تحقيقات

ماذا عن قضية الإمام المغيب السيد موسى الصدر ؟

امس ، مساء الجمعة في ١٦/٠٨/٢٠١٩ ، كنا على موعد في ندوة مع مقرر لجنة متابعة قضية إخفاء السيد موسى الصدر ، سعادة القاضي الأستاذ حسن الشامي و ذلك في الساعة التاسعة مساءً في ديوانية “أبي الفضل العباس” في منزل سماحة الشيخ أحمد مراد في بلدة بريقع و بحضور العديد من الأخوة .
تكلم سعادة القاضي و حاول أن يبتعد قدر المتاح ، عن التحليل والسياسة والرأي الشخصي و بقدر ما سمحت به ظروف القضية ، سارداً الكثير من الوقائع بكل جرأة و موضوعية ، لم يراع احداً في استنتاجاته المرتكزه إلى وقائع ثابته و مؤيدة لبعض الخلاصات التي توصل أليها بحكم عمله الدؤوب في المتابعة الخاصة لقضية السيد الصدر و كذلك بعد تكليفه الرسمي بالمتابعة مع فريق من ذوي الكفاءآت المهنية ، و الشجاعة ، خصوصا أن بين أعضاء الفريق محام متبرع بوقته و بجهده من الأخوة المسيحيين اللبنانيين .
ودون اي تدخل شخصي من جانبي أورد بعضاً من الوقائع التي أنطبعت في ذاكرتي والتي قد تفيد في فهم بعض الوقائع بعيداً عن أي إجتهاد أو تأويل أو إضافة ، فقال :
١- كما في كل جريمة هناك فاعل و محرض و مستفيد و متواطيء و متدخل و”ساكت” ! .
٢- الفاعل بالتأكيد هو العقيد معمر القذافي ، والنظام الليبي السابق ، و بعض الأشخاص في النظام الجديد مازالوا يمارسون دورا كبيرا في تجهيل الفاعل بحكم أن عدد سكان ليبيا صغير حوالي (٤ مليون) و الناس تعرف بعضها ، و بينهم صلات قربى و علاقات إجتماعية ، و هم يخافون التورط بشكل او بآخر ، كما ان للمطالبات المالية من بعض عائلات المخطوفين مع سماحة السيد ( واحد مليار دولار عن كل سنة إخفاء) ، تشكل هاجسا لدى هؤلاء “الشهود” أو المتورطين و كذلك للنظام.
٣- كانت مطالبة عائلة “السيد” هي “ليرة لبنانية واحدة” كتعويض ولا تزال .
٤- تم التقدم بعروض مالية كثيرة أيام النظام السابق ، للسكوت عن متابعة القضية ، و كان الرد دائما للعارضين :
“نحن نعطيكم مالا و أعيدوا لنا الإمام” .
٥- كانت الدولة اللبنانية مقصرة منذ بداية القضية ، و أحد الأسباب هو حالة الحرب واللا إستقرار التي عاشها البلد .
٦ – الدولة السورية كانت مقصرة تجاه القضية وكان بالإمكان أن تعمل اكثر ، خصوصاً ان رجلاً بحجم الإمام الصدر كان اهم حليف لسوريا وقتها !.
٧ – الأمام الخميني كان يعتبر الإمام الصدر كولده تماما ، و “عبد السلام جلود” الرجل الثاني في ليبيا عندما أتى بعد إنتصار الثورة لزيارة إيران مع وفد رسمي ، و تم تقديمه بالإسم للإمام الخميني ، رفض مصافحته قبل جلاء القضية .
٨- الدولة الإيرانية أيضا قصَّرت في قضية السيد موسى الصدر وكان المأمول أن تبذل جهداً أكبر ، و خصوصاً ان الإمام الصدر يحمل الجنسية الإيرانية .
٩- لم يثبت أن لإسرائيل دوراً أو مشاركة في خطف و تغييب الإمام ، مع أنها مستفيد كبير من خطفه و تغييبه و خصوصا أنه من أطلق المقاومة ضدها .
١٠- لم يثبت بالدليل أن شاه إيران أو المخابرات الإيرانية وقتها ، أي “السافاك” لهم دور أو تدخل أو مشاركة في الخطف و التغييب .
