عودة: “خسرنا لبنانيا أولى لبنان على كل القضايا، كان لبنانيا حقيقيا، وأنعم الله علينا أننا عرفناه … الرئيس الحسيني لم يكن شخصا عاديا كان لبنانيا حقيقيا”.

ولعل توزيع نسخات الدستور اللبناني، العلامة الفارقة التي تؤشر إلى رمزية إرادة الرئيس الحسيني لو كان له خيار التنظيم والإعداد، كيف لا وكان دستور الجمهورية اللبنانية الثانية هو هديته المميزة، ربما لأنه احتوى في مقدمته خلاصة ما أراده الذين التقوا في الطائف في خريف عام 1989، والعين ترنو إلى ربيع يزهر تفاهما وبراعم تواصل مثمرة، لطي صفحة قاتمة من نزاعات مقيتة بين أبناء الوطن الواحد، بغض النظر عن أسبابها ومسببيها، والنافخين في نارها، والمؤججين لفتنها آنذاك. وعسى أن تكون هديتنا له بدورنا أن نطبيق كل ما ورد في اتفاق الطائف من مواد وتطلعات دون إبطاء أو تلكؤ.

 

زر الذهاب إلى الأعلى