بأقلامنا

ثقافة الباب العالي بقلم الفنان الأستاذ علي كلش

الثقافة والحضارة توأمان لا ينفصلان في تقدم البشرية فالمجتمعات الراقية والمتقدمة تعتمد على العلم في اثبات حضارتها وثقافتها الهادئة وبما أن البلدان المتطورة حاولت جهدا أن تفصل ما بين المبادئ وعلم التجارة لذلك نرى الثقافة تأخذ منحى واسعا في البلدان المتطورة وحين تقع الثقافة بين أنياب المبادئ وعلم التجارة تصبح محبطة، متقاعدة مشلولة. خاصة أن مجتمعنا الحالي يعتمد على المال وهذا ما يصح عليه قولنا، فما أكثرهم أصحاب الأقلام وما أكثر عددهم ولكن قلّت الكتابات وكثرت المدائح. وأصبحت الأقلام سلعة لأصحاب الجاه وتحول الناقد لمادح، والكاتب مجرد واصف لأصحاب المعالي من الباب العالي ونزولا، وتجيّرت الأقلام لأصحابها وابتعدت عن آمال، وآلام الشعب المحبط بأسياده، وذابت الحرارة الشعرية بالحرارة النقدية “الفلوس” وتبدلت الأحوال من سوق عكاظ الى سوق الالمان ومن الجياد الى المرسيدس الشاردة وأصبحت الأقلام كزيت يصب، وذابت العقول والذاكرة ماتت والمخيلة ضاعت، والصورة تبدلت، وهكذا بين يوم وليلة ينقشع الغبار وتبان الحقيقة، ويظهر لون السواد من البياض ويصبح العارض كالمعارض وتصبح الكتابة كالقراءة والسمع كالبصر وتحبط الأمور وتنصاع الأقلام لأصحاب الأفلام والصور للمذياع وتختلط الألوان وتضيع الأفكار وتصبح كالماء لا لون له ولا طعم وتضيع، وتضيع، وباسم الثقافة نركب الأمواج وباسمها نخوض البحار، ونصارع الدمار ونحلق بالأجواء ونركب الفضاء، وتجول وتصول بعدما كنا نقول: الثقافة يا اخوان  علم من علوم الحياة فسخرها لك تصبح ملك، وهكذا تشاء الصدف وتصبح العلوم، كأرقام حسابات تدخلها البنوك.

                 وتتيه العقول فيما بين التجارة والبنوك والتجارة والملوك، وتضيع الأمم……. والشعوب.

    ويبقى وجه واحد اسمه: الثقافة، في دروب الملوك أو على رفوف البيوت فحتى تحين الساعة، وتصبح الثقافة في الدروب فما عليك إلا حمل أمتعتك والهروب…!

رئيس القسم الثقافي في مجلة هلا صور الثقافية الإجتماعيه

زر الذهاب إلى الأعلى