بأقلامنا

لبنان التحديات الجديدة بقلم الكاتب ماهر مقلد

يواجه لبنان البلد العربى الشقيق وضعا اقتصاديا بالغ القسوة نتيجة قرارات سياسية واقتصادية ومعادلة جغرافية غير مستقرة بجانب إرث تاريخى يعصف باستقراره ويقف حاجزا أمام تسوية الملفات الصعبة التى يعانيها، فى لبنان الوضع الاقتصادى شديد القسوة على المواطن اللبنانى، خصوصا مع وجود ما يصل الى ثلاثة ملايين لاجئ فى لبنان من فلسطين وسوريا فى دولة صغيرة المساحة الجغرافية ومحدودة الإمكانات الاقتصادية، وأصبح ملف اللاجئين فى لبنان موضوعا شائكا وشديد التعقيد، ولا توجد رؤية واضحة للتعامل معه أو تجاوز تأثيراته، فى ظل التباينات الداخلية وتعدد وجهات النظر بين القوى السياسية الداخلية والخلافات السياسية المستمرة بين الأحزاب والقوى السياسية وجميعها تقف أمام وحدة القرار اللبنانى فى مواجهة القضايا الوطنية.

الملفات المهمة فى لبنان معطلة بسبب الخلافات السياسية فحتى تاريخه لم يتمكن رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتى من تشكيل الحكومة الجديدة، وهناك تصريحات علنية بأن الأمر قد يستغرق وقتا أطول قبل أن ينجح فى ذلك بسبب تعقيدات المشهد والخلاف المعتاد على توزيع الحقائب الوزارية وعدم التفاهم بين القيادات، وهناك استحقاق مهم ينتظر لبنان هو انتخابات رئيس الجمهورية فى أكتوبر المقبل والصورة غير واضحة، هذه العناوين السياسية تقف أمام الاقتصاد اللبنانى الذى يحتاج إلى الدعم ووحدة الصف اكثر من اى وقت مضى.

هنا يجب التوقف أمام قرار حكومة الدكتور حسان دياب وهى الحكومة التى جاءت بعد استقالة حكومة سعد الحريرى عام 2019 بتجميد ودائع وحسابات العملاء فى البنوك، وهو القرار الذى صدر مع حزمة قرارات أخرى 0منها توقف لبنان عن تسديد الالتزامات للمؤسسات الدولية بعد انهيار العملة اللبنانية فى مقابل الدولار الأمريكى، يومها خرج الدكتور دياب الى الشعب اللبنانى يعلن أن الحكومة لم تعد قادرة على تسديد هذه الاستحقاقات وان الاولوية لها هى توفير احتياجات المواطنين اللبنانيين، ولكن بالتجربة جاءت النتيجة مؤلمة على المواطن بعد أن فقدت العملة اللبنانية القدرة على مواجهة الدولار واصبح الدولار الامريكى يعادل 30 الف ليرة لبنانية فى حين كان يعادل 1500 ليرة فقط. هو ارتفاع جنونى.

منذ ذلك التاريخ تغيرت الحياة فى لبنان وسادت حسرة كبيرة بين المواطنين الذين فقدوا ودائعهم فى البنوك فى الوقت الذى قفزت فيه الأسعار والخدمات بشكل غير مسبوق، وتفاقمت مشكلات الطاقة، وفى ظل هذه التحديات يطرح البعض سؤالا كيف يواجه المواطن اللبنانى هذه التحديات الصعبة والقاسية خصوصا من فقد حرية التصرف فى أرصدته فى البنوك ولم يعد له مصدر دخل فى لبنان، الاجابة تسمعها من جميع اللبنانيين وهى أن كل اسرة لبنانية لها ابن او عائلة تقيم خارج لبنان تتحمل عبء ذلك وترسل الأموال إلى لبنان بعيدا عن المصارف من أجل أن تستمر الحياة وتستطيع العائلات تدبير حياتها، لكن الصورة تغيرت تماما ولم تعد كما كانت من قبل بمعنى أن الظروف الاقتصادية تضغط على الجميع فى انتظار تشكيل الحكومة الجديدة التى وعدت بأنها ستبحث فى مصير أصحاب الودائع.

الملفات فى لبنان التى تهم المواطن بعيدة عن البعد السياسى، لكنها بكل تأكيد مرتبطة به فمثلا موضوع اللاجئين هو بعد اجتماعى وسياسى واقتصادى، كما أن حل مشكلة الودائع يحتاج الى جهود الحكومة وعلاقة لبنان بالمجتمع الدولى، كل هذا يحدث فى وقت لا يعرف فيه لبنان الهدنة الداخلية بين القوى السياسية، وهناك عدم ثقة واتهامات متبادلة تعكر من هدوء الجبهة الداخلية وتضع القرار دائما امام حسابات الطوائف التى تضغط على صانع القرار،والحقيقة أن صانع القرار فى لبنان يحتاج الى الدعم الخارجى والمساندة والإمكانات الداخلية لن تساعد فى مواجهة هذه التحديات وكلما تأخر الوقت تتعقد الاوضاع اكثر.

وشهادة واجبة هنا وهى أن البطل فى ذلك هو المواطن اللبنانى الذى يتحمل بصبر كل هذه التحديات ويتعايش مع الواقع بقدرة وصبر وحكمة فى انتظار أن تتحسن الأحوال ويعبر لبنان هذا الموقف الصعب، وان تمد الدول الصديقة وفى المقدمة الدول العربية يد العون الى لبنان وشعبه العربى.

زر الذهاب إلى الأعلى