١١- عملية إصدار مذكرات توقيف بحق نجل القذافي ، “هنيبال معمر القذافي” من قبل حضرة “القاضي الأستاذ زاهر حماده” كانت قانونية و بتهمة “كتم معلومات” ، و خصوصا أن المتهم هنيبال وكان عمره سنتين وقت وقوع الجرم ، قد شارك في مواقع عديدة في السلطة بعد بلوغه سن الرشد و كانت قضية الخطف والإخفاء لا زالت متمادية ، و روى الكثير من الوقائع ، وقال هنيبال للمحقق وبالحرف الواحد “سأكتفي بذلك الآن وانا موقوف عندكم ، أما الباقي فسأقوله عندما أركب الطائرة و أشعر أنني طليق….” .
١٢ – هناك الكثير من التحليلات غير المستندة إلى وقائع أو قرائن غايتها التشويش و التشنيع و خلق وقائع غير صحيحة وهي تنم وتصدر عن أناس تحركهم دوافع الحقد و الكراهية سواء في وجود الإمام الصدر أو بعد تغييبه ، لأسباب تنم عن عدائهم لخط ورسالة و مبادىء الإمام .
١٣ – أتى في السياق بعض النقد “المؤدب” لبعض الصحافة والمحامين و الأحزاب في الحركة الوطنية و غيرها …. و دون تسمية ، لمواقفهم السلبية تجاه قضية وطنية وإنسانية بهذا الحجم .
١٤- تم الرفض من قبل قادة الثنائي الشيعي لتشكيل لجنة تضم “لبنان و سوريا و إيران و ليبيا” لأنهم إعتبروها فخا للإيقاع بلبنان ولا يجوز إشراك ليبيا في اللجنة ، و لطمس القضية على المستوى القضائي ، والتهرب من المسؤولية الجنائية و إقفال الملف .
١٥- أكد سعادة القاضي المقرر ، بأن القضية هي على أعلى مستوى من المتابعة من قادة الثنائي و المخلصين ، وأن هنالك الكثير من الجهد و المعاناة والتعب والسفر المرهق والإنتظار في متابعة طرف أي خيط قد يوصل لنتيجة ما .
١٦- أنهم يواجهون الكثير من الكذب والمراوغة والمماطلة والتأجيل في الوصول للشهود والإستماع أليهم ، و في موريتانيا مثلا وعند الإستماع لأحد الأشخاص الوازنين في أمن النظام السابق ، مُنِع سعادة القاضي من قبل الأمن الموريتاتي من إدخال حتى قلم و ورقة !!
١٧ – ليس من الحكمة إعلان وفاة أو القول باليأس من المتابعة و لا حتى أن نقول :”كشف مصير الإمام” بل نطالب دائما “بتحرير الإمام” .
١٨- آخر معلومة عن بقاء الإمام حيا يرزق هي مستقاة وبالتواتر من ثلاثة مصادر حتى سنة ٢٠٠٠م ، و كما ثبت من عدة شهود ، و يمكن أن يكون ما زال حياً في مكان مجهول ، – و هذا مصدر حزن و قلق – أن يبقى الإمام الصدر حسب المعلومات اكثر من عشرين سنة حياً و دون أن يتم بذل الجهد المطلوب لتحريره ، و هذه مسؤولية الجميع ، ونحن نشعر بالتقصير تجاه هذه القضية الإنسانية .
و بسؤاله : هل تعتقد أن الإمام الصدر ذهب نتيجة صراع أجهزة دولية أو إقليمية .
أجاب : لا أستطيع التأكيد و أنا ليس لدي أدلة موثقة .
في السياق العام وعند جوابه عن عدم إتخاذ موقف من قبل سوريا و إيران تجاه القذافي وليبيا .
أجاب: لا أريد الدخول في التحليل السياسي و يبقى لكل دولة سياستها
(إنتهى)….
حاولنا أن نسرد بقدر ما أسعفتنا الذاكرة ، و هذه القضية الإنسانية ، و الصارخة بالمظلومية ، نخشى أن تدخل بعد جيل أو جيلين عالم “الأسطرة” و الخيال القصصي …
و يبقى كلمة أخيرة لي شخصيا :
“التاريخ حكاية المنتصر ، و غالبا ما يكتب في شرقنا العزيز بمفعول رجعي” …
و ختاماً ، الشكر الجزيل لفضيلة الشيخ أحمد مراد ، و كذلك لسعادة القاضي الجريء الأستاذ حسن الشامي .
محبتي و إحترامي للجميع ، والحق والحقيقة من وراء القصد .

المصدر الناشط الحقوقي غازي بنجك

زر الذهاب إلى الأعلى